لو لم تكوني أنت
د. كرم الدين يحيى ارشيدات
تعلّمتُ الغزلَ لأنسجَ لكِ من خيوط الشمس أجمل الحروف، وأنقى الكلمات،
قصائدَ عذرية تتغنّى بكِ،
وتغنّي الأشواقُ بكِ.
يا قصيدتي العصماء التي أردّدها بيني وبين نفسي،
أولى كلماتها: حبيبي، نبض قلبي،
وآخر كلماتها: حبيبي.
حروفي أنتِ،
وكلماتي أنتِ،
وشهقةُ روحي أنتِ.
بالأمس، كنتُ أُشهِر من غزل الحروف،
وأعطّرها بعطر الورد، ممزوجًا بأشواقي،
ثمّ... توقّفتْ ساعات زمني.
كلّ شيءٍ يتحرّك من حولي،
أسمع الأصوات تعلو،
وأنا... ساعةُ زمني توقّفت عند نولِ قوافيّ وكلماتي.
توقّف نولُ الحروف عن الغزل،
وتحطّمت صنّارةُ الإلهام.
حبيبتي...
أتدرينَ ما فعلتِ بي؟
نبضةٌ مخنوقةٌ بين ضلوعي،
وغصّةٌ متوقفةٌ في حلقي،
ورعشةٌ كبيرةٌ في يدي...
لا أستطيعُ الإمساكَ بالقلم.
لحظاتٌ تكادُ تُعدُّ بالثواني،
تمرّ وكأنها دهرٌ من السنين.
وما بين الهمزة والمدّة تكون الشدّة بفتح الشين،
وأنتِ لا تدرين... هي الشدّة بعينها بكسر الشين،
شدّةٌ وألمٌ في روحي قبل جسدي.
أصبح الاشتياقُ بالنسبة لي ألمًا مُعتّقًا،
ألمًا كنتُ قد نفيتُه في سراديب أحزاني
منذ عرفتك.
حبيبي...
يا سيّدَ الكلمات،
وسندبادَ الحروف،
يا قبطانَ سفينةِ أحلامي...
عذرًا،
بالأمسِ، تاهتْ سفينةُ أحلامي
في بحورِ غرامك،
ما عدتُ قادرةً على العودةِ
إلى شواطئِ الأمان،
بين ذراعيك وأحضانك.
اختلطتْ عليّ الاتجاهات،
وصوتي لم يصل إليك لتنقذني،
بكيتُ،
تلوّعتْ روحي،
وذرفتُ دموعي راجيةً، داعيةً
ربَّ القلوب
أن يهديني ويدلّني
إلى بَرّ أمانك.
حبيبي...
رأيتُ كابوسًا أفزعني،
رأيتُ امرأةً تسابقني إليك،
تحاول أن تُبعدني عنك،
وتسرق كلّ لحظاتنا.
امرأة دسّت السمَّ في العسل
لتقتلَ كلَّ أحلامنا،
تريدك بأيّ ثمن.
أنا خائفة...
ومرتبكة حدَّ الفزع،
أخاف أن أغمضَ جفوني ولا أراك،
أخاف عليك أكثر مما أخاف على نفسي.
حبيبتي...
وبعد كل هذه السنين،
أما زلتِ لا تعرفين من أكون؟
أما عرفتِ بعدُ من تكونين لي؟
أما تذكّرتِ عهدي ووعدي إليك؟
أعرفُ...
أدرك تمامًا أن الحاقدين كُثر،
والمتربّصين كُثر،
وكلٌّ يبحث عن فرصةٍ ليفرّقنا،
ليُبعدك عني.
لو لم تكوني أنتِ...
لاعتزلتُ الدنيا،
ومكثتُ في صومعتي،
راهبَ حبٍ
اعتزل النساء،
وتفرّغ لمناسكه وعباداته.
لو لم تكوني أنتِ...
لخلعتُ خافقي من مكانه،
وفتحتُ بواباتِ اللاعودة،
وذهبتُ في طريقي الذي اخترته طواعية،
فإني لا أحتمل العيش
في عالمٍ لستِ أنتِ فيه سيدةَ كلِّ النساء.
لو لم تكوني أنتِ...
ما كانت هناك مناجاة،
ولا كانت هناك حروف،
وكلّ اللغات بدونك
صمّاءُ... بكماءُ...
لا تعرف أكثر من الإشارة.
د.كرم الدين يحيى ارشيدات
الاردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق