اشوي خربشه....
هذه رسالتي الأخيرة أو ربما هي الرسالة الأولى لبداية مرحلة جديدة ، لست أدري, ليس هذا ما جئت بصدده ولا أخاله نموذجاً يليق بما أكتب ولكن دعيني أعتمده كبداية نص قبل أن اتوغل في الحديث عن البقعة المضرجة بالدماء, عن الساحة التي تحوي عدداً كبيراً من الموتى وعن الأسرى المهددون بالقتل ! عن ذلك القلب الذي استحال إلى ساحة قتال ، سهام الحب تصيبه من كل جانب حتى أضحى مثقوباً كثيابٍ رثة، كناي لا يصلح للعزف، كغرابٍ ينعق في ليلٍ مظلم وكلب يعوي في زقاقٍ ضيقة، وناقوس كنيسة يدق بين أضلعي، اهرع إليه كنداء مسجد وأتجمهور حوله أنا والذكرى كحجيجٍ أتوا من أصقاع الأرض نرنو إليه وهو مقلد بإسم الحب يقص حكايته على منصة الوجع كآخر الشعراء ، أو كعاشق مخذول كابد العناء في مسيرة الحب وهو يدرك أن عمر السعادة قصير كعمر فراشة... أبحر فيه بجهالة دون أن يرتقي لمعرفة العواقب، لم يدرك مدى فادحة تقلب الأزمنة وتقلص الأفئدة كل شيء قابل للتغيير حتى تلك التي وهبتها أثمن ما أملك تغيرت.. لم تعد كسابق عهدها حتى صورتها الشخصية التي تنم عن الحنان والقسوة في آنٍ معاً لم تعد تتصدر شاشة الهاتف، بات الأمر مقتصراً على السلام...لم يتجاوز أكثر من جملة مفيدة، وأضحت القصائد تشكو ثقل الغبار المتراكم عليها مثل خوردة قديمة بعدما كانت ترنيمة نتغنى بها في المساء والنشيد الوطني لحبنا المتأرجح.... لا شك أن البلادة استولت على كل شيء وساد الفتور بيننا كوباء إنتشر في قبيلة وانفطرنا بعدما كنا جزعٍ لشجرة عتيقة إنني أرثي لهذا الحب الذي اضعتني فيه لغاية الحفاظ عليه، صحيح لست أنا ذلك الفارس المغوار الذي ينقذ حبيبته من بين أيدي المحتلين ولا الأمير الذي ينزل من على ظهر حصانه ليقبل يد محبوبته ولكن أنا الذي استحال إلى معطف يأويكِ من البرد في ليلة شتوية وشجرة مورقة في ظهيرة حارة، أنا الذي توغل في جحر اللغة وغامر للخوض في كمائن الأبجدية وعاش في كنف العزلة دهراً ليصبح شاعراً من أجل أن يوقظ الأنثى الغافية فيكِ وقد "فعلت" ومازلت أمارس اشتهاءاتي على جمر الذكريات وأبلغ النشوة من خلال صورة لعينيكِ الفاتنة دون أن أبالي لحجم الفجوة التي اتسعت بيننا ولكن من السخف أن أستعير السعادة من صورة فوتوغرافية وأنتِ قابعة هناك ليس ثمة إنصاف فيما يحدث ! لقد تعبت من التنقيب والتفتيش في تفاصيل مبهمة تعبت من سعيي الحثيث خلف حبي لغاية الحصول على نتيجة جلية تظهر نسبة الغشاوة على عيني وقلبي تعبت وأنا أترصدكِ كقومٍ ينتظرون هطول المطر تعبت من حبنا المتواري تحت لثام الصداقة كمراهقين يخشيان أقاويل القبيلة.... تعبت وأن اركض نحو قلبكِ كحصانٍ أعرج تبتلعه المسافات ولا يصل تعبت وأنا أقضم أظافري كفرسٍ يأكل في عشبة خضراء تعبت من استساغة الوحدة والتمدد على بساط الليل دون أن تغدقي عليّ بصوتكِ الممزوج بالغبن القاتل مثل خنجر، الحاد مثل قرار المحكمة، والموجع مثل الحقيقة تعبت من مباغتة الحنين وصهيل الشوق تعبت وأنا أحملكِ في قلبي بلا جدوى كمن يحمل حقيبة فارغة بيده.....
يزيد مجيد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق