" سئمتُ وِحدتي
ما عدت أرغب في البقاء وحدي
لا أريد البقاء وحدي
مللت تحمل كل هذه المتاعب
مللت من غيابه وفقدانه و هجره
أرهقني الإنتظار الموجع ، اختلطت عَلَيَ السبل وتاهت مراكبي ، تمزقت خرائطي وخذلتني بوصلتي للوصول إلى أي مكان وأي حل "
كلمات رددتها بكل لوعة على مسمعي ، بكت وبكيت معها ، حزنت وجدا على وضعها هذا ... شابة في مقتبل العمر، لها مكانة مرموقة بالمجتمع ، لها أصول عريقة ، تزوجت وطلقت لأسباب تافهة في نظر البعض وعميقة جدا في نظرها ... بعد زواج دام خمس سنوات تجد نفسها مع مولودها لوحدها ...
لم تتحمل ، مرضت وعانت الأمرين ولكن لا بد لها أن تصمد ، وتعتني بصغيرها ، تلك هي الحياة ، من الضروري المقاومة ..
تعود وتلقي بكلماتها على مسمعي :
" كنت أسرج له سبل الراحة حين عودته ، أضيء له البيت بنور عيني ، وأعطره بشذى روحي وأعبُ من النسيم المشبع بعطره و أتنفسه شهيقا طويلا وأملأُ صدري به ، أكتم أنفاسي عليه ، حتى يمتزج مع ذراتي و ينتشر في كلي ...
ولا زلت أنتظر لقاءه ، أنتظره كلما أسدل الليل ستائره ، وغطى الظلام الكون ، أنتظره مع كل خيوط ضوء ، أنتظره مع كل دقة من دقات قلبي ، أنتظره وأرسم صوره على جدران قلبي وأوقع في كل يوم غياب على جدران غرفتي ،
تلك الجدران التي أثقلها أنيني وآهاتي وأحزنتها دموعي وصدعتها صرخاتي ، فصرخت وبقوة :
" كفاك .. كفاك .. كفاك يا أنت انتظارا ، خذي قرارا وأنهي هذه المهزلة . " ....
الليل يوغل في الغياب ، والوقت يقطع حبالي ، وهو يمعن في البعد ، و أنا أوغل في حرائقي ، أتنفس دخانها الخانق ...
أرهقنى الإنتظار حتى صرت أراه كابوسا ، و صرت أنا شمعة تحترق و تذوب شيئا فشيئا ...
ذلك الكابوس يتعبني ، يهزني من أعماقي ، يحطمني ، ويرعبني ، يشعرني بالهزيمة ، أرى نفسي كطيرأثناء الذبح يرتعش ويقفز محاولا الفرار من الموت والعودة للحياة ...
فأفيق من فزع حلمي أبحث عن جرعة ماء تبلل حلقي الذي جف والتصق بعضه بعضا ....
تعبت يا أمي ، إيه والله تعبت ، ولا أحد يفهمني ، ولا أحد يعرف ما بي سواك ... لك أشكو وجعي وعندك فقط أفرغ حمل همومي ... ترى ما العمل يا أمي ، هل سيفرج الله كربي ؟ هل ينهي متاعبي ؟ قولي لي يا أمي ... أريحيني من عنائي ... لقد تعبت والزمن قسى وجدا علي .... "
ألقت بحملها علي كما ألقت برأسها على كتفي وانطلقت في بكاء عميق وشديد ومنه في نوم عميق كما السبات ....
تركتني أبكي في أعماقي بكاء أم حائرة تطلب الرحمة والمعونة لفلذة كبدها ....
رفيعة الخزناجي
تونس
#هلوساتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق