حلم إمرأة مزاجية
جاءني كالغيث الخفيف
فأدهشني
من القرب بين الكلمات
فكان كالملاك يحمل لي
جبل من الضباب كلما أتى
من بين الأمنيات
كان يسحرني
بسحر عينيه و يدهشني
كالبرق
كان ينظر إلى عيني و يحلم
و كم كان يقتلني بتلك
النظرات
و كان يدفئني بشدة بلهفة
الحب
بطيفه و ينسج لقلبي طوقٌ
من الحرير
ثم كان يغمرني بحضنه طويلاً
حتى الإغماء
و يرميني كريشة الحمامة مبعثرة
في الطرقات
كان
يقتلني بألف قبلةٍ من ثغري
المبلول من الشهد و
يسقطني
يبعدني لآخر الضياع
عنه
و كان يقربني منه بوتر الحنين
بالنغمات
فكان يحملني كآية الكرسي في
القرآن بصدره بعيداً
و بظلي كان يمددني بظله
بعيداً
فكان يهديني سمائاً يخفق بالعصافير
و بآلاف النجمات
و كان يأخذني معه لعالم
الخيال
للأحلام البنفسج في البلور
و يجعلني أميرة الصباح بموسم
العاشقين
كان يسكنني في قصورٍ من
الوهم
ثم كان يخرجني منها في
لحظات
كان يهديني قمراً
يهديني ورداً من باقة الياسمينِ
كان يهديني لؤلؤاً و مرجان و بحرٌ
برقصة الموجات
أسعدني بالأشعار في الغزل
الإباحي و أشبعني
كان يغرقني و يسرق خجلي
مني
و كم كان يسعدني كلما زاد
بالأبيات
كان يكتبني فوق مرآته زجلاً
يدندنني بأحلى المقامات
كالناي المعاف من الرطوبة
كأنين الحزن بالكمنجات
و كان يسافر بي لأحلى المدن
الذهبية و لأجمل الأماكن
ثم كان يرجع بي بضحكته
الصغيرة
و ينتظرني بنسيانه بكل
المحطات
قد رسمني شمساً
بلوحته
و رسمني قمراً بريشة قوس
القزح من أجمل
اللوحات
فكان يرفعني للأعالي لسبع
السماوات
فوق عرش كل السيدات
و كل الساحرات
كان
يحملني ك كوكبٍ يدور حول الشمس
برعشته
و كان يشرقني نوراً حباً عطراً
بالحنين كان يهمس لي
يا أروع الفاتنات
يا رائعة الرائعات
يا سيدة الثلاثينِ الجميلة
يا أم الجميلات
و وحده كان يسقيني بعشرة كؤوس
من النبيذ الأحمر
كان يثملني كالمجنونة في الهوى
فأغريه بروعة جسدي
فكنا نسقط معاً في واحة العشق
مطراً بالقطرات
يزرعني أملاً بعمره
كان
و يكبر معي و يعود معي طفلاً
يركض حافياً بالندى
بأحلام الأيام البريئات خلف
الفراشات
كان يقطفني كالوردة من صدره
و يشمني
و كان يعانقني بسكنه
يلاعبني و يشقُ بسريري مندفعاً
بالرغبات
و أنا كأسيرة العشق كنت
أسجد بحضرته
و أدمن بوجهه
بلمسته
بقصيدته
بشعره الساحر
كنت دميته التي يسعد بها
كلما غنجها
بنظراته التي كانت تسقط
عرش النساء
كل شيء فيه كان سحراً من
خيال الملكات
فكنت له كمستعمرة
و أرضه القديم
و كنت سريره و منامه و حلمه
المشتهى بحقله
كنت أنا قمحه و سنبلته الخضراء
كالحارس الليلي كان
يحرسني من لمسة الريح
من نافذة الطيور الراحلات
و كان يذهب بي و يزرعني
ريحاناً فوق شرفته
كتحفةٍ من تاريخ الحب
في البدايات
كنت نبيذه بوقت الهيجان
كنت قهوته بوقت الأناقة
في كل صباح
بتغريدة بلبلة عاشقة
للصباحات
فكان يرسم لي قلب الحب
الأصفى
من وردٍ أحمر و أصفر و
أضحى
و كان يكتب حروف أسمي
سفراً بإحدى الغيمات
و أنا كالعصفورة الصغيرة
بيديه يدللني
كنت أنام و أحلم بالأزهار
بديار الحبيب
الساكنات
كنت أرضى بالنصيب و أتغزل
بالأقدار حمداً
كان يشعرني بأني حصته
و وحدي جنته في عرش
السماوات
حبيبي كان وطناً من الحب
و العطاء
كان يدهشني بعشقه للعاشقات
كان يشعل لي ألف شمعة
و لا يدعني أهدر بدمعة
كنت أحسدُ نفسي
من هذا الملاك الذي يسعدني
و يشرقني في النعيم
يراقصني بحدائق العشاق بأجمل
رقصةٍ أمام الليل
يسحبني من يدي كأميرٍ يتقن
فن التلاقي بلغة العيون
و يجعلني بدقيقةٍ واحدة أن أكون
مثل الأميرات
كان يأخذني من ضفة الحلم
لارض الفرح
يفرحني كان يسرقني من ذاتي
و يحضنني
يعانقني
يجذبني
يسحرني
يقطعني بشهوته إلى نصفين
و يغازلني بألف قصيدة من شعر
الكبار
كان يقول أحبك يا حبيبتي
كان يقول أحبك يا سيدتي
أحبك و كم تراني أحبك
بقسمي
و كان يقول دعينا نمضي بنشيدنا
لوحدنا بحلمنا بجنوننا
بعيداً لأبعد المسافات
كان يحرقني بعشقه المجنون
بروعته
يشعلني جمراً من لهيب النار
بالعشق و يغمرني
و كان يجعلني أميرة مملكته
الوحيدة
فكان يأخذني من عالم الوحي
كفارس الأحلام على ظهر
فرسٍ أبيض
يأخذني لحدود الجمال إلى
الكامل
بدفئ النسمات بعشب التلال
للدلال
بلحن الخلود بالأغنيات إلى
الليالي الأنس المؤنسات
بالعشق كان يداعبني و يحييني
من بعد القتل
كان يأتي بكل ليلة ساخنة
بوجه القمر
بأروع اللحظات و بألطف
البسمات
كان يغريني بذات الحلم
القديم
و يهددني بالسفر
كلما إقتربت منه بالرحيل الطويل
كان يعيد المشهد
و لم يكن يبكي معي في
المساء
بعد كل لقاءٍ في النكبات
كان حلمي قصيراً و
أزرق
و أنا أفكر طويلاً بإكذوبة
القصيدة
فمازلت في الكفتيريا جالسة
على طاولتي
كنت أراقب الوقت و الضجر
بساعات التأمل
و أنا أقرأ من صحف الصباح
و عناوين الوحدة بخطأ
الشائعات
فأنظر حولي
لا شيء من حولي
و أقول في نفسي من كان معي
منذ القليل
من كان سيد الإسطورة معي
بحلمي و إختفى
و لما أنا لا أرى من حولي إلا
صدى الريح
و موسم الخريف و هي تعبث مع
الريح للبعيد
بأوراق الشجر اليابسات
أنا مازلت موجوداً هنا
و لم أترك مكاني
و مازلت أشرب قهوتي الصباحية
و انا بذات المكان
و بيدي أدخن سيجارتي و على
طريقتي الخاصة
أنفخ بدخان إحتراقي على سقوط
الحلم المتأخر المشلول
و انا سيدة الكلام بسيرة القصص
بصنع الحكايات
بالحكايات
أترك هناك الفكرة وحدها و كلها
بكامل التفاصيل
بصور الحب بغلط الأوقات بخيبة
الذكريات
ثم أرجع للكتابة مرةً
أخرى
بخيال أنثى حالمة متعبة متمردة
و مقتولة في حسرة
الشهوات
فأعودُ و أعودُ من تلك الرحلة
الرائعة المشؤومة
أرجع من واحة الأحلام التي
عشتها بين الورقات
متحجرة متزمرة متوترة
أعودُ وحيدة إلى جسدي لأنهض
بالقصيدة من كآبة
و ثم أرجع من هناك وحيدة
إلى هناك بلعنة النكاسات
لا حب معي كي يواسني
بعودتي للحزن
لا صوت الملاك يطرب آذاني
ليرجعني معافية
لا شيء يوجعني من هناك إلا
ما كان يحدث هناك
فما أجمل هناك بلد الفتيات القاطنات
بعسل الحب الحالمات
بلد النساء اللواتي يحملن فرحاً
و هنَ الخاسرات
فأعودُ و أعودُ
بخيبة شاعرة مستعسية في الرغبة
برهبتها في الكتابة
و لا شيء معي إلا
حقيبة سفرٍي المليئة
بالكلمات
لكن
كلماتٍ ليست كالكلمات
فالقلم
وحده يضيعني من بعد كل
حلمٍ صغير
كامرأة مزاجية الهوى شاردة
تغفو حيناً و حيناً تتوب
حزينة
بفكرها ..... في المتاهات
مصطفى محمد كبار
ابن حنيفة
حلب سوريا ٢٠٢٤/٧/٢٧