الخميس، 2 يناير 2025

نص نثري تحت عنوان{{جرح اليتم}} بقلم الكاتبة الفلسطينية القديرة الأستاذة{{دنيا محمد}}


جرح اليتم
 ليس مجرد ألم
بل هو سؤال وجودي 
يتغلغل في أعماق الروح
كيف يمكن للكائن أن يُقتلع من جذوره
 ويظل حيًا
هو شق عميق في نسيج الزمن
وكأنه لحظة انحرفت فيها عدالة الكون عن مسارها
لتترك فراغًا أبديًا لا يُملأ
 إلا بوهم النسيان
اليتيم ليس فقط من فقد أبويه
بل من فقد الشعور بأن الوجود يحتويه
هو الكائن الذي يسير بين الناس
 وكأنه شبح
يبحث عن ذاته الضائعة
عن صورة لوجهٍ لم يعِشه بما يكفي
وعن يد كان يجب أن تُمسك به في لحظة السقوط الأولى
هو سؤال دائم يُراود قلبه
أأنا منسي أم أنا اختبار لهذا الكون
جرحه ليس كأي جرح
بل هو كالثقب الأسود الذي يبتلع كل معاني الطفولة
يحوّلها إلى طيف من الحنين
 المشوب بالخذلان
هو الغياب الذي يسكن الحضور
والبرد الذي لا تذيبه شمس ولا دفء الكلمات
جرح اليتم هو الفلسفة التي لا جواب لها
لغز لا تفسير له إلا في دهاليز الوعي العميق
لكن الغريب في هذا الجرح
أنه لا يقتل
بل يصنع من اليتم قوة خفية
كأن الروح تُعاد صياغتها من شظايا الألم
 هو ذاك الذي يمشي فوق شظايا الزجاج ويظل قائمًا
الذي يولد من رماد الخسارة ليُصبح أعظم من كل معنى للفقد
هو الانعكاس الأعمق لفلسفة الحياة
أن تكون مجروحًا هو أن تكون حيًا
أن تكون فاقدًا هو أن تعرف قيمة الوجود
وأن تحمل جرحًا كهذا يعني أنك لست مجرد فرد
بل رمز للصراع الأبدي بين الفقد والأمل
بين الضعف والقوة
اليتم ليس جرحًا فقط
بل مرآة يرى فيها العالم هشاشته وعظمته

دنيا محمد(فلسطين) 

ليست هناك تعليقات: