أروني
حذار أن تفكّرَ في السّفرْ
فأمرُ الــقمْعِ في وطني صَـــــدرْ
سَتقعدُ عاطلاً إنْ شئــتَ أمْ لا
لأنّ الرّزقَ في وطني قــــــدرْ
تعلّــــــــمْ أن تكونَ منَ الرّعايا
تفكّرُ في الرّغيفِ وفي الـمطرْ
فأنتَ مواطنٌ إنْ كــــنتَ راضٍ
بعيشِكَ في المزارعِ كالبــــقرْ
وأمّا إنْ أردتَ العيـــــــشَ حرّاً
فأنتَ مُشاغبٌ فقدَ البصــــــرْ
يُحاصرُنا التّخلّفُ والكـــــسادُ
ويقمَعُنا التّحــــــــــجّرُ والعنادُ
أريدُ سماعَ أهلي بانضـــــباطٍ
ولكنّ الجُــــــــحودَ هو العـتادُ
تراهُمْ في النّقاشِ بلا لِسانٍ
ولا فقْهٍ يؤطّــــرهُ الرّشـــــادُ
وفي مَجْرى الحوارِ ترى شِجاراً
وقد هَربَ التّـــفاهمُ والسّـــدادُ
فَينْقـــــلبُ النّقاشُ إلى عِراكٍ
وهذا في الحياةِ هو الفـــــسادُ
أروني كيف طَلّقَنا القلـــمْ
فجهــــــــلُ النّاسِ يقطرُ بالألمْ
تعلّمَ جُـــــلّنا من دونِ فهمٍ
فصِرنا في المدارسِ كالغنــــــــمْ
وصار الويلُ مُشـــــتمِلاً علينا
كأنّ الجـهلَ منْ وطنــي انتقمْ
تعطّلَ فقْهُـــــنا في كلّ علمٍ
ولمْ ينفــعْ ضـــــــــمائرَنا النّـدمْ
وهذا حالُنا منـــــــذُ انهزَمنا
ومن فقـــدَ الهُدى أضـــــحى قزمْ
أروني كيف ينهضُ هؤلاءِ
وهمْ رفضوا التّـــفوّقَ في الذّكاءِ
رأيتُ من الغرائبِ ما دَهاني
وأذهلني التّحرّشُ بالنّـــــــــساءِ
وهذا أخبثُ الأفعالِ رجْساً
واكثرُها انغماساً في البـــــــــلاءِ
أساءَ لنا وجرّعَنا المآسي
وأقْنعنا بمــــــــــــــــــــــرتبةِ الوراءِ
وأبشعُ ما احْتملنا في الرّزايا
مُقايضةُ التّعـــــــــــــقّلِ بالغباءِ
بكيتُ دماً على موْت الرّفيقِ
كأنّي في الأسى مثلَ الغــــريقِ
أصابتْـــــنا من الأعــــــداءِ نارٌ
فأحرقتِ الزّفيرَ مع الشّـــهيقِ
تجرّعْنا العذابَ بغـــــــيرِ حقٍّ
وصار صُراخُنا مثل النّــــــهيقِ
وجُثّةُ من بضَربِ النّار تُــــلقى
بلا رأسٍ بقارعــــةِ الـــطّريقِ
فما ولدٌ يعودُ إلى أبــــــيهِ
وقد هرب الصّديق على الصّــديقِ
تعبتُ من الكتابةِ في الظّلامِ
وضقتُ من السّـــماعِ إلى اللّئامِ
يئنُّ الـصّدرُ من وجَع اللّيالي
بأحْرُفِ مِحْنةٍ سكــنتْ عِظامي
وفي نـــــفسي أراجعُ كلّ يومٍ
قُبيلَ توجّـــهي صوْب المــنامِ
فما في العيش أقبحُ من نظامٍ
بسوْطِ القمع يضربُ في الأنامِ
وحظّي كان سلسلةً وقيْداً
وحبساً في السّــوادِ من الظّـــلامِ
تُرِكْـــنا في الوراءِ الأوّلينا
قطيــــــــــــعاً من ضباعِ الجاهلينا
نكيدُ لبعـــضنا ليلاً نهاراً
وفي الظّـــــــــلماءِ نرتكبُ المُــشينا
ونشـــــهدُ بيننا كذباً وزوراً
ونحنُ من العبادِ المُسلــــــــــمينا
أليس القهرُ للإنسانِ شرّاً
وكيـــــف نراهُ طبـــــعاً سادَ فينا
ألا يا أمّة الإسلامِ قومـــــي
فنومُ النّاسِ أفْـــــــــقَدنا اليقينا
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق