(لن تشرق الشمس أبدا )
قصة متسلسلة
بقلم :تيسيرالمغاصبه
الفصل الثاني
٢٠٢٤
-------------------------------------------------------
-١٤-
الذاكرة العقيمة
بينما كان حميدان يشد الخطى إلى هلاله ،والشرر يتطاير من عينيه ،وشواربه ترتعشان من شدة الغضب.
يعود به شريط ذكرياته إلى الماضي ،
فبقدر ماكان يعشق جموح وتسلط هلاله ،فأن صمت فريال كثيرا ماكان يستفزه.
فحتى عندما عرضها أباها عليه للزواج منها بوجودها صمتت ولم توحي ملامحها بشيء ؛أسواء أكان بالقبول أو بالرفض.
فشعر بأنها امرأة غامضة ،بعكس هلاله الواضحة ..والمتبجحة ،وأنها تخفي الكثير من مشاعرها ،بل ومن أفعالها..فتأكد له بأنها امرأة ليست بسهلة أبدا.
فكان عليه أن يقتحم عالمها ،وأن يحطم ذلك الصمت الغير المريح ..المستفز.
فعندما فاجأ حميدان هلاله بزواجه من فريال، ثارت في وجهه وسألته:
-إيش بيها فريال احسن مني ..هذه الخبيثه الملعونه؟
لكنه صمت ذلك الصمت المستفز ولم يجبها بكلمة واحدة ليبرد غليلها.
أن هيام هلاله به جعلها تحتمل إهاناته وصفعاته في الوقت الذي كان فيه زوجها "حمود"لايجرؤ على إغضابها.
أما عندما كانت يد حميدان تمتد على زوجته فريال بالصفع ،كان صمتها يستفزه أكثر وأكثر ،
فكانت حتى وهي بين أحضانه كان يشعر بأنها ليست له ،ولربما تفكر بغيره ،وكانت كما وأنها تقول له "خذني جسد بلا روح ..أن إحساسي ومشاعري لغيرك".
أن فريال لاتنسى أبدا ماقاله لها حميدان ليلة دخوله بها ،فكانت عبارته ترن بأذنها إلى اليوم:" بتعرفي ليش بنام معاكي ..حتى ماتروحي تنامي مع غيري..أنا بعرف شو مخبي سكوتكي وراه ياملعونه".
وفي إحدى المرات وبينما كان حميدان يعتدي على زوجته فريال بالصفع والركل، غرزت بكل شعرها الحديدية بوجهها ورقبتها،ولم تستطع أخراجها، وبقيت حتى أخذها إلى المشفى بالمدينة ،وهناك وعندما رآها الطبيب، قام على الفور بابلاغ مركز الشرطة وحرر محضرا ،وسئلت إن كانت قد تعرضت للضرب من قبل زوجها ،وإن كان ذلك نتيجة ضربه لها، فأنكرت بأنه هو الذي ضربها، بينما كانت تنظر إليه ،فكانت كما وأنها تذكره بجبنه وتفاهته، وأنها قد عفت عنه مع استطاعتها معاقبته.
* * * * * * * * *
أما هلاله فبعد أن خرجت فريال من منزلها بصحبة ابنها عبدالله، فقد إنهمرت دموعها هي الأخرى بينما كانت تتذكر علاقتها بحميدان قبل وبعد زواجه من فريال ..انهى علاقته بها هي ،تلك العلاقة التي إنتهت بلا أي مبرر ..فكان يمكن أن تستمر لولى خبث فريال .
فخنقتها عبراتها وخرجت مبتعده عن المنزل لتقودها قدماها إلى أماكن ذكرياتها مع حميدان.
فقد كانا يلتقيان هناك حتى بعد زواجه من فريال ،وكان يبوح لها دائما بلواعجه وأنه تزوجها محرجا، وأنها عبارة عن قالب ثلج ،وأنها لاتثيره أبدا كما تثيره هي.
حملت هلاله بابنتها غروب ،ثمرة علاقتها بحميدان ،وبعد أن وضعتها قال
لها:
-انا حاب إني اسمي البنت عايده؟
قالت هلاله:
-لا أنا ماني حابه هذا الاسم ؟
-ليش ياهلاله؟
-اسم عايده فال موكويس ..يعني إذا سميتها عايده بخاف إنها تعود لربها..إنتي عارف إني ماعندي بنات غيرها ..كل خلفتي عيال وأنا بدي بنتي تعيش وتصير مره مثلي قوية ..نشمية ..كاسره؟
-طيب شو بدكي إتسميها ياهلاله.
-غروب؟
-بس أنا شايف إنه إسم غروب كمان إله نفس المعنى..غروب الشمس ..يعني أغربت الشمس..يعني راحت.
-مش مهم ..لإني أنا بحب اسم غروب؟
-خلص مثل مابدكي.
كانت هلاله تذرف الدموع بغزارة وهي تتذكر أيامها مع حميدان ولم تكن تواسيها سوى قسوة حميدان على فريال.
* * * * * * * * *
أما فريال التي لم تر يوما سعيدا مع زوجها حميدان، ولم تصل حتى إلى الذروة في معاشرته لها منذ أن تزوجته ، كما تصل إليها مع غيره ،فقد عاد بها شريط ذكرياتها إلى الوراء من جديد ،وقد عاد بها كثيرا هذه المرة، وتحديدا عندما أرسلتها أسرتها إلى المدينة لتعمل خادمة لدا إحدى الأسر العربية الثرية ،وقد كان عمرها ثمانية سنوات.
بالرغم من أنها كانت مجرد خادمة إلا أن الأسرة عاملتها برفق ومحبة كاولادها تماما فقد تخلت عن ثوبها الطويل والسروال الذي تحته، وأصبحت ترتدي الثياب القصيرة جدا ،كالميني جيب وغيره،فتغضب لدرجة البكاء إذ ما أهدوها فستانا يصل إلى الركبة ،
فأنها تعتبره طويل ولايليق بها.
أما من كانت تستفزه تصرفاتها هو "سنان "الإبن الشاب لتلك الأسرة ،والذي كان يعلم بأنها أتت من القرية الضائعة..وكان يستفزه تظاهرها بالرقي والتحضر.
في بداية الأمر إتهمها بأنها سرقت نقود من غرفته ،وهددها بإعادتها إلى قريتها إن فعلتها ثانية،وبعد أن توسلت إليه بالا يعيدها إلى قريتها ،وعدها بأن يغفر لها إن هي أطاعته ولم تغضبه أبدا.
وهذا ماكان.
فبدأ يمازحها ..ويشتري لها الحلوى ..فتتطور ممازحته لها إلى المداعبات، ومن ثم إلى تحرشات ،حتى تقبلت مابعد ذلك ،بل أدمنت إعتداءاته مع مرور الأيام وأصبحت تنتظره بفارغ الصبر.
فكانت بدايتها المبكرة مع المتعة ،ومع وجه من المدينة مختلف كل الاختلاف عن حميدان فيما بعد ،بل وعن جميع شباب ورجال القرية بعد عودتها إليها.
* * * * * * * *
كانت الصدفة الخير من ألف ميعاد، تلتقي هلاله بحميدان في مكان محايد ؛لكنه في الوقت ذاته هو نفس مكان ذكرياتهما معا.
وقفت هلاله أمامه وهي تر التبدل الذي طرئ عليه :
-حميدان؟
-أيوة حميدان..متفاجئة إنكي شفتيني ياهلاله هاه.
-علامك ياحميدان؟
-إيش إلي سويتيه مع مرتي فريال ..ليش مزعليتها.
-أنا ماسويت إلها إشي ..بس هي يمكن إلي مسويه إلك عمل وساحريتك؟
-سدي ثمكي ولاتجيبي سيرتها على لسانكي ياوسخه ..هذه أشرف منكي.
-هسى صرت تهتم بيها ويهمك زعلها إلي تركتني عشانها..نسيت إنك كنت ميت على شوفتي؟
-أنا ميت منكي مش عليكي..والله لو إني أسمع إنكي مزعليتها مرة ثانيه لاحشي هاي العصاه بحلقكي.
-إنتي شو إلي شفته مني ياحميدان وخلاك تكرهني هيك..ماأنا بعت كل الزلم مشانك؟
قال حميدان بعد أن شعر بأنه قد شفى غليله منها:
-إتفوه عليكي ماأوسخكي.
تركها حميدان وشد خطاه عائد بينما إنفجرت هلاله بالبكاء من جديد وهي تردد بحرقة:
-سحرتيه يافريال ..سحرتيه بحجبكي. الله لايوفقكي.
(يتبه...)
تيسيرالمغاصبه
١٢-٣-٢٠٢٤