للأحلام أجنحة نطير و نحلق بها فوق الغيمات لنصل حدود الخيال ونجتازها أحيانا ، نحلق عاليا ، بفكرنا وسع المدى ، نعتلي الأراجيح ونعلو ونهبط مرسلين قهقهات وناثرين الجمال والفرح من حولنا ، نقطف النجوم كما الورود بكل سعادة وبهاء ، لا نفكر في شيء ولا تهمنا هموم الحياة ؛ فتلك اللحظات أو الدقائق ، هي عبارة عن مراكب فضائية تطوي المسافات بنا ، تتوقف أحيانا لنغير المكان حسب ما نراه مناسبا لأحلامنا ، وكذلك لنختار من الحدائق أروعها حتى نستنشق عبيرها وعطرها ، وحبذا لو تكون رحلتك تلك رفقة من تهوى وتعشق ويطيب معه العيش ، رفقة مرآتك ، توأم روحك ، أكيد هي رحلة قصيرة ولكن من المؤكد أنها ممتعة ....
كانت تحلم دوما ،كلما ألقت بجسدها على أريكة أو فراش وأغمضت عينيها إلا وانطلقت في رحلتها المعهودة ، تجوب مدن وقرى وشوارع وأزقة خيالها ، تعيش قصة عشقها له كما لو كانت حقيقة وعلى أرض الواقع ...
كانت هناء تلك الفتاة البسيطة والجميلة والهادئة والطيبة ... تحمل مز الصفات الحميدة الكثير ، طبعها حلو وراقي ولطيف ، أحبت ابن الجيران ورفيق دربها بالمدرسة والمعهد والجامعة ، تعلقت به وتعلق بها ، وعاشق أروع قصة حب ، لكن القدر شاء أن يقول كلمته ، ذات صباح سمعت هناء صوت سيارة الإسعاف ،أسرعت لتلقي نظرة من النافذة ، فرحت ويا هول مارأت حبيبها ممددا على تلك الحمالة والكل يسرع لإنقاذه ، خرجت بسرعة ودون وعي لتستطلع الأمر ، لا أحد مدها بجواب الكل مندهش ولا يعرف ما حصل ... عادت أدراجها إلى البيت استأذنت والدها ليذهب معها للمستشفى ، دقائق قليلة وسمعت الصراخ والصياح ببيت حبيبها .... لقد فارق الحياة
صرخت هناء صرخة واحدة وبعدها سقطت مغشيا عليها ، حاول الأهل أن يوقضوها ولكن وللأسف الشديد لم تجدي محاولاتنم نفعا ، اضطروا لحملها للمستشفى حيث بقيت لأيام هناك ، كانت الصدمة قوية مما أفقدها صوتها والحركة ... أصبحت هناء مقعدة وفاقدة للصوت ، مصيبة حلت بالأهل ولا مفر من قضاء الله ...
لم يبق لهناء سوى الأحلام ، تلك الأحلام التي تعيشها كما لو كانت واقعا ، ترى نفسها رفقة حبيبها بالجامعة ، بالنادي ، بالشارع وبكل مكان وطئته أقدامهم ، وشهد لقاءهم وسمع ضحكتهم ورأى همساتهم ونظراتهم، لم يبقى لها سوى تلك الأحلام والذكريات ... هكذا تقضي هناء يومها من الكرسي المتحرك للأريكة ومنها للفراش ...
بعد موته الغريب والسريع والمستراب ، رحل أهل الحبيب إلى بلدة أخرى ولم يتركوا أي أثر له ولا عنوانهم ./.
رفيعة الخزناحي/ تونس
#هلوساتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق