الحُبُّ في منطقةٍ محظورة – 4
"رِسالةٌ على حائطِ مدرسةِ الأونروا"
كانت آخرَ رسالةٍ مكتوبةٍ بالفحمِ
على حائطِ مدرسةِ "الأونروا"...
قبلَ الهدمِ:
> "إلى من سيقرأ هذا بعدَ سنواتٍ:
اسمي: (م. د) [محذوفٌ من قبلِ الرّقابة]
أحببتُ فتاةً من غزّة، اسمُها مغروسٌ في ذاكرتي
[محذوفٌ من قبلِ الرّقابة].
كانتْ تعيشُ في حيِّ الشُّجاعية،
قبلَ أن يختفيَ الحيُّ.
أحببتُها لأنّها كانتْ تزرعُ الورودَ
في عُلبِ التونةِ الفارغة،
وأحببتُها لأنّها قالتْ لي ذاتَ مرّةٍ:
"الجمالُ يحتاجُ إلى مساحةٍ صغيرةٍ فقط."
آخرَ مرّةٍ رأيتُها،
كانت تجري نحوَ الجنوب،
تحملُ معها عُلبةَ تونةٍ فيها وردةٌ صغيرة...
صرختُ لها: "لا تنسي الوردة!"
وصرختْ لي: "لا تنسَ غزّة!"
إذا وجدتموها،
قُولوا لها إنّ الورودَ التي زرعتها
في علبةِ التونة...
قد صارتْ حديقةً في قلبي.
وإذا وجدتموني ميتًا،
ازرعوا وردةً في قبري...
ليس لأجلي، بل من أجلها.
الحُبُّ في غزّة لا يموت،
فقط يختبئُ تحت الأنقاضِ
حتّى يأتيَ وقتُ الأزهار..."
كتبتُ هذا في آخرِ ليلةٍ قبلَ الإخلاءِ:
"إذا عدتم إلى غزّةَ يومًا،
فابحثوا عنّا...
سنكونُ هناك،
حتى لو لم تجدونا."
الحائطُ انهارَ في اليومِ التالي...
( محمد الحسيني )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق