الأربعاء، 2 يوليو 2025

نص نثري تحت عنوان{{ليستْ كلُّ الأشجارِ ظِلًّا}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمّد الحسيني}}


ليستْ كلُّ الأشجارِ ظِلًّا،
ولا كلُّ الرّاياتِ بيضاءَ تُخبّئُ السّلام.
ففي سواني بني آدم،
حينَ جلسَ الشّيوخُ في الدّوائر،
كانتِ البنادقُ تُصوَّبُ من وراءِ الأغصان.

حين أَسْقَطَ السَّيْف – 3
الحِكايةُ الثّالثة: "سَوَاني بَني آدَم"

في ليبيا،
كانَ القمرُ يُعلَّقُ على البنادقِ،
وتُغنّي الرّيحُ للرّجالِ الّذينَ لا يعرفونَ الظلَّ
إلّا إذا كانتْ بندقيّتُهم واقفةً تحته.

كانتِ الأرضُ تُصلّي بلغَتَهم،
والشّجرُ يُقاتلُ معهم،
والصّحراءُ تَمدُّهم بالعَزْمِ بدلَ الماء.

ثمّ جاءَ الطليانُ،
يَحمِلون أوراقًا،
ممهورةً بطينِ المكر،
مختومةً برمادِ معاركِهمِ الخاسرة.

قالوا:
"صلحٌ في سواني بني آدم،
عهدٌ جديد... لا حرب، لا نفي، لا مشانق.
عودوا إلى منازلكم، واغسلوا أيديَكم منَ الدّم،
فالسّلامُ أبهى منَ الرّصاص."

فصدّقَ الشّيوخ.
سلَّموا البنادق،
وخاطوا جُبَبَهم القديمة،
وأعادوا الحَمامَ إلى سُقوفِهم،
وأوصَوا الأحفادَ أن يكبروا بلا خوف.

لكنّ اللّيلَ لا يُوقِّعُ على المعاهدات،
ولا يُصدِّقُ وجهَ الإيطاليِّ
وهو يُغلِقُ البابَ بلُطفٍ.
جاءَتِ الجيوشُ بعدَ الصّمت،
واقتادتِ الأسماءَ في عرباتٍ بلا نوافذ.

عُلِّقَ المُجاهدونَ في السّاحات،
وغُرِسَتِ البنادقُ في تُرابٍ
لم يَعُدْ يَثِقُ في جِلده.

وفي اليومِ التالي،
مرّتِ النّسوةُ من أمامِ الحِبال،
ورفَعنَ أكمامَهُنَّ إلى السّماء،
وصرخنَ:

"سُلِّمَ السِّلاحُ... فذُبِحَ الرِّجالُ!"

ومن يومِها،
صارتْ سواني بني آدم
ذِكرى لِشجرةٍ صدَّقَتِ الظلَّ...
فأكلَها الحريق.

✍️ محمّد الحسيني – لبنان 

ليست هناك تعليقات: