شموخًا لاتدانيهِ الهضابُ
...
شموخًا لاتدانيهِ الهضابُ
وجودًا لا تضاهيهِ السحابُ
وعزمًا في ميادين المعالي
تصدقهُ الشواجرُ والقضابُ
على آثار أقوامٍ تفانوا
شهدنا أسرَ مسرانا وغابوا
فلا وأبيك مايرجون عيشًا
رغيدًا حُجّبت عنه الصعابُ
وقد علم الإلهُ الخيرَ فيهم
دعاهم للمكارمِ فاستجابوا
وقد يبست ضروعُ العزِّ دهرًا
وفي أيديكمُ درَّ الحِلابُ
وأنهارًا رويتم كلَّ ظامٍ
من العربان أشاجهُ السرابُ
تقودون الجياد مسوَّماتٍ
تغطيها الصوارمُ والحرابُ
وكلُّ مطاردٍ يحيى فريدًا
تخاللهُ الأعنّةُ والقضابُ
فأهونُ من حياة الذل موتٌ
إذاما العزُّ واراهُ الترابُ
وهل عيشُ الفتى يحلو رغيدًا
وقد رحل الأحبّةُ والصِحابُ
فكم من فارسٍ أمسى وحيدًا
أوانسُهُ الأسنةُ والعِرابُ
قريعُ معامعٍ تخشى قواهُ
خطيبٌ في المحافل لايهابُ
يقيهِ البردَ سربالٌ ووادٍ
وحرَّ الشمس يحجبُهُ السحاب
شياطينُ اليهود يخفْنَ منه
كأنّ السيفَ في يدهِ شهابُ
فأهل القدس قد نزلوا كغيثٍ
على قفراءَ فاخضرَّ الظِرابُ
بفرسانٍ يلاقون المنايا
كما الأحبابِ إذ طال الغيابُ
بعزم الرأي لايلقون غيًّا
تُذلَّلُ عند عزمهمُ الصعابُ
كأنّ قراهمُ نقعَ العوادي
وبيضَ الهند خاضبَها الشرابُ
ظهورَ الخيل قد ولدوا عليها
وشبّوا والسيوفُ لهم حِبابُ
وما ضعفوا وقد ساروا ولكن
مذكّي الخيلِ مجراها الغِلابُ
كعقبانٍ تطيرُ إذا تعادت
يكونُ على البغاة لها انصبابُ
يُنرنَ الدربَ إذ وارينَ قدحًا
وتكوى من حواصبها الجِرابُ
كعسلان الغضا خرجت سراعًا
كأنّ عجاجَ حافرها الضبابُ
وكان الخوفُ أقرابَ المنايا
فسلُّوها وقد كُسِرَ القِرابُ
تراهم كالسكارى لم يبالوا
جبالٌ تلتقيهم أم شعابُ
وقد شربوا اليقينَ يقين حقٍّ
فلا شكٌّ يثيرُ ولا ارتيابُ
لهم في الدربِ أسلافٌ كرامٌ
ومَن تبع المكارمَ لا يعابُ
كؤوسَ المجد أرجعتم إلينا
دهاقًا بعدَما صفرَ الوطابُ
وقد ظفرت فلسطينٌ بقومٍ
على آثارهم تبنى القبابُ
تَسَدُّ حناجرَ الأعداءِ منهم
قلوبٌ لايفارقُها ارتقابُ
إذا سلوا سيوفَ الثأر يومًا
على جانٍ فقد نزل العقابُ
صوارمَ تقتري نقعَ المنايا
ومن نيرانها تُكوى الجِرابُ
إذاما طاردوا قومًا لثأرٍ
تخلت عن جماجمها الرقابُ
ودارُ البغي نرجوها خرابًا
عليها البومُ يضبحُ والغرابُ
وأقوامٌ تواروا في حصونٍ
يكادُ يقضُّها لهم اضطرابُ
يعبّون المياهَ وما روتهم
ولا يروي من الخوف الشرابُ
ومَن يخشى اليهودَ وإن تمادوا
فإنَّ شجاعةَ البُهتِ اجتلابُ
برأيِ العين تحسبهم جمعيمًا
وخلفَ الستر بغضٌ واحترابُ
وإن يستعتبوا فالسيفُ كافٍ
سيوفُ الهند للجاني عتابُ
وكائن من جهولٍ بات يلهو
وفي الإصباح باكرهُ انتحابُ
ألا يا أهلَ غزةَ كلَّ صبرٍ
وفي أيمانكم بيضٌ رهابُ
وقد أشجى الفتى والأهلَ طُرًّا
على أطراف مقدسنا الخرابُ
وقد صرنا الشرابَ لكل ظامٍ
ولا يخشى موائدَنا الذبابُ
وكلُّ كوكيبٍ للناسِ بدرٌ
وشمسُ العربِ وراها الحجابُ
متى تعلو سماءَ المجد زهوًا
وينئى عن ملامحها الضبابُ
وتشفى النفسُ من قوم بغاةٍ
وتخفق فوقَ مقدسنا العقابُ
🌴🌴🌴🌴🌴
🇮🇶 الشاعر عبد القادر الموصلي
🌴🌴🌴🌴🌴