#تذكرة_إلى_السماء
قصدت دجلة هذا اليوم
وأنا ألبس الألم معطفًا فوق جسدي وأحمل في يديّ العديد من الشموع وفي قلبي غصة وبكاء ثكلى وسؤال
سمعتُ إجابتهُ من بعض المتحدثين
وقرابة الجرف أوقدتُ الشموع
لتلك الأرواح التي ترقد في جوف دجلة
أدخلت يديّ في جيبها وحملتُ بكفي
حفنة من مياهها ورميته نحو السماء
ثم ناديتها:
تعالي يا دجلة الخير، خاطبيني
فالماء أطهر من أن تلقى عليه التهم
في فمي سؤالٌ أود أن أسمع إجابتهُ
لم يا دجلة يسكن الموت بلادي؟
وهل لك الحقّ بالتهام جسدي؟
وما بال عبارة الأمسِ؟
لماذا أغرقت ذلك المركب؟
هل أزعجتك ضحكات الطفولة؟
وهل الفرح ممنوع في عرفك؟
أجيبيني سألتُكِ
كانت دجلة ساكنة جدًا ولكنها تأن
في أعماقها
كأنها قيثارة مقطوعة الأوتار
تعزف بحزن وألم
للحظة زفرت بعضًا من دموعها التي كانت تحدث غصة في فمها..
-وهل لي أن أجيب وأنا المتهمة؟ بصوت مليء بالعبرات تكلمت.
قلت: بلى، أرجوكِ أجيبيني..
قالت: لا زال صدى صراخهم يوتر مياهي فتضطرب أمواجي وتتصادم فيما بينها..
لا زالت تلك النظرات اليائسة والمستجدية النجاة تلاحقني وترشقني بوابل من الألم، كان منظرًا مميتًا وأنا أرى جثثهم تطفو على ثوبي تارةً وأخرى ترتمي متوغلة في عمقي حتى الفقد.
من أين عساي أبدأ؟
كان يومًا لن أنساه أبدًا..
ربيع بلون أسود يحمل الموت فوق ظهري
والذي ازدحم حدّ الغرق، وهل لي أن أصرخ كما يصرخون؟
كفى ما بالكم تركبون الموت متزاحمين
لم يتحرك المركب البتة، لكنّه فقد توازنه و قوته على التحمل لذلك أفلت أيديهم.
منذ أول لحظة بدأ الموت يجرَّهم نحوي كأني أرى موتي..
صراخ يعلو وبكاء يملؤني ويفيض بي
تساقطوا من على متنه دفعة واحدة
أيهم عساي أحتضن؟
كانوا صغارًا كالأماني
شبابًا كزهور الربيع
كبارًا كالمصابيح
لكن لا، كانت السماء قد فتحت أحضانها لتستقبل تلك الأرواح التي تصاعدت كأنها أسراب نوارس هاجرت بلا عودة تاركةً خلفها الألم
بعد صراعٍ دام دقائق مع الموت
والخوف والهلع
ما ذنبي أنا؟
تلتصق على ثوبي التّهم
لا زلت أحنو بجرفي ليلًا وأهدهد النائمين في أعماق الفقد
كان شاهدًا ذاك الذي رفع سبابته قبل موته وأطلق الشهادة مشيرًا:👆
من المسؤول؟
كان الجشع يفتح فمه لالتهام تلك الأجساد بين سياسي ومفسد، تلك السبّابات الغارقة ستلعنهم إلى يوم الدين وستشكو إلى الحقّ ظلم المفسدين.
لست أنا، لست أنا..
كان جواب دجلة لي.
ما العبَّارة إلّا جريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم في بلادي .
تاريخ كتابة النص
11/4/2019
الخميس 11:14صباحاً
نرجس الأبيض
26/6/2019 يونيو
الاربعاء 3:39 مساء