"غيابُ الرمز"
في ذلك المكان،
حيثُ لا تجدُ الأجسادُ موطئًا على الأرض،
غابتِ الأيدي التي أمسكتْ بالسماء،
وتوارَتِ العيونُ التي رأتْ ما وراءَ السراب.
عزلةٌ بينَ الرؤوسِ الشامخةِ
والجراحِ المبثوثةِ،
حينَ يصبحُ الأفقُ فراغًا،
وتفقدُ الأرضُ صلابتها تحت الأقدام،
تختفي الرموزُ التي تعيدُ تشكيلَ الكون،
وتغيبُ الأيقوناتُ التي تضيءُ الدروب.
في هذا الفراغ، يبحثُ العقلُ عن مرسى،
عن نقطةِ ضوءٍ تقودهُ في دهاليزِ الضياع.
لكنَّ الرمزَ الغائبَ كانَ الجسرَ
بينَ المُدرَكِ والمحسوس،
بينَ الرؤيةِ والغياب،
بينَ الحقيقةِ والوهم.
بدونهِ، تتكسَّرُ المرايا،
وتغدو الانعكاساتُ شظايا
لا يجمعُها معنى.
الرمزُ ليسَ مجردَ إشارة،
إنهُ نبضُ الفكرةِ وروحُ المعنى،
غيابُهُ فراغٌ لا يملؤهُ إلا الصمت.
فالحروفُ بلا عناوينِها
لا تُسطِّرُ تاريخًا،
والأرقامُ التي حَسَبَتْ خُطُواتِ النصر
تَبْهَتُ في عيونٍ
تبحثُ عن السر.
وكلما تاهتِ الحقيقة،
عادَ الغيابُ ليعيدَ تشكيلَ الهويةِ،
كحجرٍ يسقطُ في عمقِ الزمن،
فتموجُ دوائِرهُ بلا نهاية.
بقلم دنيا محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق