السبت، 19 يناير 2019

ج2 من قصة {{رد قلبي }} بقلم الكاتبة الرائعة {{نعمت مهدي}}

((رد لي قلبي ))
الجزء الثاني

كانت لفافة بيضاء تحيط وجهه ...تلمس وجهه بيديه وهو ينظر الى المرآة بتوجس...حاول أن يرفع جزءا من تلك اللفافة ليرى ماحصل لوجهه، عندما سمع صوتا آمرا من خلفه يأمره ألا يفعل ، فأسرع الى سرير المرضى بوجل وهو يلتفت نحو مصدر الصوت...كانت تلك هي نفسها ، الطبيبة التي أنقذت حياته...

دلفت الى غرفة المرضى ، ونظرت إليه بقلق...نظر اليها بامتنان وهو ينهض بسرعة ليحييها..

_أنا عاجز عن شكرك حضرة الطبيبة ...لاأعرف كيف أكافؤك، ولاأذكر عن نفسي شيئا مطلقا،  حتى أنني لااستطيع تذكر اسمي...لكنني مستعد أن أكون طوع أمرك وخادما أأتمر بأمرك ومساعدا وفيا في جميع شؤون مرضاك...

نظرت الطبيبة إليه باستغراب شديد...فكرت لبرهة وهي تتأمل لفافة رأسه التي تحيط وجهه بشكل كلي ولاتظهر منه سوى عينيه وفتحتي أنفه وشفتيه...

_حسن،،،، أنا لا أعرف ماالعمل بالنسبة لذاكرتك ولم أضع هذا في حسباني....يعني...أنت الآن بلا مأوى ولاتعرف أين منزلك ولاكونك متزوجا أم لا...لربما تكون لديك زوجة تنتظرك في مكان ما من هذا العالم،  أطفال ينتظرون عودتك!!!!...سوف آخذك في نهاية الاسبوع معي لزيارة صديق من اصدقاء والدي القدامى عله يفيدك في معالجة نسيان ذاكرتك...لكنني الآن أفكر في أمرك...يجب أن تجد مسكنا!!!

_أولا يمكنني أن أمكث هنا!!!!

هتف الشاب بأسى...رفع ناظريه الى الطبيبة بقلق وأردف قائلا...

يمكنني المكوث في عيادتك في الليل فقط وفي النهار سأحرص على العمل طوال ساعاته حتى المساء لأستطيع كسب قوتي...

نظرت الطبيبة الى الشاب بتوجس وأردفت...

_يجب رفع اللفاف والضمادات عن وجهك بعد أيام قلائل ولكن آثار الحرق ستظل في وجهك وستظل مشوها كليا ولأصارحك بالحقيقة...لاأعتقد انك ستجد وظيفة في هذه القرية مع وجه كهذا ....أعتذر منك، يمكنك المحاولة ولكنني شبه يائسة من هذا الأمر...لأن حروق وجهك جد كبيره..وأنا عالجت وجهك كي يزول الألم فقط وقطبت جراح السكين التي عملت عملها في وجهك..وذلك أقصى ماأمكنني فعله...

_إذا ماالحل؟؟؟؟

 هل سأبقى عالة هكذا ...كلا سأبحث عن عمل من الغد...

_بالتوفيق إذا...عن إذنك وتصبح على خير...يمكنك المكوث مؤقتا حتى العثور على عمل ...لكنني سأقفل الباب عليك لأنه جزء من منزل والدي ، فأستميحك عذرا لذلك...

_كلا،، حضرة الطبيبة ..أنا الذي أعتذر منك لتطفلي عليك ...وممتن لسماحك لي بالمبيت ...

وتبادلا النظرات بسرعة قبل ان تغلق الباب بالقفل وتذهب نحو غرفتها لتنام..

في اليوم التالي بدء الشاب رحلة البحث عن عمل...كلما سأل شخصا عن احتياجه مساعدا ما،كان يتفرس وجهه بدهشه ويمط شفتيه بنفس السؤال...

_انت الغريب الذي حل على قريتنا، اليس كذلك؟؟؟؟ 

وعندما يجيب بالإيجاب،  يتابع صاحب العمل قوله..

_كلا...لست بحاجة لشخص غريب لاأعرف عنه شيئا...وأيضا من المحتمل ان يكون هاربا من السجن او مشتركا بجريمة ما سببت حروقا لوجهه...

عاد عند المساء خائر القوى لم يتناول من الطعام شيئا لعدم حمله أية نقود...كانت رائحة حساء لذيذه تفوح من منزل الطبيبة ، دفعته للذهاب مباشرة نحو مطبخها...

_هاااا ، إذا ....لم تجد عملا كما هو متوقع!!!؟؟؟

_أنا جائع جدا ...لم اتناول شيئا منذ البارحة عندما اعطيتني رغيف الخبز ذاك....

_ياالهي...أو من المعقول!!!!...لماذا لم تقل؟؟؟

_خجلت منك قبل أن أخرج الى العمل...ولم أشأ أن أطلب نقودا....عار علي فعل ذلك...

نظرت الطبيبة بدهشة اليه...شعرت بصدق نبراته ...كان يتحظث متأثرا وكأنه يطلب شيئا عظيما لاطعاما...

_صدقيني سأدفع لك ثمن كل لقمة مع المبيت عندما أحصل على عمل ايتها الطبيبة ...

تفضل بالجلوس الآن الى مائدة الطعام في صالتي ...هيا ساعدني على حمل الصحون...

_حسن اذا...أنا جد شاكر لك حضرة الطبيبة ...وسأغسل الصحون بنفسي بعد الطعام...

نظرت الطبيبة الى مريضها بدهشة ممزوجة بالسعادة وابتسمت حتى بانت أسنانها المتراصة ...ظلت ترقبه وهو يأكل بنهم بسبب جوعه الشديد حتى أكمل أربعة صحون من الحساء مع ثلاثة أرغفة من الخبز ودجاجة كاملة كانت قد أعدتها احتياطا لعلمها بوجوده لكنها لم تتوقع أن يأكلهابأكملها ...نظر اليها أخيرا بعد أن انهى طعامه ولاحظ أن الطبيبة لم تضع دجاجة أمام صحنها فشعر بالاحراج الشديد....

_حسن....هل أكلت كثيرا؟؟؟؟

_لابأس ...هنيئا مريئا...

قالت وهي تبتسم بسعادة ، إذ شعرت أنها مسؤولة عن ذلك الشاب بشكل ما، وكأن طاقة من الحنان والعطف أحاطت قلبها تجاهه ...نظرت إليه  وكأنها تكلم طفلا صغيرا...

_حسنا....إذهب للنوم الآن..أنت متعب ...أنا سأغسل الصحون....لاعليك....وغدا صباحا اذهب للبحث عن عمل فإن لم تجد حتى الظهيره، فعليك موافاتي الى منزل عائلة(........)،،، كي تنقل ابنهم المريض الى هنا ذاك لأنهم استدعوني اليوم لجلسة علاج ولدهم المشلول الذي هو تحت رعايتي ،،، وكلا والديه عجوزان لايستطيعان حمله ولذا ....كنت اليوم بحاجة ماسة لك ، لولا أنك ذهبت للبحث عن عمل...

_إذا!!!...هل يمكنني أن أكون ذا فائدة لك هنا ياحضرة الطبيبة!!!!!

هتف الشاب بحماس...أغمضت الطبيبة عينيها لبرهة ، ثم نظرت الى الشاب الضخم ، مركزة نظراتهاعلى عضلاته وضخامة قامته...رمشت بعينيها عدة مرات بارتباك وقالت أخيرا...

_حسن....يمكنني أن أجد لك عملا في عيادتي كنقل المرضى وحملهم ومساعدتي على حمل اولئك الذين أعالجهم لأنني بمفردي غالبا ماأواجه صعوبة في الأمر وأضطر الى استدعاء أولياء المرضى أو ذويهم كي يعينوني في حملهم...وماأن قالت الطبيبة ذلك حتى ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتي الشاب اللتين كانتا بارزتين من تحت اللفافات البيضاء مع عينيه السوداوين فقط...أطرقت الطبيبة بخجل مفاجئ وشعرت بارتباك مباغت لم تفهم كنهه...بينما تمتم الشاب بكلمات العرفان ...

_لاأعرف كيف أرد معروفك سيدتي الطبيبة...لكن صدقيني...سوف أرد لك معروفك يوما ولو كان آخر عمل لي في حياتي.....

يتبع

ليست هناك تعليقات: