الخميس، 1 مايو 2025

قصيدة تحت عنوان{{كَفُّ الوَرد}} بقلم الشاعر اللبناني القدير الأستاذ{{علاء الغريب}}


 {كَفُّ الوَرد}

بِمُناسَبَةِ عيدِ العُمّال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سَأَقرَأُ خُطوطَ كَفِّكَ وَما فيهِ
وَأُفْضي لَكَ بِما يَحتَويهِ
دونَ نُقصانٍ وَدونَ زِيادَة
يا أَيُّها الكادِحُ المُكِدُّ
عَلى بُساطِ كَفِّكَ المُمتَدِّ المُجعَّدِ
خُطوطُ طُولٍ وَعَرضٍ
تُشبهُ خُطوطَ الأَرضِ

... 2
فِي الأَسفَلِ
هُناكَ خَطٌّ مُهمَلٌ
مَسلَكُهُ قَديمٌ
قَديمٌ
مِن ماءٍ وَطِينٍ
حَفَرتْ عَلَيهِ السُّنونُ
كُهوفًا وَأَغوارًا
وَوِهادًا تَملؤُها أَخادِيدُ شَقَاءٍ مِن نارٍ
نَبَتَتْ عَلَى ناصيتِهِ
هاماتٌ مِن الهَشِيمِ
يُسَجِّلُ لِلبَشَرِ
صُكوكَ القَدَرِ
وَأَنتَ وَقَّعتَ بِتُؤَدَةٍ
يا أَيُّها المَهمُومُ
دونَ أَن تَعتَرِضَ
عَلى صَكِّ قَدَرِكَ المَحتُومِ
وَأَن يَكونَ كَفُّكَ المَلثُومُ
بِالألَمِ
دونَ أَن تَعلَمَ
خَيرَ كُفوفِ الأَرضِ

...3
هُناكَ خَطٌّ آخَرُ مُرتَدٌّ
رُسِمَ مُتَأَخِّرًا عَنِ الأَوَّلِ
قَد مالَ وَالتَوَى
عَن جُرحٍ مُتَقَيِّحٍ
مَوشُومًا بِسُمرَةِ القَمحِ
مِن ماءِ جَبِينِكَ قَدِ ارتَوَى
إِن رَآهُ جَنَاهُ مُزهِرًا مُورِقًا
تَزَيَّنَتِ الرُّوحُ بِالأَلَقِ
وَتَبَسَّمَ وَفَرِحَ الجَوَى
فِي يَومِ عُرسِ الحَصادِ
عَلى ما جَناهُ مِن غِلالٍ
وَمِن الرِّزقِ الحَلالِ
شَكَرَ اللهَ وَتَحَمَّدَ

...4
فِي الأَعلَى
خَطّانِ مُستَوِيانِ
يُشبهانِ الفُراتَ وَدِجلَةَ
تُظَلِّلُهُما أَلفُ نَخلَةٍ وَنَخلَةٍ
لِكُلٍّ مِنهُما دَلالَةٌ
خَطٌّ كالسَّيفِ البَتّارِ
وُشِمَ بِالطِّينِ
يَبرُقُ كُلَّ حينٍ
مِن بَينِ النّارِ
وَأَنفاسِ الغُبارِ
وَكَأَنَّهُ خِيضَتْ عَلى شِعابِهِ
 مَعرَكَةُ حِطِّينَ
كَفًّا عَزِيزَ النَّفسِ مُتَمَرِّدًا
لا يَعرِفُ الذُّلَّ وَلا العَيبَ
وَالآخَرُ خَطُّ الإِيمَانِ
صاحِبُ القَلبِ النّابِضِ
المَرصُوصِ بِثِمارِ الخُشُوعِ
المُمتَدِّ إِلى ما وَراءَ الضُّلُوعِ
إِن نَاجَى اللهَ ذَرَفَتْ مَآقِيهِ الدُّمُوعَ
وَتَرَقْرَقَ قَلبُهُ بِالإِيمَانِ وَتَهَجَّدَ

...5
يا سَيِّدِي الكادِحَ الزّاهِدَ
يا رُوحَ الأَرضِ الوَاعِدَةَ
يا صاحِبَ بَسْمَلاتِ الفَجرِ
وَالكَفِّ المُبارَكِ
المُثابِرِ المُجاهِدِ
يا أَيُّهَا القَنُوعُ الصَّبُورُ
الَّذِي رَضِيَ بِما كَتَبَهُ اللهُ لَهُ
وَبِما أَرَادَ
يا شارِبَ الحَنظَلِ
الصّابِرَ فِي وَقتِ الشَّدائِدِ
يا سِيمفُونِيَّةَ المَناجِلِ
وَمَوَّالِ يَومِ الحَصادِ
إِنَّ عَلى كَفِّكَ تَختَبِئُ مَواسِمُ الفُصُولِ
مَعالِمُهُ تُشبِهُ بَيادِرَ الحُقُولِ
خُطوطُهُ أَثلامُ حَرثٍ
تَشَقُّقاتُهُ مَنابِتُ غَرسٍ
يَفُوحُ جَبِينُهُ بِعَبَقِ التُّرابِ
تَعَشِّشُ فِيهِ طُيُورُ الخَيرِ أَسرَابًا
خَلَجانُهُ المُرنّانَةُ
تَفُورُ بِيَنابِيعِ العَطاءِ وَتَنسابُ
فَأَكثَرُ مِن هَذا لَن أَزِيدَ
إِلّا جُملَةً واحِدَةً
أَقُولُها لَكَ مُجتَهِدًا
لِمَ لا تَزرَعْ كَفَّكَ المُعطَاءَ
بِالرَّيحانِ وَالوَردِ!؟
فَوَاللهِ مِن ثَناياهُ يَنبُتُ
وَيَفُوحُ ضُوعُ خَيرِ الأَرضِ

• علاء الغريب / كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات: