الأحد، 8 يناير 2023

قصة قصيرة تحت عنوان{{الجو ربيع}} بقلم الكاتبة القاصّة التونسية القديرة الأستاذة {{رفيعة الخزناجي}}


 الجو ربيع والطقس يبعث على البهجة ، خرجت في الصباح الباكر أتمشى خارج البلدة ، أمتع النظر بتلك المناظر الطبيعية الخلابة ،  خضرة على مد البصر ،هواء نقي ،عصافير تزقزق ، خرير المياه الآتية من قمم تلك الجبال المحيطة بالبلدة ، منظر رائع وهدوء يبعث في النفس الطمأنينة وفي البال الراحة ، ابتعدت شيئا فشيئا عن المنزل الذي أقيم فيه ، وتوغلت وسط تلك الغابة الكثيفة غير عابئة بأي شيء ،كل ما يهمني هو التمتع بتلك الصور الطبيعية وتلك النباتات واستنشاق تلك الروائح العطرة ، فجأة لمحت فتاة ، تحت الأشجار  منكبة تربط حزمة الحطب الذي التقطته عودا عودا ، اقتربت منها فألقت علي التحية بكل أدب ،سألتها بلطف عن اسمها فردت " جميلة " وفعلا فعلاً جميلة ..سبحان الخالق اسم على مسمى لها جمال فائق ، عيون زرق وشعر أصفر كخيوط الذهب و وجه لمحتُ فيه بياض الثلج و حمرة الورد ما  أحمله !!؛ تجاذبت معها أطراف الحديث وعرفت أنها كانت ترافق والدتها يومياً إلى هذا المكان منذ أن كانت رضيعة لجمع الحطب حيث تعود به إلى البيت ومن ثم تأخذ والدتها حاجتها منه وتبيع الباقي للجيران  والبيوت الميسورة الحال و تشتري ما تحتاجه من مؤونة ... 

 ولدت جميلة محرومة الأب ،، ،هي لا تعرف ما معنى كلمة أبي ... لقد هجر والدتها وهي حامل بها، ولدت بلا أب ووجدت نفسها مع أمها وحيدة .. وفي يوم  لن تنساه أبدا كانت مع والدتها في الغابة ، وكانت أمها تبحث عن بقايا العيدان بينما تجري جميلة وراء الفراشات. فجأة سمعت صراخ والدتها ، أسرعت بالعودة إليها فوجدتها قد وقعت أسيرة فخ نصبه أحد الصيادين للثعالب ، غابت الأم عن الوعي وبقيت جميلة قربها تبكي ، مضت ليلة كاملة والأم على تلك الحال .... وفي الغد قدم أحد الصيادين وأنقذ الأم من الفخ ولكن للأسف وبعد عدة أيام تم بتر رجل الوالدة وبقيت طريحة الفراش  .... وها هي جميلة الصغيرة تحاول أن تقوم بعمل الوالدة لتوفير لقمة العيش لهما ... 
شعرت بغصة في الحلق وبقهر شديد ... أين حكوماتنا ؟ أين من يدعون أنهم أصحاب الخير والعمل الصالح ؟ أين ميسوري الحال ، أصحاب الملايين والمليارات؟ أين أنتم ياسادة يا كرام ؟ أين هي تلك الأمة التي سميت خير أمة أخرجت للناس ؟ فتاة في عمر الزهور بالغاب وحدها تحطب لتوفير لقمة العيش لها ولوالدتها المريضة وأنتم  ....  
لن أقول سوى رحم الله عمر بن عبد العزيز وعمر الخطاب !

رفيعة الخزناجي تونس 
#هلوساتي

ليست هناك تعليقات: