الثلاثاء، 24 يونيو 2025

نص نثري تحت عنوان{{لعينيك أكتب}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


لعينيك أكتب
د. كرم الدين يحيى إرشيدات

والقلمُ يخطُّ خلجاتِ قلبي،
لعينيكِ أكتب،
ولروحكِ أهمسُ بأعذب الكلمات،
يا سيّدتي،
بأيّ لغة أُحادثك؟
وأيّ لُغةٍ تقوى على البوحِ بما أحملهُ لكِ بين ضلوعي؟

أغلقتُ بواباتِ أحزاني،
وأقفلتُ بابَ غرفتي،
أحاولُ استردادَ أنفاسي
وسطَ ظلامٍ دامس،
فنطق لساني: "حبيبتي..."
وترددت الأصداءُ بين جدران الغرفة،
فكانت الحروف كأجراسِ العيد،
تُعلنُ ميلادَ أغنيةٍ
لقدّيسةٍ تسكنُ محرابَ قلبي.

لعينيكِ أكتب،
وتسجدُ في محرابكِ كلُّ القوافي...
هل يُبدّلُ الحبُّ حجراتِ قلوبنا؟
هل يفرشُ الربيعُ أخضرَهُ أراضينا القاحلة؟
هل تعودُ قطراتُ الندى
لتُلامس أوراقَ جنائنِنا التي اخضرّت،
وترقصُ على زجاجِ نوافذنا؟

هل يبدلُ الحبُّ خريفَ أيّامنا،
وتعودُ فصولُ السنين كما كانت؟
هل نعودُ صغارًا لنلعب تحت زخّاتِ المطر؟
هل تعودُ الطفولةُ في عواطفنا،
ويعلو على قلوبنا الشجن؟
وهل يعودُ الناي إلى أناملي؟
هل أشتاقُ لأنفاسي ليصدحَ بصوتهِ الشجي
ويعلو بمقاماته؟

نحن صغارٌ مهما كبرنا،
صغارٌ بعفويتنا،
وكبارٌ... كبارٌ بما نحملُ في صدورنا.
نحن المراهقينَ الشبابَ بعواطفنا،
تهتزُّ الجبالُ لوقعِ أقدامنا،
وشيبًا بحنيّةِ خوافقنا.

هل الحبُّ صانعُ المعجزات، وقاهرُ المستحيل؟
نعم، هو كذلك...

قالت لي: رويدك، حبيبي...
ماذا أبقيتَ لي لأبوحَ به؟
أيها المعتكف، تاهت الأهداب...
ماذا أقول عنك؟
أقول: حبيبي؟
هي قليلة، ولن تكونَ نقطةً في بحرِ أشجانك،
أقول: عشيقُ روحي؟
فالروحُ طوعُ أمرك...

حبيبي،
وأنا التي ما كنتُ أعلمُ قبل حبك،
أن في القلبِ ربيعًا ينبتُ من وجدك.
كنتُ صحراء، ومرجُ العمرِ قاحل،
حتى رويتَ روحي بعطرِ وعدك.

فصرتَ لي دنيا،
وأحلامًا مؤنقة،
تُزهرُ سنيني، وتُغنّي لنبضِ عهدك.

وأنا أحبك،
لا كأيِّ محبةٍ تُروى،
بل كنبضٍ خُلق في القلبِ لا يُنسى.
أراك دهري،
وعمري قبلك لا يُحكى،
فأنت بدايتي...
ومصيري إذا طوى الزمانُ مداه.

أحبك عشقًا عبرَ الزمنِ مؤبّدًا،
يسري في روحي،
لا يغيب... ولا يُهوى سواك.

حبيبي،
عندما يكونُ الاشتياقُ لهيبًا في النفس،
تصير الكلماتُ كمن يرشّ الماءَ على النار،
لا النار تُطفأ، ولا الماءُ يبقى...

حبيبي،
أحبك فرحًا يسكنُ القلبَ بهدوء،
ويُبكيني حبك،
وتُبكيني أشواقي إليك.
وحنيني لك لا يُعادله شيء.

معك، أضحك،
والعين تذرفُ فرحتَها،
فكم من شوقٍ غمرَ الدمعَ بالأنين...

أنت سعادتي،
والروحُ تبكي اشتياقًا إليك،
وحبك... نبضي ودمعي وسهرُ ليلي.

حبيبتي،
إذا التقت الأرواحُ في رحابِ الصدق،
فماذا بقي بعدُ لنبوحَ به؟

في محرابِ عينيكِ توقّفتْ كلُّ لغاتِ الوجد،
وأُغلِقت دفاترُ العاشقين...

نحن — أنا وأنت —
حكايةُ الحكايات،
حكايةٌ عجزَ الرواةُ عن وصفِها،
ليست ألفَ ليلةٍ وليلة،
بل حكايةُ عمرٍ ابتدأ بنبضة،
أشعلتْ براكينَ الأشواق...

حبيبي،
لعينيك أكتب، وأناجي، وأُحاور
الأشواق في نجواك...
يا عاشقًا سلبني بوفائه
عمري وحياتي،
يا ساكنًا قلبي، وعطرَ زماني...

بحبك أصبحَ عمري نورًا وأماني.
كتبتُ إليك الحرفَ شوقًا، وهيبةً،
فكلُّ حروفي من هواك... أغاني.

يا مالكَ الأرواح دون تردد،
بلغتَ الفؤادَ، وسِرتَ فيه كياني.
إذا غبتَ عني، ظلَّ وجدي مسافرًا،
يُفتّش عنك بنبضه الحيران...

فكن لي حياةً لا تغيبُ نجومُها،
فأنتَ اختصرتَ العمرَ في ثوانِ.

حبيبي،
د. كرم الدين يحيى إرشيدات

الاردن 

ليست هناك تعليقات: