القصة القصيرة ( الثعلب )
من سخرية الأقدار وجد أحمد نفسه أمام خيار صعب جداً وذلك الخيار الوحيد رغم مرارته التي قد تفوق مرارة الحنظل يعتبر الفرصة الوحيدة المتاحة أمام ليعمل . المرارة والصعوبة ليس بنوع العمل أبداً ، الصعوبة تكمن بشخصية صاحب العمل الذي بالأساس كان يعمل بشركة والده . والأمر من ذلك هو وجود والده على قيد الحياة . لكن لابد من العمل معه لاخيار أمامه . كمال صاحب العمل كان شخصية تافهة جداً ، سوقي و ذو لسان سليط ، و بخيل لحد لايمكن تصديقه ، وبنفس الوقت جبان جداً . لكن هذه هي الدنيا تذل وترفع من تشاء
باشر أحمد بالشركة كمندوب مبيعات . كمال كان يعلم إمكانية احمد وخبرته ، لأنه هو من كان يسوق منتوجات شركة والده الذي تطرده بسبب خلاف عائلي . إِستغل كمال أحمد أبشع إستغلال . وبعد عدة أشهر تضاعفت أرباح الشركة على حساب شركة والد أحمد . إِزدادت الفجوة بين الوالد والابن والمستفيد الوحيد كمال . ولأنه جبان وناكر للجميل بدء كمال يلقي بالحطب على نار الخلاف فيما بينهما الى وصلت لحد القطيعة ، بل أكثر من ذلك باتت الحرب معلنة وصريحة . ترقية بعد ترقية ، حوافز وإكراميات ومناصب رفيعة لأحمد الى ان أعلنت شركة الأب إِفلاسها وتمت هيكلتها . تحسنت أمور احمد المادية ، وشغل منصب نائب المدير . بدء نفوذه يطغى على الجميع ومنهم كمال ذاته . هنا قرر كمال ان يلقن احمد درساً لكي لايتجاوز قدره . ولأنه جبان لايواجه ، هو معروف بخبثه المعهود . عرض على احمد ان يدخل كشريك أساسي ولكن ليس بهذه الشركة . بل بشركة جديدة وعملها يختلف جذرياً عن مجال شركتهم . على ان يبقى أحمد يدير هذه الشركة ، وكمال يدير الشركة الجديدة . إِتفقوا على ذلك ووضع أحمد كل مايملك بهذه الشركة . وبعد عدة أشهر أعلنت الشركة الجديدة إِفلاسها . كانت تلك الضربة قاسية جداً عليه لكنه أمن بالقدر . وبعد مضي عدة سنوات كمال تجاوز القمة بثرائه وأحمد مازال على حاله . وعن طريق الصدفة ؟
وقعت وثائق ومستندات تخص الشركة المفلسة بين يدي أحمد . تؤكد بأن الشركة لم تكن خاسرة ، بل حققت أرباح كبيرة . لكن هناك تزوير للوثائق وتلاعب بالحسابات ، مما قلب الربح لخسارة . هنا حقد أحمد حقداً لايمكن وصفه . وقرر ان يلعب لعبة خبيثة مع كمال .إِن غضب الأسد مدمر ، لكن دهاء ( الثعلب ) دماره أخبث وأكبر . تصرف بشكل طبيعي ، بل إِقترب من كمال أكثر . كان كمال يعشق السهر ومعاشرة بنات الليل . ليصل لمبتغاه بدء يرافقه بكل مكان . لكنه لم يشرب الخمر ولم يعاشر بائعات الهوى . كان يصور كل شيء لتكون دليلاً عليه . وبعد فترة من الزمن وصلته معلومة بأن كمال متزوج بالسر من إحدى الراقصات . وإنه قد إِشترى لها بيتاً وصالون حلاقة نسائي . تأكد من الموضوع بنفسه ووثق كل شيء . وبإعتباره المدير المفوض لشركة كمال . تلاعب بكل الوثائق والحسابات بعد ان فرض سلطته على كل العالمين بالشركة . كمال لم يعد له وجود بالشركة . تنامت إمكانية أحمد بشكل جنوني . وتراجعت أمور كمال بشكل ملحوظ
الى ان جاء يوم واجه كمال احمد بالموضوع . وإتهمه بالخيانة هنا إستعمل أحمد كل نقاط القوى التي بحوزته . كمال مصدوم .. من هول ما رأى . هدده بأنه سيضع كل هذه الوثائق والصور بين يدي زوجته أم اولاده . توسل ان يستر عليه . هنا ساومه احمد ان يتنازل عن الشركة له مقابل مبلغ بسيط . وبالفعل كان له ما ارآد . وإتصل بزوجته وعرض كل الوثائق امامها . الزوجة والاولاد جردوه من كل شيء . ليعود للصفر بعد ان كان بالقمة . كمال لم يحتمل الصدمة فقد عقله ليدخل مستشفى الأمراض العقلية . عاد أحمد لوالده ليعيد له شركته التي فقدها بخبث كمال . وعاد ليسجل نصف الشركة الخاصة بكمال بأسم زوجته واولاده . الظلم مهما طال لابد ان يأتي يوم ينتصر الحق عليه . وليس بالضرورة ان تعاد الحقوق بالقوة . بالحلم والعمل يمكن ان نحقق ما نريد .
تمت
الكاتب
ج آل مهيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق