السبت، 6 يوليو 2024

ج(٣٦) من قصة {{لن تشرق الشمس أبدا}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


 (لن تشرق الشمس أبدا )

       قصة متسلسلة 
  بقلم :تيسيرالمغاصبه 
            ٢٠٢٤
       الفصل الرابع 
------------------------------------------------------
         -٣٦-
     لقاء الأحبة

يعلو شأن زكي في القرية يوما بيوم ،وتقص حكايات نجاحة في علاج أصعب الحالات المستعصية بفضل قوة إيمانه وصدقه.
يجلس الرجال في باحة منزله وفي الصالة بينما زكي يستقبل المعذبين وذوي المشكلات الخاصة  في غرفة مظلمة تنتشر فيها رائحة البخور.
تحضر امرأة مصطحبة معها إبنتها الصغيرة ذات السبع سنوات ،تدخل المرأة إليه بابنتها وعندما يراها تكاد أن تخرج عينيه من محجريهما؛سيما وأنه كان يعشق ذلك العمر ومهووس به حد الجنون،
يتأمل فخذيها السمينتين وبشرتها الشهية فيسيل لها لعابه.
يسأل أمها :
-أيوه إحكيلي ويش اسمها ووييش مالها ؟
-اسمها "منال"؟
فيقول في سره "اللهم نولنا مانشتهي".فتتابع المرأة:
-والله يسيدي الشيخ البنت مغلبيتنا ..دايما بتصيح "أي تبكي" وبتفط بالليل وبظلها إتغيب "أي تفقد وعيها "ومابندري ويش مالها؟
-آآه..خلص عرفت ويش مالها ..بس هاذي بدها أكم جلسه ..مابكفيها جلسه وحده..طيب إطلعي برى شويه وإن شاء الله أمرها هين؟
تخرج المرأة ..ويقوم زكي بأغلاق الباب..يعود إلى الطفلة..يضع على أنفها مادة غريبة ذات رائحة نفاثة ،وعندما تشمها الطفلة تشعر بثقل في رأسها فتبدأ بالترنح،هنا يخلع دشداشته..يقبض على فخذيها بكفيه ويجذبها إليه لتصبح تحته. و. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .  . . . . . . . . . 
* * * * * * * * *
أما في الخارج فتستمر  أحاديث المديح لشيخهم الجليل زكي صاحب الكرامات واللمسات المباركة ،فيقول أحد الحضور المنتظرين محدث عن تجربته معه:
-الله وكيلكو ياجماعه إنو الشيخ زكي هبه من الله ..وين زكي ووين أخوه المجنون يحيى إلي الله خلصنا منه..بتعرفو ياجماعه إنو أخوي كان من شهرين وهو مو قادر إنو يدخل على عروسه ..ولما رحنا على الشيخ زكي بتعرفو ويش قال إلنا؟
قال الجميع بحماس :
-ويش قال ؟
-قال إلنا هاظا مسواله عمل "سحر"هذا مربوط "سحر يجعله يعجز عن الدخول بزوجته"وإلي مسويله العمل مسويه على موس أبو السبع طقات وراميه في بير مي ..ورحنا إندور عليه بلبيار حتى لقيناه ..الله وكيلكو فتنحا السبع طقات وبعدين إنفك السحر وأخوي دخل على مرته؟
وعلت أصواتهم:
-الله أكبر؟
-سبحان الله؟
-الله يقويه ؟
-الله يعطيه العافيه؟
آخر يقول :
-طيب شوفو حكايتي أنا ..كنت بحب مرتي كثير وهي كمان بتحبني ..وكنا عايشين في أمان الله ..وفجأة تحولت حياتنا لجحيم مابندري كيف ..بطلت إطيعني..وصرت اضربها دايما ..نصحوني إني أروح على الشيخ زكي ..ولمني رحت بتدرو ويش قال إلنا؟
فرد الجميع:
-ويش قال؟
وتابع الرجل:
-قال إنه إمسوى إلكو عمل مشان تكرهو بعظكو وينهدم بيتكو السعيد فوق روسكو..وهاظا العمل مربوط على غصن شجرة زقوم بوادي ..ورحنا إندور بالوادي ..لمنى لقينا الشجرة ..وطلعنا عليها ..الله وكيلكو ون العمل مربوط على الشجرة ..مثل ماقال إلنا ..وأخذنا لحجاب ووديناه إله  وحتى فكه  ..وبعديها إنحلت مشاكلنا ؟
فردد الجميع:
-سبحان الله؟
-ماشاء الله؟
-الله يعطيه الصحة؟
-الله يطول عمره؟
-والله إنه شيخ حقيقي وإله كرامات ؟
يفتح الباب ..ينادي الشيخ زكي :
-وين أم منال ..تعالي جاي؟
تدخل أم منال وهي كلها لهفة على ابنتها ومعرفة النتائج،فتقول :
-أيوه طمني ياشيخ؟
فقال لها زكي:
-هاذي بنتكي طلعو متجوزينها ثلاثه من الجن ياأم منال؟
فقالت بقلق:
ياساتر يارب؟
فتابع زكي مطمئنا:
-بس لاتخافي أنا حرقت واحد منهم وظايل ثنين ..اسمعي بتوخذيها هسى على الدار وديري بالكي إنكي إتحمميها اليوم ولا تقربيها من الميه بالمره وبعد ثلاث تيام بتحمميها كويس وبترجعيها إلي ..سامعه ياأم منال ..ظايل إلها جلستين وبتتعافى إن شاء الله؟
* * * * * * * * *
تصل جواهر إلى قرية أم الملح،تسير بعربتها في الزقاق ..تسأل كل من يمر بها عن يحيى،لكن لاأحد يفيدها ..ولا أحد يخبرها بالحقيقة خشية أن تتمكن من فك أسره وأن يعود إلى القرية.
يرها سرور المجنون ، يجري إليها ويرجوها ودموعه تبلل وجنتيه:
-مرحبا بيكي ياستي ..أنا سرور صاحب يحيى  ..إنتي بدوري على يحيى مش هيك ؟
-أيوه صح بتعرف وين هوه؟
-أيوه ..بعرف ..هظول مش رايحين يدلوكي عليه عمنهم مابدهم إياه ..هظول مابدهم واحد نظيف ..يحيى ياستي أخذته الشرطة من أيام طويله وماشفناه بعديها؟
-طيب ليش أخذته الشرطه ..بتعرف ياسرور؟
-أخذته عمنه دافع عن بنت بقريته من إلي تحرشو بيها ..دخيلكي ياستي إنكي إتروحي وإطلعيه ..أنا عارف إنكي ست قويه وبتقدري على كل إشي..والله إنو القريه معتمه من غيره؟
-طيب طيب ..شكرا إلك ياسرور ..شكرا؟
وهكذا تمسك جواهر بطرف الخيط الذي سيوصلها إلى يحيى. 
* * * * * * * * *
والله غير نقطع إيدك ونخليك عبرة ياإبن .............. ؟
الكثير  من التهديدات والكلام البذيء كان يحيى يسمعه 
في الغرفة المظلمة التي واجه بها أقسى فنون التعذيب والإهانات.
يدخل أحد الجنود ويقول للمسؤول :
-سيدي الست جواهر ؟
-إيش ..جواهر.. طيب رجع كل إشي مثل ماكان بسرعه على بين ماأرجع..يله؟
يذهب إلى جواهر المنتظرة في المكتب ،وكانت تقف  بشموخ كطائر العنقاء الغاضب ،وقال لها :
-سيدتي...
لكن جواهر قالت مقاطعة بغضب:
-إنتي طبعا بتعرف مثل غيرك مابعرفو..ومتأكد كمان  إنو يحيى ماإله دخل بالميليشيات المسلحة ؟
-بس ياستي ..
-بعرف بعرف ..إنتو جبتوه بالتنسيق مع غيركو هناك بالمحافظة لأنه مد إيده على شرطه ..طيب ماشي ..لكن بعدين الشرطة ضربوه ضرب مبرح وصار عندكو هون ..إسمع..أنا جواهر..بتعرف شو يعني جواهر ..جواهر  إلي بعرف كل كبيره وزغيره بالبلد ؟
-بس ...
-بدون بس لاتنرفزني أكثر ماأنا منرفزه..وين يحيى؟
يخرج الجندي ..لحظات ومن ثم  يدخل يحيى إليها وقد كان باديا عليه الأعياء شديد ،فتقول له:
-أنا يايحيى مش رايحه أسكت أبدا علي صار ..يله معي ..يله يايحيى؟
لكنها تفاجأت بيحيى يقول:
-لا..؟
-ليش يايحيى؟
-أنا ما..بطلع ..مابطلع من هونا لحالي..م..بطلع إلا وخواني معي ..يابنظلنا مع بعض يابنموت مع بعض ؟
-أخوانك ؟
-أيوه ..إحنا تعاهدنا على إنا إنكون خوان ؟
فقالت جواهر  في نفسها :"كماهو عهدي بك يايحيى..إنسان عظيم"
ثم قالت :
-طيب مين همه خوانك ..شو أساميهم يايحيى؟
-عمير وعثمان وبلال.
قال المسؤول :
-بس ياستي...
فقالت مقاطعة :
-بدون بس..حسابكم بعدين ..لكن بالنسبه لهظول بكره بجيكو قرار الإفراج عنهم بشكل رسمي.
* * * * * * * * * *
تبلغ زبيدة السادسة عشرة من عمرها وقد أدمنت أفعال زكي التي تطورت مع الوقت ،
يتقدم "شهاب"الذي كان مغرما بها منذ صغرها  لطلب يدها ،وهي أيضا اعجبت به عندما رأته.
لكن عندما علم زكي بموافقتها على الزواج من شهاب شعر كأن صاعقة قد أصابته،فهو لن يسمح بأن يأخذ رجل آخر زبيدة منه ..أنها له هو ..أنها ملكه منذ طفولتها..لن يقبل بأن تكون لغيره.
فذهب إليها وقام بتهديدها بالاستعانة بالجن للقضاء عليها أن هي قبلت بالزواج من شهاب. 
وأخيرا تشكو أمرها لخالها شادي الذي كان يعلم كل شيء عن زكي.. ويعلم طبيعة عمله كونه هو أيضا ساحر مشعوذ ،فطمئنها بأن زكي لن يستطيع أن يضرها بشيء.
وتفشي زبيدة سرهما للجميع  بالتعاون مع خالها شادي ..وتعلم تمارة بعلاقة زوجها الطويلة بأختها زبيدة وتغضب وتخرج تاركة المنزل ..فهي لأول مرة تشعر بأن زكي قد هزمها.
كيف استطاع خيانتها طوال تلك السنوات ..ومع من ..مع أختها الصغرى.
لكن أختها سهى ..الأخت الكبرى والخبيرة وبخت تمارة وأعطتها محاضرة قيمة  فقالت لها أخيرا:
-والله عمري ما توقعت إنكي إتكوني هبلى وتنحه هيك..ولكي ياهبلى إنتي صرتي قدام كل أهل القريه مرة الشيخ زكي ..عارفه مين الشيخ زكي..أنا بقلكي ..الشيخ زكي صاحب الكرامات إلي كل القرية بتآمن بيه ..قاعده بتفكري بأشياء تافهه..بعدين هي زبيده ليش ماحكت من زمان ..ليش جايه تحكي هسى..أنا بقلكي ..لأنها كانت موافقه ومبسوطه..روحي يامره على داركي ..روحي بلاش هبل؟

* * * * * * * * * *
من أمام  بوابة المعتقل الأخيرة يودع يحيى أخوته الثلاثة عمير وعثمان وبلال بالعناق والقبلات فيتوجه كل منهم إلى القرية التي أرادها. 
أما يحيى فيصعد إلى جانب جواهر في عربتها الثمينة  وتنطلق بهما العربة ..تنطلق بهما معا من جديد.
يمكث يحيى ثلاث أيام في أشهر مستشفى خاص في المدينة  للعلاج بينما كانت  جواهر تصدر له تقرير طبي لمساعدته في التحقيق .
وتعد أوراقه وجواز سفره كي تصطحبه معها في رحلة للنقاهة في باريس.
بعد أن تعافى يحيى تماما يخرج من المشفى وتدخله جواهر إلى الحمام كما حدث في المرة السابقة ؛من الجحيم إلى النعيم.
فتقول له:
-هسى حبيبي إستعد حتى نسافر مع بعض أكمن يوم على مدينة الأحلام ..مكان عمرك ماحلمت بيه ..قرفت والله من الحشرة والأحداث الأخيرة؟
-وين هاذي مدينة الأحلام؟
-هاي باريس يايحيى بتعرفها؟
-مش هاي إلي فيها البرج؟
-أيوه هاي هي.
لكن بعد أن تغيرت حياة يحيى في السجن من ناحية علاقته بربه قال محاولا توطيد العلاقة أكثر وبشكل شرعي:
-جواهر؟
-أيوه حبيبي .
- إحنا مش بنحب بعضنا؟
-وهاي بدها سؤال ياحبيبي..طبعا.
-طيب ليش مانجوز. 
فقالت جواهر دون إرتباك ودون تردد وهي المرأة الأشبه بالموج كما وصفها يحيى سابقا:
-حبيبي يحيى أول إشي أنا مابعترف بئشي اسمه زواج بالمره ..الزواج في حياتي كان غلطه ..بعدين حبيبي أنا لو إنه الله أعطاني أولاد من زمان كان هسى أولادي بعمرك؟
-بس الحب مابعترف بالأعمار؟
-بعرف حبيبي ..وهيك قلتها ..الحب ..والحب أعظم من الزواج بكثير ..الزواج تملك وأنا مابحب التملك؟
-بس حبيبتي.. 
وفهمت جواهر ماذا يريد يحيى أن يقول ،فقالت مقاطعة:
- إنسى هادا كله ياحبيبي وخلينا نروح إنعيش مع بعض أحلى لحظات عمرنا بعد كل إلي واجهناه في حياتنا.
* * * * * * * * *
وفي السماء وفي الأجواء الغائمة ..الساحرة ،كانت جواهر تترك رأسها ليستريح على كتف يحيى بينما أصابعه  تمسح شعرها بحب..حب حقيقي كان ينبض به قلب  يحيى تجاهها ولأول مرة منذ أن عرفها.

(يتبع...)
تيسيرالمغاصبه 
٥-٧-٢٠٢٤

ليست هناك تعليقات: