الأحد، 22 يونيو 2025

نص نثري تحت عنوان{{ذاتك والقلم}} بقلم الكاتب التونسي القدير الأستاذ{{محمد الهادي الحفصاوي}}


(ذاتك والقلم)
اكتب متى ألحَ الحرف  وحان مخاض اليراع والدواة..واهتز بين اناملك القلم يروم ان يلفظ مدادا ساخنا متوقدا من جوفه...
اكتب متى انتابك فرح دافق غامر ،او كمد غائر قاهر ،او صفاء نفس ونقاء ذهن زكي عاطر...
اُكتب متى توقد حسك ألما او جذلا، انسا أو شوقا ، حنينا وتوجعا وتفجعا،.رجاء وتطلعا واملا 
ياسا وانكسارا، أو توثبا وانتظارا ..
اُكتب متى لم يبق لك سلاحا غير القلم ،وانت تغرق في وحل المكابدة والآلام، او اذا غازلتك الرؤى والرجاء والاماني والمنى والاحلام ..
اُكتب متى الفيت ان الحروف آخر عتادك وعديدك للمقاومة، وأطوع سفينة للنجاة..او اذا آمنت ان الحروف أسلك السبل الى سكينة وتوازن وأمان واطمئنان تنشدها الذات..
اُكتب متى كان الحرف نهجا لإثبات الوجود وبرهان الإرادة والحرية والحياة..
وإياك ان تغتصب الحروف من اليراع اغتصابا، لغير داع باطني ضاغط ،وحس مضطرم متوهج ، وانفعال حي ملتهب..إياك أن تكتب لمجرد الكتابة..
فذاك اعتداء على قداسة الحرف وحرمته..
الحرف- لغير موجب نفسي قاهر- يولد أشْوَهَ فاترا بلا أثر ولا قوة ولا وهج ولا صدى ..قد تنتقي اللفظ وترصفه وتنضده .وتحرص على نقاوة معدنه سجلّا معجميا وأناقة عبارة وتراكيب ومستحدث مجاز وأخيلة..ولكنه يظل ذا جمال بلاستيكي اصطناعي يبهر الأبصار ولا ينفذ الى صميم البصائر....
ولرب نثر كان بساطا أخضر نضِرا، ولكن من عشب اصطناعي موات..
ولرب قصيد كان منتهى جمال اللبوس لغة واساليب..ولكنه يظل نظما بلا روح ولا أثر  ولا حياة!
ان الكتابة في نهاية الأمر صورة الماهية، ومرآة الذات!

                                 محمد الهادي الحفصاوي-تونس🇹🇳                                  (بقلمي) 

ليست هناك تعليقات: