الخميس، 2 يناير 2025

مجموعة قصص قصيرة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


(في عتمة الحافلة )
   سلسلة قصصية
          بقلم:
  تيسيرالمغاصبه 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

،، تقاطع

لم تتوقف الحافلة سوى لدقائق معدودة لتسمح من خلالها لسفينة الصحراء بعبور الطريق إلى الضفة الثانية. 
فعبرت بتمهل "بأقل من مهلها" نظرت إلى السائق كما وإنها تقول :
"إن الله مع الصابرين؟"
ومن ثم تابعت العبور.

  ،،هستيريا

إرتفع صوت جهاز التسجيل في الحافلة إلى أعلى  درجة ،فيما إنطلقت الحافلة مسرعة بأقسى سرعة .
ضحك قائد الحافلة بهستيريا غريبة، تمايلت رؤوس وأجساد المسافرين بشكل  لا إرادي.

،، للصدق 

أن الصحراء أيضا لها قوانين ،وإتاوات،  وقراصنة ..ورمال .

،،حدث 

بعد أن إحتدت  المشاحنة  والملاسنة مابين قائد الحافلة وأحد المسافرين، قررا أخيرا النزول من الحافلة والتوجه مشيا إلى الجبل للمنازلة وراؤه، 
واتفق المسافرون على أن من يعود منهما ناجيا هو من سيقوم بقيادة  الحافلة بهم.
لكن...
لم يعد أي منهما.

،، لا 

ومن سار على الدرب ؛قد لا يصل أبدا.

،،شغف
  
كان حاضرا في جسده،أما هي فكانت حاضرة بجسدها..وقلبها؛وحرمانها.
لم يكن بينهما أي سابق معرفة،كان هو مستلقيا على مقعده،ينام بكل أريحية بعد إنقطاعه التام عن عالمها.
لاشهيق..لازفير ..لاإدراك؛
لقد جاوز هذا العالم الصاخب،
جاوز أي شعور حسي.
هي..
ألقت  برأسها على صدره كعاشقة 
متيمة،أو زوجة محبة ..مخلصة،خطفها حبها من طفولتها،ومراهقتها،مستغلة تلك الفرصة الذهبية النادرة.
كانت عتمة الحافلة محفزة على الحب الشغوف،فتحت أزرة قميصه..داعبت فرو صدره البارد بحنان.
هي في قرارة نفسها تعلم أن لابد للطريق من نهاية،ولابد للحافلة أن تصل إلى محطتها الأخيرة.
لابد للسفر أن ينتهي،
ولابد للرغبة الجامحة أن تنطفي.
لكنها تعلم أيضا ..
بل هي الوحيدة في تلك الحافلة 
التي تعلم أن ذلك الجسد لن يصحو
أبدا،ولن يصل إلى المحطة التي يريد ،لقد جاوزها إلى أبعد بكثير ،لعلها تحدث نفسها بقول
:"ليته يصحو بظروف أخرى تجمعني به ".
تحمر وجنتاها عندما يخطر في ذهنها خاطر بأن ذلك الجسد البارد الفاقد الحياة سيتحرك وتضج فيه الحياة من جديد.
وأن تلك الجفون سوف تكشف عن
عيون ذات نظرات جريئة.
فتمتد ذراعيه لتحتضنها بشغف يفوق شغفها.
تبتسم خجلة فتخفي رأسها في صدره المكشوف
كطفلة مدللة.

 ،،دعاء السفر 

تقدم الرجل المسن من قائد الحافلة وطلب منه أن يأذن له بقراءة دعاء السفر عبر المايكروفون. 
ثم طلب من المسافرين جميعا قول: "آمين "إن هو إنتهى من دعاؤه.لعل الدعاء يرفع ويستجاب.
بدأ الشيخ المسن بالدعاء الذي لم يكن يسمعه سوى هو وضجيج المحرك الكهل. 
فرغ الرجل من الدعاء  كما يفرغ الراهب من عبادته في غار مظلم،لكن لم يسمع قول "آمين "،وكان السبب أنه لم يسمعه أي منهم ،لم يتنبه منذ إنطلاق الرحلة إلى أن جميع المسافرين كانوا يوصلون سماعات الأذن بالغناء الصاخب ويعيشون في عوالمهم الخاصة بأنسجام تام.

(يتبع...)

تيسيرالمغاصبه 

ليست هناك تعليقات: