دقيقة ... بين الحلم والحقيقة }
وكيف أنسى
ذاك الوجه المُعتم
عندما هزَّني
كالقِربة المرفوعة
على الأوتاد لهز اللبنِ
وأنا مطروح الفراش كالصنم
وقال : اُصْحُ لا تنم
أنت أيها المُعدم متهم
قلت : ما هي التُّهم
قال : ضُبط في جُعبتك قلم
كتبت به على الجدران
بعض الجُمل
هي كلمات ضد السلطان
تخدش حياء النظام
وتمس القيم
.... 2
قلت : جُل ما كتبته
فلتسقط المِعاز وتفنى الغنم
قال : وهل يحكم السلطان العدم
فإنه متوَّج عليهم منذ القِدم
هو صوت ضمائرهم
هو المدافع عنهم وناصرهم
هو سوطهم وهم أصواته
هو اللحن
وشراينهم أوتار نغماته
قلت : وما دور المرياع
والتيس إذن
ولماذا الطوق والجرس
....3
قال : اخرس
اخرس
... ويحك احترس
أيها المُندس
النجس
يابن الجارية
إنك تمس الروح السامية
هو قائدنا المظفَّر
تغلب على تيس
كان يُلقِّبونه عنترة
هو تيس صنديد
رعديد
بل هو أكثر وأكثر
لديه قرون معكوفة طويلة
قاتلة سوداء
تصل حد السماء
تصطك منها أنياب الذئاب
كل ما حلَّت عليه حالة اكتئاب
يحرث بها أنفاس شعبه
ليسحقها وعليها يتبختر
لونه ..... لون الغراب
ولسانه علقم أمر من المر
قام بأعمال جليلة
حسَّن نسل القبيلة
فأصبحت تمشي وراءه
تلعق حذاءه
منذ سنوات طويلة
....4
بالمختصر....
سوف تُحاسب على أفعالك
وإلى زنزانة تُسحل وتُجر
لا مفر
سوف يصدر بحقك حكمًا
بأن يوشم على جبينك عبارة
تبقى مدى الدهر
لتكون عبرة لمن اعتبر
تقول "فليحيا تيسنا المظفَّر الموقَّر
ولتبقى المِعَاز والغنم"
لكي لا تنسى قائدنا وتتذكر
.....5
وقفت كالصنم
رُبط لساني وتجمَّدت عروقي
قُلت : أين حقوقي
قال : نعم نعم
أيها المجرم
نم
قبل أن يزغرد سوطي مرة ثانية
على جسدك ويجعله
كوجه رغيف الخبز المقمَّر المتورَّم
لأجل حقوقك
فجرًا سوف نسوقك لتعدم
...6
أيقظتني خيوط الشمس
رأيت ظلالها على سريري
ولم أَرَ الرجس
ولا يوجد على بابي حرس
حمدت الله لم أُلمس
ولم تصفعني يد نجس
وما كنت فيه
ما هو إلا كابوس
كاد أن يخنقني
ويقطع عني النفس
...7
خلال دقيقة
دُقَّ بابي
بعد أن سمعت
في ليلتي الكاحلة المعتمة تمتمة
قلت من !؟
قال .. أتحسبنا فرقة الجن
نحن شرطة التفكير والظن
اِفتح دون تمنُّع
يا صاحب الفكر الملغَّم
...8
قلت : أهذا حقيقة
قال : نعم
هي دقيقة
سوف تذهب معنا
لتشرب فنجان قهوة
قلت : ومن ثم
قال : امشي دون لعلعة وبعبعة
ربما بعد ذلك
لا تستطيع أن تجمع
بقاياك المشرذمة
لقد وشى عليك
كل من حولك
دون أن تعلم
بدايتها غرفتك وجدرانها الأربعة
ومن ثم سريرك
وأريكتك
ولِحافك
وسراجك المولَّع
وبعد ذلك نافذتك
وسِتارتك
ولوحتك
وبابك المصدَّع
وجاء متطوعًا ليوشي بك
كل من نعالك
وغليونك
ودفترك
حتى لم يرحمك قلمك اللاذع
فقد باح لنا مرتجفًا بأنك
كنت "بالحرية" تحلم
وهل من هذا أعظم
...9
احمد ربك أيها المواطن الخائن
إنك لم تمت بكاتم
كل ما سوف نفعله بك
نحن من سيضع لحلمك الخاتمة
ثم قطعوا حلمي المتهالك
في غرفة منفردة مقززة
تشبه القمقم
مرقَّمة مرمَّزة
مقفلة
مظلمة
لا تسمع لا ترى لا تتكلم
اطمأنيت وأفكاري لها
وما زالت منذ عشرين عامًا
كل ما أضفت على الجدار شخطة قلم
حمائم أفكاري بعتمة الأقبية
بالحرية تحلم وتحلم وتحلم
• علاء الغريب / كاتب صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق