السبت، 17 مايو 2025

قصيدة تحت عنوان{{رَبّاهْ}} بقلم الشاعر التونسي القدير الأستاذ{{سميربن التبريزي الحفصاوي}}


*رَبّاهْ...!

يا مستجيب الدعاء يا الله
رباه لا مَهْرَبَ مِنْكَ إِلّا إِلَيْكَ...
يَا مَقْصِدِي حِينَ دُعَائِي
وَحِينَ صَلَاتِي وَمُنَاجَاتِي
يَا هَدَفِي وَمَرَامِي وَغَايَتِي
فِي كُلِّ وِجْهَةٍ وَكُلِّ جهة
وكل ناحية و ٱتِّجَاه...
رَبّاهْ...
أَنْتَ الْخَالِقُ وَأَنْتَ الإِلٰهْ...
يَا أَنِيسِي فِي وَحْدَتِي...
وَحِينَ  وحشتي وٱغْتِرَابِي
يَا قُرَّةَ عَيْنِي إِلٰهِي...
حِينَ تُدْبِرُ الدُّنْيَا عَنِّي...
وَتَغْرُبُ الشَّمْسُ
 وَيَلُفُّنِي لَيْلٌ طَوِيلٌ....
حِينَ تُهَاجِرُ عَنِّي كُلُّ طُيُورِي
وَتَجْدُبُ أَرْضِىي بعد الربيع
وَيَذْبُلُ زَهْرُ رِيَاحِينِي...
وَيَأْخُذُ مِنِّي الْعُمْرُ مَدَاهْ....
رباه....
لما يَسْكُنُ لَيْلِيَ الطَّوِيلُ... 
الطَّوِيلُ.. ويأخذني مداه
وَيَهِنِ الْعَظْمُ مِنِّي ربي
 وَأُمْسِي بَعْدَ الشباب مهينا
وَبَعْدَ الْفُتُوَّةِ وَالصِّحَّةِ والقوة 
ضعيفا  مَرِيضًا عَلِيلًا 
وَيَضْعُفُ نَبْضِي رَبِّي
وَيَشْتَدُّ جَدْبِي وَقَيْظِي
وَتَغْرُبُ عَنِّي شَمْسُ الشَّبَابِ...
وَأَهْجَعُ فِي رُكْنِ الْحَيَاةِ
لِنَوْمٍ خمول... وَلَيْلٍ يَطُولُ..
ويهرب مني كل الكلام وأهجع...
وَتَصْمُتُ فِي  جُنْحِ الظَّلَامِ الشِّفَاهْ...
رباه...
عندما تَقْفُرُ مِنْ مُدُنِي كُلُّ الشَّوَارِعِ
وَيَأْتِي خَرِيفِي بَعْدَ الرَّبِيعِ...
وَتُورِقُ وَحْشَتِي بِالْحُزْنِ وَالْعَدَمِ
فَأَنْتَ يَا رَبِّي وَقْتَهَا مَقْصِدِي
وَأَنْتَ أَنِيسِي إِلٰهِي...
وَأَنْتَ الْمُعِينُ لِلْعَبْدِ الْمُطِيعِ
دَعَوْتُكَ يَا رَبِّي الْمُجِيبَ السَّمِيعَ
إِلٰهَ الْجَمِيعِ...
حِينَ أُدْبِرُ عَنْ هٰذِهِ الدُّنْيَا
وَتُدْبِرُ عَنِّي حياة الرفاه...!!
فأنت الوحيد يا ربي ملجئي 
وأنت معيني 
وأنت من أتمنى في ساعة الضيق 
بأنني ألقاه و أرضيه وأنال رضاه...
رباه حِينَ يَعْسُرُ النَّفَسُ عِندَ أَنِينِي...
وَيُولَدُ الْمَوْتُ مِنْ جَدْبِ شَرَايِينِي...
هَلْ لِي إِذَا غَادَرَتِ الرُّوحُ جِسْمِي...
وَأَغْمَضْتُ بِالْغَصْبِ عَيْنِي
وترجلت بعد ركوب السنين
مُلَبِّيًا لِدَاعِيكَ طَوْعًا
وَتقْتُ إِلَى النُّورِ عَلِّي أَرَاهْ.....
هَلْ لِي فِي سَاعَةِ الْفِرَاقِ وَالْحَقِّ
إِذَا مَاتَ الدَّمْعُ فِي يَبَسِ الْمَآقِي
وَعَزَّ عَلَيَّ وَهْجُ وَالتَّلَاقِي
هَلْ لِي خَلْفَ الْمَدَى...
رَحْمَةٌ مِنْكَ إِلٰهِي تَصْطَفِينِي...
وَضَوْءٌ يُؤْنِسُنِي فِي وَحْشَتِي
يَغْمُرُنِي فِي وَحْدَتِي وَيَأْتِينِي...
هَلْ لِي وَمْضَةٌ مِنْ نُورِ الإِلٰهْ....
وَهَلْ لِلْقَلْبِ الْمُعَقَّمِ بِالسَّلْمِ
أَنْ يَفْتَدِيَ وَحْشَةَ الْقَبْرِ الْمُخِيفِ
وَيَمْحُوَ عَنْهُ سَوَادَ الْخَطِيئَةِ...
وَمَا خَطَّهُ الْقَلَمُ لِيَوْمٍ خَلَا
فِي وهَلةٍ وَلَحْظَةٍ وَدَقِيقَةٍ...
وَهَلْ لِي غَيْرَ الْقَلْبِ السَّلِيمِ
إِذَا مَا أَتَيْتُ لِرَبِّي...
عَسَانِي أَلْقَى الْقَبُولَ..؟!
عَسَى أَنِّي أَنَالُ رِضَاهْ....
فَلَا مَهْرَبَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ
الرَّحِيمُ الْغَفُورُ...
وَلَا قَوْلَ لِي غَيْرَ نِدَائِي
وَصِدْقِ دُعَائِي...
حِينَ أَصِيحُ بِالصِّدْقِ
مِلْءَ صَوْتِي لربي
و مِنْ عُمْقِ قَلْبِي أقول:
الله يا رَبّاهْ...!!

-سميربن التبريزي الحفصاوي-تونس 

ليست هناك تعليقات: