الجمعة، 21 مارس 2025

نص نثري تحت عنوان{{أمي الحبيبة}} بقلم الكاتب الفلسطيني القدير الأستاذ{{صفوح صادق}}


أمي الحبيبة...

ما يزال عطركِ على كتفي

 -عانق قميصَ أمّكَ-

وأنتَ تنزعُ جلدَ الحياةِ عن جسدِكَ
عانق قميصَ أُمِّكَ عندَ مغيبِ الشمسِ
دُسَّ يديكَ في أكمامه
علَّكَ تجدُ بقايا دفءِ يديها
تُرَبِّتُ على كتفيكَ المُثقلين
كما كانت تفعلُ حين كانَ الحُزنُ
أكبرُ مِن عُمرِكَ الصغيرِ

إستنشِق بعمقٍ
فالنسيجُ يحفظُ أنفاسها
وتلكَ الرائحةُ التي مازالت
تُبلسِمُ أوجاعَ قلبِكَ المُتعَبِ
كم مَرَّةٍ أخفَيتَ وجهَكَ فيهِ
خجلاً مِن دمعِكَ
وكم مرَّةٍ كُنتَ تحملُهُ
كأيقونَةٍ تُطمئِنُ بها قلبَكَ المُشرَّدِ.
عندَ مَغيبِ الشمسِ
حينَ تُفرِغُ الأيامُ جيبوبَها
مِن الأملِ والضوءِ
يبقى القميصُ شاهداً
حارساً للعمرِ الذي مضى
وباباً صغيراً
يُفضي إلى صَدرِها
إلى دفءِ صوتِها
إلى تلكَ اللّحظةِ التي تمنيّتُ
أن تُخلَّدَ للأبدِ

لا تتركُهُ
فهوَ وطنُكَ الأخيرِ
حين تغتربُ في زِحامِ العالمِ
حين يُثقلُكَ الحنينُ
وحين تكتشفُ أنَّ بعضَ الحُبِّ
لا يموتُ أبداً
بل يبقى عالقاً في خيطٍ قديم
في زِرٍّ مكسورٍ
وفي رائحةٍ تأبى أن ترحل

عانق قميصَ أُمِّكَ طويلاً
دعهُ يبتلُّ بدمعِكَ إن شئتَ
فهو وحدهُ يعرفُ سِرَّ إنكساراتِكَ
وحدهُ يُدركُ كم كُنتَ طِفلَها المُدلَّلِ
وكم صِرتَ الآنَ وحيداً في مواجهةِ العالمِ

لا تخف
فالأُمُّ لا تغيبُ تماماً
تبقى في الأشياءِ التي لامستَها
في الأقمشةِ التي عطَّرَتها بأنفاسها
وفي صوتٍ داخليّ سيُناديكَ
كُلَّما تعثَّرتَ
أنا هُنا..لا زِلتُ أراكَ
لا زلتُ أُحبُّك..

صفوح صادق-فلسطين 

ليست هناك تعليقات: