الخميس، 10 أكتوبر 2024

قصيدة تحت عنوان{{مناشير الأمس}} بقلم الشاعر السوري القدير الأستاذ{{مصطفى محمد كبار}}


مناشير الأمس

كانَ  في الروحِ  بدايةُ فرحٍ  بسيط
صحبةٌ الأمسِ وأهلُ القلبِ بمسائيا

و كانَ بيني  و بينَ الخليلِ  تلاحماً
عشقُ العمرِ بالأيامِ الواعداتِ بهنائيا

لم  يقلْ  بجوارِ الغدِ  هناكَ  نكساتٌ
كسرٌ  بالجراحِ  يعلو  بدموعِ أنهاريا

تاهتْ بسفرُ الريح  غدتْ  تئن دانيا
قصيدتي القديمةُ و أشواقُ  غراميا

نكبٌ  بكلِ  حينٍ   يداعبُ  أطراحي
و موتٌ  باردٌ   يرقدُ بالكفنِ  بمكانيا

ناديتُ  ياعرشُ  آلهتي  إني متهالكُ 
ينثرني الوجعُ  غريباً  بشتى دروبيا

أنازعُ  ببقايا نعشي و الروحُ  راحلةٌ
فلو كانَ للأحزانِ  دارٌ  فهي سنينيا

هناكَ جُراحةٍ  تلتهبُ بوجعُ الويلاتِ 
نيرانُ الفراقِ دارتْ تحرقُ بأحشائيا

وإني قصدتُ لصوبِ ديارهِ محتمياً
من شرِ  الأوجاعِ هارباً  بنارُ البلائيا 

قد هدني و أنا في الشريانِ  أباركهُ 
فخاصمَ قربي  و راحَ  بالبعدِ جاريا

هرعتُ  لبابُ الجحيمِ  بالقدمِ  باكياً
سنينٍ كانت تذبحُ  من قبلهِ  بأياميا

فأودعتُ  روحاً كنتُ بروحي أحملهُ 
خلفَ الوداعِ رحتُ  أنفضُ بأنقاضيا

كأني رحتُ أرمي بحالي لمرِ  ذابحٍ
بغضٌ قد أحاطني  بالوغى  بوثاقيا

كالأسيرِ راحَ يجرني خلفهُ  مشلولاً 
أبكمُ اللسانِ بطاعتهِ و أمرهُ مجابيا

بدلتهُ بقاتلٍ كانَ  يحرقني  بالأمسِ
فإعتلى عرشُ العمرِ صاغراً  مَقاميا

عيني كانهُ ظلامُ الليلِ فلا يبصرني
يشدني للهلاكِ كالبرقِ بغبارَ أنظاريا

عجبٌ بحالي المكنونُ كيفَ أصارعُ
و يدي شلٌ يسقطني عصفاً بالآهيا

يا أيها الضاربُ بجدارُ الوتينِ حجراً 
دلني  على  دروبِ الخلاصِ  ببقائيا

فإنكَ قد أرهقتَ كلَ الأيامِ  مهانةً و
أحرقتَ قلبي و ضيعتَ بكرُ  شبابيا

فكم من موتٍ سأحملهُ بهذا الجسد
و كم  من سوادٍ  ستغدو قاهراً باليا

قوافلُ الدنايا  تتدفقُ و هي ذاخرةٌ
كالأقدارِ تأتي بمرعاها البدلِ لعقابيا

فمالي ألومّ بحظيَ و الأحزانُ راكبةٌ
فهل بلومِ الأمواتِ سترجعُ أفراحيا 

مالهم  الأحبةُ   كسربِ الطيورِ عني
راحلونَ بأطرافِ المماتِ  قبرُ  أنانيا

يقولون لا تبكي و هم يدفنونني في
البعدِ و سيوفُ غدِرهمْ  بقلبي غازيا

ماذا أقولُ لهمْ و هم لا يطيبُ  بهمُ 
العيشُ  ببعدِهم  إلا  بوجعُ جراحيا

و للهِ ماحسبتُ بقتلي يوماًسألقاهم
ولا سرحتُ بالخيالِ سأقضي فنائيا

هذهِ المنايا واهمةٌ و إن دارتْ  تطلُ
ومقابرُ الروحِ تقاسمتْ  بثراها باقيا

قلتُ هذا أنا أحمقٌ من شبهُ الحميرِ
كيفَ  دخلتها  بقدمي  أرضُ عدائيا

و  تحملتُ  كلَ هذهِ المأسي بقفرتي 
و ضيمُ  السنينِ  تبارحني بسقوطيا

بكفرُ الرفاقِ قد جرى  كسرهُ  ثاقبٌ
يا ويلَ  دهري  كم ضحاهُ   دموعيا

كنتُ أحسنُ  التصرفَ بخدمتهِ  إنما
خلقُ اللئيم  طبعهُ السوادُ و الهوانيا

لا شرفٌ  يسكنُ  بقدَمِهِ و لا الضميرُ 
يرنو  بين ضلوعهِ  فيصونُ   قلاعيا

يا قاتلي كيفَ تهدرُ   بذبحكَ  بدمي 
و القلبُ  و قد سجدَ  بغرامكَ حانيا

فلو كانَ للسنينِ أن تنطقَ  بما مضى
ل قالت  مالي أشهدُ بالعسلِ بمذاقيا

تلكَ الأيامُ  التي مضتْ خسرها  ألمٌ
كالطعنُ البليغ  بلقلبِ  تمضي  فانيا

فأنتَ والكفرُ لا فرقَ بينكمَ  شيطانُ 
بوجهِ الملاكِ  جاءني ساعياً  بزواليا

و المؤنساتُ  من الليالي  كيفَ  تجا
لسني وذكرياتُ الأمسِ تنخرُ ساهيا

إن كانَ بالغياب راحتهُ فكيفَ أعدهُ
و هو  دارَ  بكؤوسِ السمومِ  ساقيا

فإني كنتُ مشرقُ لوجهِ الحياةِ لكن
الأحزانَ كسرتني وأطاحتْ بمساريا

حتى رحتُ أجرُ بحالي دونَ نجاتي
فتهاوتْ بالطعنِ كلَ أماكني و داريا

جراحٍ صارت تغلبني من شدةِ الألمِ
عطبُ بالروحِ وتحطمٌ بعظامِ ركابيا

لم أكن  أعلمُ بأنَ بياضُ الطيبِ عارٌ
و ثوبُ الزمانِ  ليسَ فيهِ  إلا قبوريا

و إني  قد تجرعتُ  من خلٍ  شدني
ضاربً بسيفهِ  فأطاحَ بضربهِ رقابيا

ظننتهُ  رحيمٌ  يوما  أدفئتهُ  بروحي
فويلي  من سدُ  الدينِ  دارني خانيا

سعيِتُ  بدروبِ الدهرِ  أناجي آلهتي
رجعتُ  أجرُ  بخيبتي شظايا  بقائيا

تسابقتُ أركضُ بجرحي  لألفِ زمانٍ
و نسيتُ التي  ماتت  كانت  روحيَ

يا أيها البعيدُ  دلني كيفَ أرحلُ منكَ
و كيفَ  ألملمُ ذاتي و أرجعُ  لصوابيا

فهذا جرحي  بفيضك مازالَ يحملني
فكيفَ أمضي و العمرُ  مقتولٌ ورائيا

ها أنا كالجروِ  أنبحُ  بصحراءَ  دنيتي 
أحملُ جثتي  بما تبقى  بعتمِ سواديا

لا دارٌ  يستكنُ  بهِ روحي و لا المنايا
كائنٌ غريب تائه مازلتُ غارقٌ ببكائيا

ابن حنيفة العفريني 

مصطفى محمد كبار 

حلب سوريا ٢٠٢٤/١٠/٦ 

ليست هناك تعليقات: