أجنحة على مقاعد الضوء 2
"درس النحلة"
أشرقتُ من شرنقتي، كمن يخرج من حكاية طويلة...
أبحث عن صديقة لا تسخر من بطني ولا من طفولتي.
لمحتُها، نحلةً تضحك في قلب الزهور،
تغمس رأسها في العطر كطفلةٍ، وتنسى أنفها بين الحلوى.
اقتربتُ مرتبكةً:
"هل تسمحين لي بجرعة ضوء؟"
ضحكت وقالت:
"الضوء لا يُشرب يا صغيرة، إنما يُقطف بالرقص."
منذ ذلك اليوم، علّمتني أن أرقصَ بين الألوان،
أن أُقايضَ الخوفَ بجناح،
وأن الزهرةَ ليست طعامًا فقط، بل عيدًا يحضنه الطيران.
أرشدتني أن أشعلَ شمعةَ قلبي،
أن أبدّلَ الجُرحَ بندفةِ ندى،
وأن الغيمةَ ليست مطرًا فقط، بل وعدًا يحمله التحنّان.
أن أفتحَ نافذةَ الدهشة،
أعانقَ روحَ البذور،
وأن الأرضَ ليست ترابًا فقط، بل ذاكرةً تحفظها الأغصان.
كنتُ أتعثر،
أهوي على أوراق نرجس،
ألتصق في خيوط عنكبوت،
فتعود هي لتسحبني بلطف:
"الخطأ جناح آخر، فلا تخافي."
تذوّقتُ معها شهدَ الضحكة الأولى،
وتعلّمتُ أن الفرحَ يُعطى بغير حساب،
مثل قطر العسل الذي لا يُفكّر كيف يسيل،
بل يسيل لأن قلبه امتلأ.
وعرفتُ أيضًا: إن كانت الورقةُ أمي، فالنحلةُ أختي،
تعلّمني أن الطريق إلى السماء يبدأ من قلب زهرة صغيرة،
من خطوةٍ مرتجفة، تصيرُ مع التكرار أغنية جناح.
✍️ محمد الحسيني – لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق