ليلى تقلب الموازين
ليلى تقلب الموازين .. ؟
هي ليست قصة ليلى والذئب
التي عرفناها منذ نعومة الأظفار .. !
كانت ليلى في تلك القصة طفلة مسكينة
مسالمة .
كانت تدافع عن جدتها وعن نفسها لكنها
كانت ضعيفة .
ليلى اليوم .. ليلى مختلفة قوية الشخصية
تعرف كيف تتصرف ولها كيان وصاحبة
شخصية قوية راكزة وصاحبة قرار
فكانت .. ( ليلى تقلب الموازين ) .
في تلك الغابة البعيدة تعيش جدة ليلى
وحيدة بكوخها الخشبي القديم
غابة كبيرة مترامية الأطراف تنعم الجدة
بالهدوء وراحة البال وبظل الأشجار
ويشاطرها العيش فيها ذئب مغرور يظن
نفسه أنه سيد الظلال كان ينغص عليها عيشها وعلى باقي سكان الغابة
في حسابات الذئب لاوجود للجدة المسنة
لاتستهويه كفريسة
كان الذئب يتبختر بمشيته هو بالفعل السيد
المطلق لتلك الغابة
لاوحش غيره فيها سناجب تقفز هنا وهناك
وأرانب تركض بين الأعشاب وعصافير تزقزق على الأشجار
هو السيد المطلق وكل الموجودين بتلك الغابة وجبات طعام لذلك له
ولكل واحد منهم ميعاد معلوم ليكون على
مائدته
الكل يكرههه لكن الأمر أكبر منهم والجدة
أضعفهم
ذات صباح أستفاق الجميع على صوت
جميل بدد هدوء الغابة
كان ذلك الصوت باعثآ للأمل بأن التغير
قادم لامحال
دبة الحياة في الاروح المستلمة للأقدار
وضخت الدماء في العروق الخاوية
أقترب الصوت من مملكة الذئب المغرور
لكنه لم يحرك ساكنآ لأنه واثق بأن الصوت
سيحط بين يديه صاغرآ من غير مجهود
هرج ومرج أصاب الغابة الساكنة منذ زمن
بعيد
ريح ترافق الصوت القادم ليس ككل ريح
بدأت الأعشاب تتحرك والصوت يقترب
أكثر فأكثر
كانت ليلى الجميلة ذات العطر المميز حفيدة الجدة المسكينة تشق طريقها بين
الأعشاب والشجيرات القصيرة
تاركة بصمتها على كل ماصادفها بطريقها
أجتمعت حولها تلك الحيوانات اللطيفة
وساروا معها بقلوب ملئها سعادة
وكأنها عروس تزف لكوخها غنى الجميع
ورقصوا قفزوا والجدة تقف عند باب الكوخ
والدمع يملئ عينيها
تصاعد الدخان من مدخنة كوخها العتيق
والكل كان معهما سعيد
حدثوها عن ذلك القاتلهم وحذروها منه
لكن ليلى كانت مختلفة عن الجميع غير خائفة من كل ماسردوه عن ذلك الذئب .
كانت صاحبة خبرة ودراية بعلم الأعشاب
فسارعت لأعداد مخدر قوي يحرق في النار فيبعث دخان مخدر .
وصنعت ترياق مضاد له لتحصن نفسها منه
حام المغرور حول الكوخ العتيق وارتعد الجميع خوفآ من ذلك المرعب .
كان غروره كبير فأستغلت ليلى هذه النقطة لصالحها .
فتحت باب الكوخ بثقة كبيرة وكل من كان
بداخله أنحسر بأقصى الزاوية البعيدة
قالت للذئب .. ؟
مابالك يامغرور تتبختر وكأنك السيد المطلق أنا من سيكسر شوكت ويجعلك تعرف حجمك الحقيقي
ثار الذئب وأحمرت عينيه وأنتصبت أذنيه
وعوا عواء عال طويل
لكن ليلة كانت متماسكة لم تتأثر بذلك الصوت القبيح
قالت بكل ثقة موعدنا غدآ عصرآفي ساحة الغابة الكبيرة .
أما أن أكون عشاؤك أو أنا من يكون سيد
الغابة الجديدة .. وأتفقا على ذلك أمام الجميع .
رحل الذئب وهو سعيد لأنه ضمن عشاء
الغد من غير بذل أي مجهود .
كان كل من في الكوخ حزين وساد صمت
غريب على الغابة الكبيرة
بكت الجدة بخرقة على حفيدتها وتساقطت دموعها بغزارة .
الأرانب العصافير نكسوا رؤوسهم حزنا على ليلى
أشرقت شمس يوم جديد وأنبعث النور
ليتخلل كل تفاصيل الغابة الحزينة
الكل متواجد حول الكوخ وعلى سطحه
وقفت كل العصافير حزينة
في ذلك الصباح لم تغرد البلابل وكتمت
الديوك صيحاتها
لم يكن صباح أعتاد عليه سكان الغابة الكبيرة
حان موعد النزال وودع كل من في الغابة ليلى وكأنه وداع راحل .
سارت بخطى ثابتة والكل ينظر لها بأستغراب
بلغت ليلى الساحة وطلبت من الجميع الأبتعاد لمسافة تفاديآ للدخان
وتناولت ترياقها بثقة ووضعت أعشابها
المخدرة على شكل دائرة كبيرة مع الحطب وتركت فتحة صغيرة لدخول المغرور من خلالها وأضرمت النار .
بدأت النار تلتهم الحطب وماعليه وتصاعد
الدخان والأعصاب متوترة لما ستؤل له الامور .
قدم المغرور يتبخر كان واثقآ من نتيجة المواجهة ونظر للجميع بنظرة المنتصر
دخل الدائرة وكان جاهزآ للهجوم لأنهاء
الأمر بصورة سريعة
لكن ليلى بدأت تشاغله لتستفاد من الوقت
ليعمل الدخان عمله وتظهر نتائجه
وبعد فترة تشوهت الصورة بعينه وبدء
يترنح بمشيته تدريحيا فقد السيطرة على
جسده لكن ليس بشكل كامل وهذا ماأرادته ليلى
ليبقى يتذكر ماستلقنه أياه
خارت قواه وسقط على الأرض ولكنه ينظر لليلى بعيون حائرة وبحذر وخوف شديد
جلست بقربه وأبتسمت أبتسامة المنتصر بوجهه وقالت له
مابالك ياسيد الوحوش أنا عشاؤك لما لاتلهمني
لما لاتستطيع الحراك الست بجائع أنا أنتظرك لتكون بطنك مثواي الأخير
لم يستطع الاجابة ولا الحراك ولافعل أي شئ سوى أنتظار ماستفعله فيه ليلى
قالت هل اترك أمرك لحيوانات الغابة الذين كنت سبب خوفهم وتلك الجدة التي جعلت كوخها قبرآ لها ليمزقوك أربا .
بالكاد أستجمع قواه وأنحنى على يدها وقبلها قبلة ضعيف منكسر مهزوم بعد أن عرف حجمه الحقيقي وطلب منها السماح
منها ومن الجميع ووعدها بأن يكون لها تابع وانه سيعيش مع الجميع بسلام
قالت له يامغرور .. اليوم يوم ليلى وليس
يوم الوحوش
لا للعضلات والأنياب بل للعقل والعقل زينة
والدهاء دهاء ليلى
كن مع ليلى واحترم حقها في الحياة كأنسانة لها كيان حافظ عليها وعاملها بود وحنان تأمن دهائها لتعش سعيد
#ملاحظة : أنا لا أعمم وأنا أحترم الجميع
اليوم يوم ليلى وزمانها
كتبتها للعقول الراقية
بقلم
جاسم الشهواني