الأحد، 21 ديسمبر 2025

قصيدة تحت عنوان{{صمتُ الأَسرارِ الأَبِيّ}} بقلم الشاعر السوري القدير الأستاذ{{نضال عبدالباسط الخالدي}}


‏          ✍️صمتُ الأَسرارِ الأَبِيّ 
‏أَلا يا لَيلُ، يا لُجَّ الأَماني، ويا وَيلَ الكَتومِ إِذا يُعاني!
‏لَكَ الأَوجاعُ أَوطانٌ تُشَدُّ، ولِلصَّمتِ القَديمِ بِكَ مَكاني.
‏أَنا ابنُ الأَسرارِ، مَولودي صُموتٌ، عَلى جِلدِ الزَّمانِ، وَفي كَياني.
‏نَشَأتُ وَبَينَ أَضلُعيَ حَريقٌ، وَنارٌ لَو تُباحُ لَها تَفاني.
‏يُناديني الهَلاكُ: بُحْ كَي تَنجو! وَلَو كانَ البَوحُ سُلَّمَ لِلأَمانِ،
‏لَمَا استَجدَيتُ مِن جُرحي نَجاةً، وَلا أَلقَيتُ سِرّي لِلعَيانِ.
‏أَبِيتُ البَوحَ، طَبعي عِزَّةٌ ضارَت، وَأَنفاسي سُيوفٌ في اللِّسانِ.
‏يُزَمجِرُ بي الأَسَى: مُتْ أَو تَكَلَّمْ! وَأَختارُ المَماتَ عَلَى البَيانِ.
‏فَلَو لَم يُخلَقِ الإِنسانُ صَلباً، لَأَفضى السِّرُّ مِنهُ كَجَدْوَلٍ هانِ.
‏أَلا يا قَومُ، يا مَعدِنَ الظُنونِ، وَيا وَجهاً يُقَلِّبُهُ الزَّمانُ،
‏لَقَد جَرَّبتُكم حَتَّى بَلَغتُ، يَقينَ الهَجرِ مِن قَلبٍ حَناني.
‏فَلا شَكوى لِأَهلِ الأَرضِ تُجدِي، وَلا عَينٌ تُهَدهِدُ مِن أَماني.
‏هُمُ القَومُ الَّذينَ إِذا أَتاهُمْ، حَديثٌ غاصَ في سَبعِ المَعاني،
‏يَعيشُونَ عَلى زَبَدِ الحَكايا، وَلا يَدرونَ كَم حَفَرَ الغَياني.
‏يَظُنُّ السَّامِعُ الفَهمَ انشِراحاً، وَمَن يَبكي أَتاهُ بِأُرجُواني.
‏لِذا فَالصَّمتُ مَعبَدي وَإِمامي،
‏وَقَبرُ السِّرِّ أَكرَمُ مِن بَياني.
‏فَماذا يُقدِمُ البَوحُ المُرَجّى؟
‏وَهَل يُحيي قَتيلَكَ مَن رَماني؟
‏سَأَدفِنُ ما أُسِرُّ بِصَدرِ عَظمٍ، وَأَجعلُ كُلَّ شِريانٍ كِفاني.
‏فَما خَانَ الكَتومُ إِلا صَمتاً، وَلَم يَغدِر سِواهُ بِهَذا الكَواني.
‏إِذا الأَسرارُ سُجَّانٌ وَسِجنٌ، فَفِي لَحدِ الصَّباحِ مَعادُ شاني.
‏لِيَعلَم مَن يُحاوِلُ أَن يَرَاني، بِأَنَّ النورَ يَقطُنُ في الدَّهاليزِ، بَينَ النَّارِ وَالدُخانِ.

                                     /نضال عبدالباسط الخالدي/ 
                                              (سوريا)

 

ليست هناك تعليقات: