الأربعاء، 31 يناير 2024

نص نثري تحت عنوان{{مشارف المشيب}} بقلم الكاتب الليبي القدير الأستاذ{{عبد الله محمد الحاضر}}


 مشارف المشيب..

ولدت على مشارف المشيب حين عانقت عيني ذاك البياض المشوب بالسواد أيقنت أن كل شيىء يشيب حتى الزمن عندما ضمتني أمي الى صدرها وهى عارية الا مما يستر عورتها أو يكاد فأحسست بسعادتها العارمة وهي تلتهم بنهم حفنة التمر التي جادت بها كفا أبي مكافئة لها لأنها أنجبت مولودا ذكرا طال انتظاره عقود كأنها أباد سرمدية كان أبي أدم البشرة تنبثق من حاجبيه خيوط الضياء فترسم ظلالها على صفاء عينيه كبدر يغازل بحيرة تسري إبتسامته على الوجنتين دون الشفاة شقوة الفضول دفعتني لأسأل أمي وهب الحنطية الرقيقة لما تزوجته أجابت وهي تعض شفتها السفلى لأنه رجل رجل وستعرف ذلك في حينه وما إن توطدت العلاقة بين قدمي والارض حتى أكتشفت سر تلك الابتسامة حين اندلعت ضحكته المترقرقة كنهر يغازل المنحدر وهو يستقبل الضيوف بثنيتين قد أغواهما الرحيل فتركتا المكان الى غير رجعة لم أره حافيا حاسر الرأس سوى تلك اللحظة وكأن مطر السعادة ينهمر على روحه وكل ما فيه وهو يناولني الأعنة ويقول ضاحكا لا تخف أيها الفارس خذ أربطها فسوف تصبح فارسا عما قريب شابت مشاعري تلك اللحظة بين سعادتي بفرح أبي وتعامله الراقي وبين خوفي من تلك الخيول التى كانت تحاول أن تتشممنب أو ربما كانت تسخر من صغري وقصر قامتي حمدا لله أن أسعفتني خطاي حتى أوصلها الى الرتع دون أن أسقط ولا أدري الى الان كيف أنتهى من إجلاس الضيوف لأجده أمامي يوزع مخالي الشعير وهو يقول أعط هذه لتلك لا تخف سوف تدني لك رأسها وهي شاكرة فعلقه على رقبتها فسرت حرارة أنفاسها الدافئة من يدي لتجوس خلال روحى وهى تنظر اليا بعين الرضى حيث كنت أرى صورتى بوضوح فى عينها وهى تحمحم فى نغم يسكن القلب بلا استأذان رغم أنى كنت أرى أبي جلفا قاسيا حين كان يأمرني بالبقاء غير بعيد أسمع احاديث الضيوف وحكاياهم التي لا تخلو من ضحك ولأكون قريبا حين يطلبني لم يترك لى فرصة واحدة لألعب مع الأطفال ألهو بماكانوا يتلهون فكنت أستمع اليه باستغراب أهذا حقا أبي كثير الضحك دمث الحديث سمح المحيا مجيبا لكل السائلين شعرت للحظة أن أبي كقوقل الأن لا يأت بسهم ناقصة فى شعر وتاريخ  وأحداث وفقه وسيرة لقد كان موسوعة رغم تعسفه معي الذي أدركت سره أيضا  يوم حملوه كطائر أبيض  ولم أتم العاشرة علمت يومها لما كان يحشونى بخبرات الرجال لا الاطفال لأنه كان في سباق مع الزمن واقتراب موعد الرحيل يوم أنبأنى بما لا يجب أن يعلمه الصغار فكنت من بعده المعيل فشببت على مشارف المشيب.....
ابن الحاضر.

ليست هناك تعليقات: