و .... رحلت
" بداخلي مشاعر متناقضة ، متضاربة ، هائجة ومائجة ، تتلاطم وتتصارع كأمواج البحر ، لا تعرف تستقر ، زحمة شديدة ، وفراغ أشد ، غريب ذاك الشعور ، كإحساس أم ضاع ابنها منها ولم تجده ، حنين لشيء ، لمكان ، لزمان ، لفرح ربما ، عني رحل ؛ أود استرجاعه ولا أود ..... "
كلما مررت في حياتك بتجارب صعبة ، كلما أيقنت أن الحياة لا تستحق كل ذلك التأثر ؛ ترحل مصاعب ، تأتي غيرها ؛ تموت ضحكات ، تولد أخرى ؛ يذهب البعض يأتي آخرون ؛ هي مجرد حياة فقط ، فلنعشها بتفاءل ، وأمل وثقة في كونه كل ما يعطينا الله هو جميل ولنحمد الله على عطاياه مهما كانت ....
ربما انتظرت طويلا يا ابنتي ، وربما طال انتظارك ، ربما رايت من تحقق حلمه من نجاح وعمل وزواج ، وسفر و .... و..... و....
هنيئا لهم وسعدت وسعدنا لهم ؛ لا تيئسي ، وثقي بأن سبب طول انتظارك هو أنك ما تحملينه ، ليس بالشيء البسيط ولا الهين ولا الصغير ؛ أنت تحملين شيئا عظيما داخلك ، أنت على وشك أن تَلِدِ شيئا من رحم قلبك ، أنت نفسك لا تعرفينه ؛ فالمولى عز وجل على وشك فتح باب ، لم تره أنت من قبل ولم تتخيلينه ولم تتخيلي أنه موجود بالفعل ؛ ما ستنجبه سيفاجئك ، ويفاجيء كل من حولك ، ومن يعرفك ومن حاول تدميرك ؛ ستذهب إلى أبعد مما كنت تعتقدين وستحققين ما لم كنت تحلمين به من قبل وستحدثين ما لم تتصوريه ، سيكون لك شأنا عظيما يا ابنتي ؛ ثقي بنفسك جدا جدا ، فأنت ابنتي التي أعرفها أكثر من نفسي حتى ، ثقي بنفسك واصمدي فأنا واثقة بك وبالله ، وأعرف حق المعرفة أنك ستنتصرين على كل من حاول تدميرك وعلى كل وجع وألم حل بك ،ستنجحين يا ابنتي أنا متأكدة وجدا ؛ ثقي بالله ، فالله لا يخيب ظنك به ....
روحي أنت وكل ما هو رائع فيك أنت ؛ يا رب هبها ما تصبو له ...
كوني ذات قلب يفيض عطاءا ، وضحكة تجري من تحتها الأنهار ؛ أو شجرة تحمل زيتونا أخضر يانعا ؛ أو سنديانة معمرة مترامية الأطراف ؛ أو حدائق أزهار وورود حمراء ، أو نغم على أوتار عود بيد أبرع فنان ، أو جوهرة في عقد بجيد حسناء ؛ أو محارة داخلها لؤلؤة محمية بأمان ؛ كوني شامخة ذات سحر وكبرياء ، كوني إبنتي الشامخة الأبية ....
قبلتني وضمتني لصدرها بكل ما أوتيت من قوة وحملت حقيبتها وانطلقت والدموع تتقاطر كحبات المطر على خديها ودخلت حجرة المسافرين ... رحلت تبحث عن حياة أخرى ...
رفيعة الخزناجي
تونس
#هلوساتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق