(في عتمة الحافلة )
سلسلة قصصية
بقلم:
تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ذباب صحراوي
-٢-
كنت حريصا على إختيار أول مقعدين لي ولصديقي إلى جانب السائق في الحافلة الضخمة لنستمتع في مراقبة الطريق .
إنطلقت الحافلة بلا توقف متجاوزة المدينة إلى حيث الجبال والصخور ،والوديان ،كان الظلام حالكا لعدم وجود أعمدة إنارة،بعد مرور ساعتين كنا قد إقتربنا من قرية "ق" القابعة وراء الجبال القريبة.
توقفت الحافلة بسبب ازدحام سير غريب ومفاجئ بالرغم من قلة المركبات في الطرق الصحراوية في العادة،كيف حدث ذلك لم نكن نعلم.
توقفت الحافلة وراء بعض المركبات ،كذلك تجمع خلفها الكثير من المركبات الأخرى ،فيما حدثت جلبة في الخارج ،رأينا بعض الأشباح في الظلام الحالك ،كانوا ملثمون بكوفيات عربية،ويرتدون سراويل الجينز "تناقض عجيب "،وقد أشعلوا النار في وسط الطريق بصندوق كرتوني.
إقترب بعضهم من الحافلة مهددين قائدها بالهراوات والحجارة طالبين منه إطفاء الفوانيس وإيقاف المحرك .
نفذ قائد الحافلة طلبهم طائعا بلا أي جدال ،وذلك خوفا من أن يقوموا بتحطيم الفوانيس والزجاج .
همست لصديقي ضاحكا:
-يبدو أننا قد إخترنا الجلوس في المكان الخطأ مما يجعلنا ذلك عرضة لحجارتهم؟
ضحك صديقي وتكور في مقعده كعادته ليصبح أكثر قصرا وصدرت عنه الروائح الكريهة كحيوان "الظربان"، وضحك ضحكة غير مقنعة هذه المرة ،حيث كانت ممزوجة بالقلق.
لكنه أخيرا فهم أيضا ماعنيته عندما قلت :"أن مشكلة هؤلاء الوحيدة بأنهم يحييون بلا قضية ،بلا هدف، ولهذا السبب يشغلون أوقاتهم بتلك الأفعال..بلا غاية ..بلا معنى مستغلين الظلام ليثيرون الفزع في قلوب المسافرين ..فقط؟"
صمت قليلا ،ثم ضحك ثانية ضحكة تخفي مايشعر به من خوف ،همس إلينا السائق:
-هؤلاء مجرد صبية من القرية المجاورة يريدون أن "يعملو إلهم جو" ولاأعتقد أن ذويهم يعلمون بأفعالهم؟
كانوا في بداية الأمر قد أجبروا قائد ناقلة ضخمة وسط التهديد بأن يحرف ناقلته على الطريق بشكل قطري بحيث يسد الطريق بها تماما.
وكان قد إستجاب لهم فورا عندما هددوه باحراق ناقلته.
ماهي سوى دقائق حتى وصلت قوات الدرك فتسرب المشاغبون في الظلام كالقوارض وكأن شيئا لم يكن،
ثم أزاحوا الصندوق المشتعل من وسط الطريق وحيونا بأبتسامتهم المطمئنة ،
لكن بعض أصحاب المركبات انطلقوا بمركباتهم بلا أي شكر لمجهود رجال الدرك، أو أن يتمهلوا على الأقل كي يسمحوا لهم باكمال إخماد النار وثم الابتعاد عن الطريق ،بل كادوا أن يدهسونهم،وهذه هي أخلاق السواقين في بلدنا.
"حقا ياصديقي أننا شعب نحيا بلا قضية ؛ ولهذا لم نجد ما يعلمنا أن نحب بعضنا ،وأن نحترم بعضنا"
كنت قد أتيت على كاسة النسكافيه إثناء تلك الموجة من الذباب الصحراوي المزعج ، لكن صديقي قال بتأفف:
-اللعنة ،لقد بردت كاستي.
"إنتهت القصة "
وإلى قصة أخرى
تيسيرالمغاصبه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق