"في عتمة الحافلة "
سلسلة قصصية
بقلم:
تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سمراء
-٤-
ماأن رفعت رأسي حتى رأيت أمامي امرأة سمراء عيناها خضراوتات كعيني ليلى ..كانت ترتدي العباءة وغطاء الرأس ،أخذت ترمقني للحظات بابتسامة لم أجد لها أي معنى ثم قالت :
-اسعدت صباحا يايزن ؟
-أسعد الله صباحك سيدتي.
-هل عرفتني يايزن؟
قلت في نفسي بدهشة:
"ياترى من هذه أيضا!"
رديت:
-عفوا ..أنا لاأذكر أني رأيتك قبل ذلك سيدتي ؟
كانت ليلى تحاول أن تكتم صوت ضحكتها ولهذا السبب كانت ترتعش بفعل الضحكات المكتومة ،قالت المرأة بخيبة أمل:
-أنظر إلي وتأملني جيدا يايزن؟
نظرت إليها وتأملتها بتمعن ..لكني لم أتعرف إليها ،ياترى من تكون تلك المرأة ..كانت أسنانها بارزة بشكل لافت وغير جميل ،وزنها مرتفع يسير إلى طريق البدانة، عيوب كثيرة كانت تؤثر على جمالها تأثيرا واضحا ؛ هذا فيما لو كانت جميلة، قالت محاولة إخفاء أسفها:
-أنا ليلى ؟
-من ليلى .
-ليلى الحبيبة القديمة؟
-أيضا!!
رفعت الطفلة رأسها وانفجرت ضاحكة ثم نهضت من جانبي وتوجهت إلى المقعد الذي أمامي لتجلس عليه ثانية ركبتيها إلى الوراء لتصبح في مواجهتي تماما حاضنة مسند المقعد بيديها وهي مطلة علي تتأمل رد فعلي على الأداء الذي قامت به ببراعة ،فقالت المرأة :
-نعم ..سأوضح لك الأمر ..أنا ليلى وهذه ابنتي الوحيدة منى ..هي تشبهني كثيرا عندما كنت طفلة بهذا العمر أليس كذلك؟
-نعم ..الأن فهمت .
-أنا وابنتي الوحيدة صديقتان ..لقد حدثتها عن قصتي معك بالتفصيل الممل ،أما كيف عرفتك اليوم فذلك من خلال بروفايلك..لقد كنت من متابعاتك ..ومعجباتك أيضا ..وكنت أعلق على قصصك بأسم ساحرة الجنوب وكانت صورتي الشخصية لعيوني الخضراء ..هل وضحت الصورة ياعزيزي ؟
-نعم هذا صحيح..لكن لماذا قمت بتلك التمثيلة مع ابنتك.
-ههههههه لأن ابنتي تجيد التمثيل وهي تعمل في فرقة مسرحية أردت من خلالها أن أعود بك إلى الماضي لاريها كم كنت تحبني..و لعلك لازلت .. ؟
-أي قمت أنت وابنتك بمسرحية مسلية للعب بمشاعري فقط أليس كذلك.
صمتت قليلا ..تنهدت بحسرة ،ثم نظرت إلى ابنتها وطلبت منها تركنا وحدنا ،وعندما غادرتنا ابنتها قالت:
-لماذا تفسر كل مافعلته بأنه كان على سبيل التسلية؟
-في الواقع أنا لم أجد أي تفسير أخر .
-ه..هل لازلت تحبني يايزن ؟
-لقد تغير الزمن ياسيدتي ،أنا أحببتك عندما كنت طفلة ..حب برىء، ثم أنت الأن امرأة ..ومتزوجة أيضا.
-دعك من وضعي الاجتماعي الأن ،لكنك قلت لي في الماضي بأنك ستتزوجني عندما أكبر؟
-ماهي سوى أحلام الشباب المشتته سيدتي، ثم أن مشاعرنا حينها قد تختلف عنها اليوم ..ههههه حتى أذكر حينها أنك رفضت وكنت مصرة على الزواج من رجل ثري يقربك.
-أي تريد القول بأن المشاعر تتبدل حسب الظروف و..حسب النزوات؟
-لم اقصد ذلك .
-هل أنا قبيحة إلى هذه الدرجة؟
-لم اقصد ذلك أيضا ..لكن أنت امرأة شابة ..ومتزوجة ..بينما أنا رجل عجوز وقد فاتني قطار الزواج .
تنهدت ثانية وقالت :
-آه..زوجي المختل.. لايستطيع قول الكلام الجميل لي ..لم أحصل منه سوى على المال ؟
-بأمكانك الاستعاضة بالمال ..هذه هي سنة الحياة ..تنازلات.
-لعن الله المال..لقد أكدت لي الحياة أن المال ليست كل شيء ..أنا امرأة واحتاج إلى الحب ..أحتاج إلى الاحتواء ؟
-لكن لابد أنه يحبك.
-أنه معاق عقليا ولا يعي مايقول؟
-ولكنك أنت التي إخترت الحسب والنسب والمال .
-هي أفكار زرعها أبي برأسي ومن ثم أجبرني عليه ؟
- مبررات لايصدقها عاقل ..أنت اليوم متنعمة بالمال والثراء الفاحش فالحياة تستدعي بعض التنازلات كما أخبرتك ..شيء لأجل شيء أخر.
-أن الكلام شيء وأن تعش واقعه شيئا أخر..أنا امرأة ياعزيزي وأحب الكلام الجميل والتغزل والمديح ..ح..حتى ذلك الشخص الذي عرفته كان يكذب علي وكان يبتزني ماديا ..وقد أخبرني أخيرا بأني قبيحة قبل أن أبتعد عنه؟
-ماذا تقصدين..من هو ذاك الشخص ياسيدتي.
شعرت بأنها ورطت نفسها بالكلام وقالت بعد فوات الأوان:
-أنه....لا..لاأحد؟
-أكنت تتخذين عشيقا!! تخونين زوجك ؟!!
-لم أعد كذلك؟
-ياإلهي
-في البداية اعتقدت بأنه يحبني ..لقد اوهمني بأني جميلة ..لكنه كان كاذبا ..أنا أعلم بأني غير جميلة؟
-لقد غيرتك الأيام ياليلى ..ليتك بقيت طفلة بريئة.
-عندما التقيتك اعتقدت بأنك لازلت تحبني ..وعلى الأقل تراني طفلة..فأعتقدت بأني أستطيع أن أبدأ معك من جديد..لكنك أثبت لي بأنك كغيرك من الرجال..مخيبين للآمال ؟
-وحتى لو كان ذلك صحيحا هل كنت تعتقدين بأني سأرضى بدور العشيق.
-ليس بالضرورة أن تكون عشيقا .. أي دور ترضاه أنا سأقبل به ..لكن لاتقل أن حبك لي قد إنتهى؟
-لايمكن ياسيدتي.
-إذن قل لي أن حبك لي كان كذب ..تماما كقصصك المنشورة ..بل لعلك مختلا كزوجي ..والأن سأذهب ،عليك اللعنة ؟
نهضت وتركت ذلك المقعد لتعود إلى أبعد مايمكن في الحافلة لتجلس على المقاعد الفارغة .
وصلت الحافلة إلى محطتها الأخيرة ..نزلت من الحافلة..لفحتني حرارة الشمس الحارقة التي لاتحتمل أبدا ..لقد كانت كالصفعة تماما، جرت الطفلة منى إلي.. اقتربت مني مصافحة وابتسامة إعجابها بنفسها لاتفارقها وقلت لها معاتبا:
-أشكرك يامنى ..أشكرك كثيرا؟
نزلت ليلى ..نادت على ابنتها غاضبة ..رجعت منى إليها..أمسكت بيدها وغادرن مبتعدات ،
قلت في نفسي "أه يامنى ..كم أخشى أن يعيد الزمن نفسه ..ياله من زمن لايرحم.
"إنتهت القصة "
وإلى قصة أخرى...
تيسيرالمغاصبه