الخميس، 21 أبريل 2022

قصيدة تحت عنوان{{قطار.. ورقصة استحضار}} بقلم الشاعر اللبناني القدير الأستاذ{{علاء الغريب}}


 { قطار.. ورقصة استحضار }


عَامٌ وَرَاءَ عَامٍ
وَأَنَا أَحْمِلُ صُرَّةَ الوَعْدِ
بَعْدَ أَنِ اِخْتَلَسْتُ الحُلُمَ
مِنْ حُضْنِ الشَّمْسِ
أَنْتَظِرُ عَلَى مَقْعَدِ مَحَطَّةِ القَدَرِ
أَنْ يَمُرَّ وَيُصَفِّرَ
        قِطَارُ الوَعْدِ
           مُحَمَّلًا بِالوَرْدِ

....... 2
أَجْلِسُ كَيَعْسُوبِ نَحْلٍ
               ضَلَّ رَبِيعهُ
     مُشَرَّدًا بِعَصْفِ صَقِيعِهِ
يَنْتَظِرُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ المَطَرُ
 لِيَرْحَلَ نَحْوَ مَمَالِك العَسَلِ
                 وَبُيُوت الشَّهْدِ
فَأَسْمَعُ لُهَاثَ أَنْفَاسِ القِطَارِ
قَادِمَةً عَلَى عَجَلٍ
كَثَوْرٍ هَائِجٍ 
أَدْمَتْ عُنُقَهُ الرِمَاح
يُلَاحِقُ مُصَارِعَ المِضْمَارِ
يَجُرُّ خَلْفَهُ كُرَةَ نَارٍ
             ثَائِرًا مُتَوَعِّدًا 
يَقْفِزُ الأمَلُ مِنْ دَاخِلِي كَالإِعْصَارِ
            يُرَاقِصُ الرِّيحَ بِقُدُومِهِ مُهَلِّلًا
فَيَمُرُّ قِطَارُ الغيدِ 
               هَازِعًا 
                   مُبْتَعِدًا
                        مُعَرْبِدًا 
                   عَلَى سِكَّةِ الوَهْمِ
دُونَ أَنْ يَتَوَقَّفَ
         أَوْ يُخَفِّفَ
            تَارِكًا خَلْفَهُ
             بَصَمَاتِ الأَسْىَ 
              عَلَى جَسَدِي المُمَدَّدِ

....... 3
بَعْدَ عَوِيلِهِ
          وَرَحِيلِهِ
يَلْفَحُنِي هَوَاءُ الأَحْزَانِ
وَأَشْعُرُ بِأَنَّهُ رَمْيَةَ سَهْمٍ
أَصَابَ جُرْحَ الخَيْبَةِ 
             دَاخِلَ كَبِدِي
وَغَارَ صَلِيلُ إِيقَاعِهِ كَالسِّكِّينِ
إِلَى حَدِّ النزفِ
          دُونَ تَأَفُّفٍ
    بَعْدَ أَنْ تَابَعَ مَسَارَهُ
وَمَشْىَ يَزأرُ 
أَمَامَ أَحْلَامِي المُتَوَرِّمَة مُتَوَعِّدًا
وَفِي عَبَقِ أَضْلُعِ السَّرَابِ تَدَعْدَعَ
ثُمَّ غَاصَ وماع
     كَالجَمْرِ بِالرَّمَادِ
دُونَ أَنْ امْتَطَيَ صَهْوَتَهُ
كَخَيْلِ البَرِّ المُتَمَرِّدِ
وَيَصْهَلُ بِي لِعَالَمِهِ المُكْتَمِلِ الوَاعِدِ 

....... 4
مَرَّ عَلَى أفْنَانِ عُمْرِي الوَارِفَةِ
وَسَلَخَ مِنْ أَوْرَاقِهَا
  سَنَةَ اِنْتِظَارٍ وَرَحَلَ
      فَخَفَقَ قَلْبِي أسفًا 
                  وَارْتَجَفَ
       بَعْدَ أَنْ مَضَيْتُ وَحِيدًا
وَعُدْتُ لِوَاقِعِي المُنْعَدِمِ
أَحْمِلُ صُرَّةَ خَيْبَتِي
وَأَتَدَثّرُ بِغَفْوَتِي  
أَحْلُمُ بِمَدَائِنِ الوَرْدِ
وَبِسَمَائِهَا المُكَلَّلَةِ بِالغَارِ
المُعَمَّد بِالمَجْدِ

..... 5
وَيَمُرُّ القِطَارُ تِلْوَ القِطَارِ
وَشِتَاءٌ وَرَاءَ شِتَاءٍ
    عَلَى جُرْحِ الرَّجَاءِ
    وَالرُّوحُ تَعْصِفُ وَتَرْتَعِدُ
       وَالسنُونُ تَتَوَالَى صَافِرَة  
وَأَنَا مَا زِلْتُ ذَلِكَ المُتَمَرِّدِ
أَنْشُرُ أَحْلَامِي المُبَلَّلَةِ بِالعَنَاءِ
          عَلَى مَقْعَدِ مَحَطَّةِ العُمُرِ 
يَغْزُو خَرِيفِي ثُلُوجَ مَشِيبِي
وَبِحَالَةِ انْتِظَارٍ
وَسَاعَةُ أَنْفَاسِي تَحْبُو  
          وَعَصَاةُ سِنِينِي
    لِاِسْتِنْشَاقِ آخَرِ مساحب
                     ضوع وَرْدِي
أُلَمْلِمُ بَقَايَا أَوْرَاق أَلْوَانِ أَفْكَارِي
المُتَنَاثِرَةِ المُتَشَرْذمَةِ الزَالِجَة
أُلاَحِقُ بِطَاقَةَ رِحْلَة سَفَرِي المُتَطَايِرَةِ
مِنْ أسْنَافِ رِيحِهِ العَارِمَةِ
   وَأَقْبِضُ عَلَيْهَا بِمِخْلَبِ صَقْرٍ
                 هَوَى مِنْ السَّمَاءِ
             وَعَلَى فَرِيسَتِهِ غَارَ وَمَالَ
                            وَجَثمَ عَلَيْهَا
            لَعَلَّهُ بِهَا إِلَى عَالمِه الآخَرِ يَهْتَدِي

.... 6
عِنْدَهَا
يُخَالِجُ رُوحِي سُؤَال
هَلْ مَا زَالَتْ صَالِحَةً لِلتِّرْحَالِ !؟ 
         أَمْ أَنَّ العُمُرَ قَدْ تَجَمَّدَ وَرَبَد
فَتَتَأَرْجَحُ أَفْكَارِي المُتَوَرِّمَةِ
مِنْ هَذَا الجِدَالِ
وَتَرْقُصُ الأَفْكَارُ
رَقْصَةَ الاسْتِحْضَارِ
وَرَقْصَةُ اِنْكِسَارٍ
فِي مَدَارِهَا السَّرْمَدِي
تَنْخَفِضُ وَتَتَعَالَى
بَيْنَ نَعَمٍ
      وَلَا لَا
عَلَى بِسَاطِ أَمْسِي وَغَدِي

            •علاء الغريب / كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات: