أغنيةُ الغياب
الوقت يختبئُ في جيب العدم،
والساعةُ تنام بلا نبض،
كأنّ الزمنَ ضلّ طريقه بين أنقاض المرايا.
كلُّ صوت يخاف الهواء،
والجدرانُ تُصغي لقلقي بعين لا تُرى.
أنا هنا،
أُمارس الموت كعادة يوميّة.
أجلس على رصيف نسيَ اسمه،
أفكّرُ في شجرة تنتظر ربيعًا لن يأتي،
وفي طائر يحلمُد بالفرار من جناحيه،
وفي ريح تتوهج في رأسي
كأنها حلمٌ يشهقُ دون اكتمال.
بيننا وبين الكون حجاب،
حتى الريحُ تتحدث بلغة غريبة،
وظلي،
صار سؤالي الأكثر وجعًا.
تفيض داخلي أنهارٌ من نسيان،
تغسلُ الذاكرةَ،
وتتركُ القصائد وحيدة على طين الحنين.
أرسم في الهواء أبوابًا من وهم،
أدخلها ولا أخرج،
أحلم بمساء يوزّع الضوءَد
كما توزّع الأم على أولادها القصص قبل النوم.
يا ليل،
كن رقيقًا هذه المرّة،
أعرني نجمةً
أضمّها لقلبي
كي لا أسقطَ مجددًا في نفس الحلم.
أنفاسي تتعثر في طريق لا ينتهي،
وملامحي تذوب كخريطة نسيت تضاريسها،
عيناي تسردان الحكايا
لكن بلا صوت،
وفي نظرتيهما صلاةُ سحاب أضاع السماء.
دصوتي نايٌ وحيد،
والصمتُ جدارٌ لا ينصت،
أحاولُ أن أقرأ وجهي،
فلا أجد سوى ظلّي
يكتبُني كما يشاء.
أحلامي تساقطتْ،
كما تسقط السنونو في منقار شتاء قاس،
وأنا،
أعدُّ خطواتِ الوقت
وأبحثُ في الرماد
عن شرارةٍ تُعيدُني.
كم تمنيّتُ
أن يعود المساءُ وفيه ظلّك،
أو عطركِ،
لكنّ المسافة بيننا
صارت قصيدةً بلا وزن،
وأنا،
غريبٌ في جسدي،
أبحث عنّي،
ولا أجدني.
بوزيد كربوعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق