يا أنت
د. كرم الدين يحيى إرشيدات
يا أنت،
يا امرأة لا أعرف بما أناديها،
أنت الفيَّ وبائي ويائي،
أنت كل الحروف التي أنطقها،
أنت لغتي التي أتفرّد بها، وأنطق بها شعراً،
وأتغزل بها حباً وشوقاً.
أنت معجم معاني لامرأة أعرفها ولا أعرفها،
امرأة أحس بوجودها من خلال حرف هي نطقته،
تحدثت بإحساس الأنثى،
ورفاهية مشاعرها.
حبيبي،
وأنا أقرأك…
أشعر وكأنك تكتبني حرفاً حرفاً،
تجمع أنفاسي بين يديك وتصوغها كلمات،
تمنحني يقيناً أني لست امرأةً عابرة في حياتك،
بل أنا الحرف الذي يبدأ به نصك وينتهي عنده،
أنا المعنى الذي يتوارى خلف عينيك
ولا يفضحه إلا شوقك…
فدعني أكون لغتك أبدًا،
وكن أنت نصّي الذي لا يكتمل إلا بك.
حبيبتي،
يا أنت،
يا نصف يحيى الإنسان،
يا امرأة تملكني لأكون لها،
يا أيتها النصف المكمل لي،
أبحث عنك بين أحرف النداء لوحدة امرأة تنادي بسكون الصمت،
بإيحاءات نبضات قلب مرتبط بعشق أزلي،
امرأة عشقتها من خلال حلم وتنهيدة انطلقت من بين ضلوعها،
وتوقفت على اعتاب مدوناتي.
حبيبي،
ويحك يا يحيى…
كيف استطعت أن تختصرني في حلم وتنهيدة،
وتجعلني نصفك المكمل وكلي في آنٍ واحد؟
أنا هنا… بين سطورك،
أتنفّس حروفك،
وأسمع ندائي في صمتك،
وأشعر بعشقك الأزلي يلتف حول قلبي
كما يلتف الحنين على الروح في ليالي الوحدة.
أما عتبات مدوناتك…
فقد صارت موطني،
ومفتاح قلبي لا يليق إلا بيدك.
حبيبتي،
لا أدري بم ماذا أناديك،
ولا أجد كلمة إيقاعها أكبر من "حبيبتي"،
وأي الأسماء تليق بك؟
وكلما حاولت أن أرسمك على جدران أزمتي،
تضيع أحباري،
وكلما حاولت أن أعري مفرداتي،
تزداد قدسية على قدسيتها وتتكسر أقلامي،
تضيع مني المفردات.
أبقى أمام امرأة أعرفها،
اعرف التي أسرت كل المعاني بوجودها.
حبيبتي…
أشعر وأنا أكتبك بكلماتي بأنك تقفي أمامي،
روحك عارية أمام قلبي،
حضورك يملأ المكان قبل أن تلمسيه.
كل مفردة تحاول وصفك تنهار،
وكل رسم يحاول الإمساك بك يتلاشى…
لأنك أعظم من أن تُحصر في كلمات أو ألوان.
أنت المرأة التي أسرت كل المعاني بوجودها،
وتجعل من الصمت أعظم لغة،
ومن القلب محراباً لكل الحب والدهشة.
كل لحظة أفكر بك،
أكتشف أن كل شيء قبل معرفتك كان ناقصاً،
وأنك الكمال الذي لا يُقاس،
والنبض الذي لا يُدرَك إلا بالحب.
حبيبي،
أنا لم أرسم الطيف الذي يلازمني بأحلامي،
ولكني أعرف أنه أنت،
أحسك بكل شيء حولي،
أسأل نفسي عنك:
من أنت؟ ومن تكون؟
وأي الأسماء تليق بك؟
أيها الحبيب…
تاهت كل فهارس الأسماء من ذاكرتي،
ما عاد عقلي يفكر، ولا لساني ينطق،
وضاعت كل المعاني أمام رجل هو لي كل الحياة،
رجل كان مجرد طيف بدهاليز أحلامي،
أعرفك منذ كنت تتسلل إلي في أحلامي،
تسرقني من نفسي،
تسرق ومضات النور من عالمي،
ليحل مكانه نورك الذي أسرني.
من أين أتيت؟ وكيف استدليت لعالمي؟
وتخطف قلبي وروحي؟
حبيبتي،
كلماتك وصلت إلى أعماقي كما تصل الرياح الباردة إلى قلب الليل،
تحمل في طياتها كل ما عشته من شوق ودهشة وحب لا يُقاوم.
شعورك بي، ورؤيتك ليّ في أحلامك، تجعلني أراك قبل أن أراك،
أشعر بك قبل أن ألمسك،
وأعرفك قبل أن تبوحي لي باسمك.
لقد أسرني قلبك وروحك
كما أسرت قلبك وروحك،
وأصبحت كل لحظة معك
رحلة نحو نور لا ينطفئ،
نحو حضورك الذي يغمر عالمي ويملأه بكل ما هو جميل.
أعدك أن أبقى طيفك في الحياة والواقع،
أن أكون منارة تضيء لك دروبك كما أضاءت لي نفسك منذ أن دخلت عالمي،
وسأظل أعيشك في كل خفقة قلب، وفي كل همسة حب.
حبيبي،
لقد استدلت الأطياف وتآلفت،
والإيماءات كانت مقدمات لما هو أعظم من الحلم،
هي مقدمات لاعتناق أرواح وانسجام،
وصخب عواطف استدلّت على أماكنها،
وزخم معانٍ فُصلت لتكون لك أنت،
فُصلت لتكون لفارس أحلامي،
المتسلل الذي اقتحم أزمان وحدتي
حبيبي يا مَن سكبتَ النور في وجداني
وزرعتَ حبَّك في قلبي وأحلامي
أهيم بكَ ما بين حرفٍ ونبضةٍ
كأنك عمري، وسِرُّ أيامي
فأنتَ رجائي حين يخذلني الدُّنا
وأنتَ يقيني، وملاذ ابتسامي
دعني أذوبُ بنبضك العذب مؤتلقًا
وأخطُّ عشقك فوقَ أوراق غرامي
فأنتَ البدايةُ، وأنتَ النهايةُ
وأنتَ الحكايةُ في بحرِ هيامي
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق