الأحد، 12 يناير 2025

قصة قصيرة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


(في عتمة الحافلة)
   سلسلة قصصية 
         بقلم:
   تيسيرالمغاصبه 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
                  
           خبر عبر الأثير 
                 -٢-
-هل أنت سعيدة ياعزيزتي السمراء ؟
-لاتقل  سمراء ..أنا لست سمراء وإنما أنت الأسمر. 
ضحكت معتذرا وضغطت على يد حبيبتي الصغيرة  لولو، التي كانت بالفعل سمراء ..وفي الحقيقة أني أحببها لأنها سمراء ولم احب أختها  الشقراء ؛ حكم الحب.
لولو التي تعرفت عليها في رحلتي الأولى إلى تلك المحافظة.
وكنا نسير في الصحراء القاحلة بحثا عن نبع ،أو واحة ،وعندما شعرت هي بالارهاق حملتها على كتفي ومشيت بها .
بعد مدة طويلة من السير رأينا أمامنا نفق مظلم،ماأن إقتربنا منه حتى أصبحت لولو ثقيلة جدا ،قلت لها :
-ياإلهي كيف أصبحت ثقيلة هكذا؟
فضحكت ضحكة مروعة وقالت:
-الأن وصلنا إلى مغارتي؟
 من شدة الرعب  والتعب وقعت على الأرض،فكانت لولو قد تحولت إلى تلك المرأة القبيحة التي كانت تنظر إلي في كل حين .
أفقت من شرودي وأحلام يقظتي مفزوعا وكان قد إنتهى المؤذن  من رفع آذان الظهر عبر الأثير.
كانت  الحافلة لاتزال منطلقة عبر الطريق الصحراوي، الصمت يخيم على تلك الحافلة المغلقة،المظلمة ،وعلى جميع المسافرين أيضا. 
منهم من كان غارقا في نوما عميقا ،ومنهم من يتكىء على الزجاج وينظر إلى الصحراء والجبال والصخور، مشاهد إن أعطت أي إنطباع  فأنه لن يكون سوى إنطباع البؤس والاكتئاب.
أخر يفتح عينين واسعتين فبدا كما وأنه تحت تأثير مخدر شديد الفعالية .
رجل يتكىء على كتف أخر بطريقة مزعجة بالرغم من أنه لايوجد سابق معرفة بينهما. 
لاشيء يعلو على صوت محرك الحافلة سوى صوت المذياع. 
بعد أن انتهى المؤذن من رفع آذان الظهر ، إنبعث من المذياع صوت النادي الحزين ،ومن ثم إلقاء مجموعة من الأذكار،حتى بدأ صوت المذيع بذكر أسماء الذين رحلوا هذا الصباح حتف إنوفهم وأماكن تشييعهم. 
فجأة تخرجنا المرأة القبيحة من الصمت القاتل إلى الرعب بصرخة عالية ،مزعجة،قبيحة :
"لماذا مت الأن ياسيدي..لقد وعدتني بأن تنتظر..لقد أحضرت المعلوم..أن  كل شيء بقي الإن  في حوزتي ..وكان كل شيء سيسير على مايرام..لماذا ..لماذا مت الأن؟
فبدأت بلطم وجهها وشد شعرها الملون ببقايا الحناء ،وبتمزيق ثيابها.
أخبرني حدسي بأنها سمعت اسم شخص يخصها من ضمن قائمة الوفيات ؛ وكلامها موجه إليه.
صمت الراديو ،توقفت الحافلة، ولم تتوقف نظرات الدهشة،وقف قائد الحافلة لينظر 
كنت قد رأيت أعمدة النور وعرفت أن الصحراء قد إنتهت وأننا قد أصبحنا قريبين من  المدينة ،على أطراف عمان ،فتقدمت من قائد الحافلة وقلت له :
-بالله عليك أنزلني؟
قال مندشا:
-لكنا لم نصل بعد ؟
-هذا شأني.
فقال ساخرا:
-رافقتك السلامه؟
فتح لي الباب وما أن خرجت في الهواء الطلق حتى شعرت كما وأني خرجت من جحيم القبور وظلامها  إلى الحياة من جديد، تنفست الصعداء دون أن أفكر بالطريق وأين أنا..وإلى أين سأذهب..و..أين الطريق.
ولم أسمع من حولي سوى نباح الكلاب القريبة مني.

            "إنتهت القصة "
          وإلى قصة أخرى...

تيسيرالمغاصبه 

ليست هناك تعليقات: