الخميس، 30 يناير 2025

نص نثري تحت عنوان{{صمتُ المشاعرِ}} بقلم الكاتب الفلسطيني القدير الأستاذ{{صفوح صادق}}


- صمتُ المشاعرِ -

تصمتُ حينَ تكونُ معي
كصمتِ المقابرِ
كأنَّ مشاعرَكَ بقايا رمادٍ
لا دفءَ فيها
وكأنَّ ما لديَّ لا يُثيرُ اهتمامكَ
أخرسٌ أصمٌّ
وكأنَّ قلبَكَ نافذةٌ مغلقةٌ
لا يطرقُها أحدٌ
ولا يُشعلُ ضوءَها أيّ رجاءٍ
أراكَ لكنِّي لا ألمسُكَ
أسمعُكَ لكنِّي لا أشعرُ بكَ
فأُصبحُ أنا الصدى
وأنتَ الفراغُ
كأنَّكَ حجرٌ 
يتجاهلُ الريحَ حينَ تمرُّ
لا يهتزُّ فيكَ شيءٌ
ولا يُبالي قلبُكَ بصوتِ المطرِ
أُناديكَ بألفِ لغةٍ
فتصمُّ أُذناكَ عن كلِّ حرفٍ
كأنَّ بيننا جدارٌ لا يُهدم
وكأنَّ حروفي رمادٌ
لا يحملُها الهواءُ
أمُدُّ يدي إليكَ
فتبقى يدكَ في جيبِكَ
كأنّني وهمٌ وكأنّكَ يقين
لا يعرفُ الحُلمُ طريقاً إليهِ
أتحدّثُ عن شوقي إليكَ
فيبتلعُ الصمتُ كلَّ كلماتي
وتظلُّ جالساً كتمثالٍ
تحرسُهُ الظلالُ
أنا هنا أذبلُ على مرآكَ
كزهرةٍ نسيتها الرياحُ
كأنّني لوحةٌ مُغلقةٌ
لا تراها عيناكَ ولا يقرأها قلبُكَ
أحملُ إليكَ دفء المساءِ
فتقابلُهُ ببرودِ الشتاءِ
أُحدّثكَ عن أحلامي
فتتركها تتلاشى كفقاعاتِ هواءِ
هل أنا ظِلٌّ يرافقُكَ
أم ذكرى تراوغُكَ
أم أنّي صوتٌ يتردّدُ في أروقةِ النسيانِ
كلُّ يومٍ أبحثُ عنكَ
بينَ شظايا الصمتِ
وفي زوايا الغياب
لكن لا أجدُ سوى فراغٍ
يمتدُّ بيننا كصحراءٍ بلا نهاية
قل لي كيفَ أُحيي فيكَ شُعلة
إن كنتَ أنتَ الرماد
وكيفَ أجدُ نفسي في عينيكَ
وأنتَ لا ترى
ولكن فجأةً
رأيتُكَ ترفعُ عينيكَ نحوي
كأنّ الصمتَ قد تشقّقَ
وأنّ الجدارَ قد انهارَ
إبتسمتُ بخجلٍ
كأنَّكَ تكتشفُني لأوّلِ مرّةٍ
مددتَ يدَكَ
فتلاقت أصابعي مع دفءٍ
كنتُ أظنُّهُ رحلَ
تكلّمتُ بصوتٍ خافتٍ
لكن كلَّ كلمةٍ منكَ
كانت نغمةً تعيدُ الحياةَ
لقلبيَ المُتعَبِ
رأيتُ الرمادَ يتحولُ ضوءاً
والفراغُ يُزهِرُ بالحُبِّ
وكأنَّنا وجدنا الطريقَ
إلى بعضنا من جديد.

صفوح صادق-فلسطين

٢٩-١-٢٠٢٥ 

ليست هناك تعليقات: