السبت، 17 فبراير 2024

قصة قصيرة تحت عنوان{{المهرج}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{جاسم آل مهيه}}


 قصة قصيرة


المهرج

بعد انتهاء العرض ، غادر الجميع خيمة السيرك الكبيرة . صمت كل شيء ليبدأ بداخل المهرج المسن ضجيج لايحتمل . جلس على دكة العرض . نظر لكل ما حوله بنظرة تختلف عن نظرته المسطنعة أثناء العرض . رفع عن رأسه الشعر المستعار أحمر اللون . و مسح بمنديل كان بجيب البنطلون ما كان قد وضع من مساحيق واللون على وجهه . تنهد بعمق ثم همس لذاته لم يبقى غيري . ثم إبتسم إبتسامة كانت قاسية عليه لتتبعها دمعة حائرة . و قال الى متى ؟
و أجاب نفسه الى ما لانهاية !
لن يشعر بي أي أحد . 
أنا بالنهاية مهرج قطعوا التذاكر ليضحكوا على حركاتي . لكنني إنسان لدي مشاعر و أحاسيس . انا مثلهم أحزن و اضحك ، أبكي ، اجوع و اكل ، و احتاج لحظن أرتمي فيه ليخفف علي ضغوط الحياة . من رقصت و غنيت لأجلهم إختزو مني و أبتعدو عني
كنت شاباً حسن المظهر ، طيب القلب . لكن الظروف لم تخدمي لأعيش كبقية الناس . حتى من احببت تركتني بعد ان أنجبت لي ولد وبنت . لم اجد عمل غير هذا
اعطيتهم كل شيء من دون مقابل
جعت ليشبعوا . سهرت ليناموا . طوال عمري أبكي بصمت . حتى دموعي تضحك الناس و هذا ابشع شعور كنت اعيشه . انا كالدجاجة المذبوحة تقفز من ألم النحر و يظنها الذباح بأنها ترقص !
لا اذكر بأني نمت في فراش مريح و دافء . لم يكن فوق رأسي سقف كونكريتي . هي الخيمة لاغيرها . برد الشتاء يجمد الدم بعروقي و حر الصيف يغرقني بعرقي . كل هذه المعانات تحملتها ليكبر من خلقو من صلبي . و ها هم قد كبرو و أنكرو علي حق الأبوة . بت بصمة عار بحياتهم !
و كأنني نقطة سوداء قد لطخت ثوباً ابيض . اليوم لا وجود لي بحياتهم . انا حزين جداً ، أنا نكرة
أنا بصمة عار يجب عليهم التخلص منها . لم يفهمني احد و فهمتني حيوانات السيرك . و هذه الخمية تعرفني و المقاعد ورمل صالة العرض . كم أشتهي الرقص لنفسي أجل الرقص لذاتي لا ليضحك الآخرين علي . كفكف دموعه و نهض من مكانه وبدا بالرقص مغمض العينين و فاتح ذراعيه و كأنه يحتظن كل تاريخه . رقص و رقص و رقص إلا ان سقط على الأرض بعد ان فارق الحياة و الدمع يملء عينيه و إرتسمت على شفتيه إبتسامة لم يسبق له ان إبتسم مثلها من قبل !

                        تمت

ولكم ياسادة تفسير نهايته و تفسير سبب تلك الإبتسامة .

                                 الكاتب
                              ج آل مهيه
                            16/2/2024
                                 العراق

ليست هناك تعليقات: