(البحر الطويل)
(أدركني ليل الفراق )
أَدْرَكَنِي لَيْلُ الفِرَاقِ بِأَجْدَثٍ،
فَيَبْكِي فُؤَادِي وَالجَوَى فِيهِ يَعْتَلِمُ.
وَيَا وَلَدِي، كَمْ كُنْتُ أَحْنُو لِطَيْفِهِ،
فَأَسْقُطُ دَمْعِي كُلَّمَا الوَجْدُ يُلْتَهِمُ.
تَغَيَّبْتَ عَنِّي ثُمَّ خَلَّفْتَ فِي دَمِي
حَرَائِقَ شَوْقٍ لَيْسَ يُطْفِيهَا العَدَمُ.
أُقَلِّبُ فِي صُورَاكَ وَالقَلْبُ خَافِقٌ،
فَيَرْجِعُ مِثْلَ السَّيْفِ يَقْطَعُنِي الأَلَمُ.
وَيُوسُفُ، يَا نُورَ الحَنَانِ، تَنَاثَرَتْ
فُتَاتُ المُنَى لَمَّا تَوَارَى لَكَ القَدَمُ.
أَرَى الدَّارَ بَعْدَكَ مُوحِشًا كُلَّ رُكْنِهَا،
وَيَغْرِقُنِي صَمْتٌ بِهِ الحُزْنُ يَحْتَدِمُ.
وَأَمْدُدُ كَفِّي نَحْوَ بَابِكَ خَالِيًا،
فَيَرْتَدُّ صَوْتِي فِي دُجَى اللَّيْلِ يَنْهَدِمُ.
وَأَسْأَلُ، هَلْ تَرْجِعُ؟ قُلْ لِي، فَدَمْعُهُمُ
يَشُقُّ جَنَاحَ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ يَنْهَزِمُ.
أُحَدِّثُ نَفْسِي كَيْ أُلَاوِمَهَا عَلَى
تَفَرُّقِنَا، فَتُجِيبُنِي: لِلْقَضَاءِ الحُكْمُ.
وَكَمْ لَيْلَةٍ ضَاقَتْ دُرُوبِي بَوَحْشَةٍ،
فَأَشْعَلُ فِي صَدْرِي مِنَ الذِّكْرَى مَا يَضُمُّ.
أُرَتِّلُ مِنْ آيِ الحَنِينِ مَرَاثِيًا،
فَتَهْوِي جِبَالُ الوَجْدِ، وَالقَلْبُ يَضْطَرِمُ.
أُحِسُّكَ فِي رِيحِ السَّحَابِ مُبَشِّرًا،
فَأَلْقَى عَلَى وَجْهِي نَسَائِمَكَ النَّسَمُ.
وَيَأْخُذُنِي ظِلٌّ إِلَيْكَ كَأَنَّهُ
يُجَسِّدُ أَحْلَامًا بِهَا الوَجْدُ يَلْتَحِمُ.
فَإِنْ غِبْتَ يَا نَبْضَ الصِّبَا، فَإِنَّنِي
سَأَمْشِي عَلَى جَمْرِ الحَنِينِ وَلَا أَسْتَسْلِمُ.
وَأَلْمَحُ فِي عَيْنَيَّ ظِلًّا كَأَنَّهُ
يُرَاجِعُ أَيَّامًا بِهَا الحُبُّ يَنْحَسِمُ.
فَإِنْ بَعُدَتْ خُطْوَاكَ عَنِّي تَلَاعَبَتْ
رِيَاحُ أَسَاهَا بِالجَوَى ثُمَّ تَلْتَطِمُ.
سَأَحْمِلُ ذِكْرَاكَ الحَنِينَ مُرَدِّدًا،
وَيَبْقَى عَلَى قَلْبِي مِنَ الخُطُوبِ مَا يَلْتَئِمُ.
وَلَوْ طَالَ هَجْرٌ يَا فَتَايَ فَإِنَّنِي
سَأَبْقَى عَلَى بَابِ الرَّجَاءِ إِلَيْكَ أُسَلِّمُ.
وَمَا انْفَصَلَتْ رُوحِي عَنِ الرُّوحِ، إنَّمَا
هُوَ الوَجْدُ يَسْرِي فِي دِمَايَ، وَذَاكَ السَّدَمُ.
سَأَضُمُّ فَقِيدِي فِي دُعَائِي دَامِعًا،
وَيَشْهَدُ رَبِّي أَنَّنِي بِالشَّجَا أَلِمُ
✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي
بتأريخ 11.26.2025
Time:5pm

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق