السبت، 15 يونيو 2024

قصيدة تحت عنوان{{عصفور الموت}} بقلم الشاعر اللبناني القدير الأستاذ{{علاء الغريب}}


{ عصفور الموت }

يا أيها الطفل المغدور
لا تقل إنك أبكم  أو أصم
وإن عقلك مخشخش 
إني أعلم  أن لعبة الموت 
جعلت فكرك
 تائهًا 
     مشتتًا
           مشوشًا
               متلشلشا
وأصبحتَ ضمن سحابات الموت تطوف
كريشة في السماء ثملة
تلاعب عصف الريح منتشية
تدور ... وتدور
 تبحث عن زهرة طفولتك اليانعة الضائعة
المنبثقة من بين أضلع التشرُّد
وزغاريد الرصاص الطائش
وشواهد وجوه القبور المتجعدة
وصمت أطلال جسور وطن المحبة
المهدمة المعدمة
وبين أزقة أحلامك الفخارية المتبشبشة

...2
يا أيها العصفور المغدور
من صائدي طيور الحياة 
لاحق أنفاسك الهاربة اللاهثة
من جرحك المسكوب
قبل أن يأخذها 
آخر نوابض الغروب 
لعلَّك تحظى بزهرتك البائسة
بين شواهد القبور المزركشة 
فإن رأيتها 
        قل لها...... أن تُسلِّمَ
فهناك أجساد تغفو متألمة
أخذتها غدراً ذات مساء 
أيادي الموت المتوحشة
أنظر حولك ..... وتحمَّد 
فهناك قبر أحمدَ 
وذاكَ قبر عليَّ  
وَذَا عيسىَ ومرقس 
وهناك قبورًا 
لـ فاطمةَ ومريمَ وعائشة
وقبور أخرى بالألوف 
أكل الضهر معالمها 
وشواهدها مهشمة مهمشة

...3
أني أعلم  إن صور الموت 
سرقت من فمك حبال الصوت
وأضاعت بين ركامها وركامك 
حلمك المعرَّش
أني أعلم 
أنك كفرت بشموع أعيادگ  
وبعصائر احتفالات ميلادك
وبألعابك
وبقالب حلواك
ومن صرختك الأولى المنهكة
الباكية الجاهشة

...4
أني أعلم يا عصفور المحرقة
إن القهر وشم 
على جسدك العاري المُرتق
ألف صورة وصورة انهزام موحشة
ولم تعد تلعب 
مع طيور الشمس المشرقة
لم تعد زائر الفجر المغرِّد الواعد
الذي علمنا التعايش 
عندما بنى أعشاشه
تحت ظلال المآذن والصلبان
لم تعد تثمل من كؤوس عسل اليمن 
وتعزف داخل بهو مملكته الألحان
لتفيض من ثغره شهد الأشواق العطشى

...5
يا أيها العصفور المشتاق  
لم تعد تلاحق "جوبيات" 
صيادو سمك الرافدين وتُطرب اهتزازًا
وتغازل قصب "الأهواز " 
وترقص طروباً على أفنان نخيل بغداد 
في عرس العراق المدهش

...6
يا عصفور دمشق
لم تعد تُواعد ياسمينة عشقك
بين أنفاس الأزقة
وترمي لها من فوق المآذن 
أوراق الرياحين
كلما القلب دقَّ 
فياسمنتك قد اقُتلعت
وبني مكانها خندقا
وناعورة "حماكَ"
قد حلَّ على أنفسها التعب
وقلبها من الحسرة تعرَّق
لم تعد تغسل ضفائرها
بمياهها الباردة المنعشة
ولم تعد تسمع قدودها
وتلتف مع رقصها الصوفي 
وتدور معها طروبة
ولم تعد تنتظر زائريها 
بشوقٍ عند الغروب
فقد أصبحت أنفاسها متلاشية

...7  
يا عصفور غزة اليافع
يا أيها الضائع بين صرخات 
الفواجع والمواجع
إني أعلم إن عقلك 
يرفض أن يكون طفلاً 
في هذا الواقع 
فكل ما في وطنك 
أصبح في عينك 
عالم ملعون  ..... ملعون .... ملعون 
مجنون متوحِّش 
تحكمه عصابات قاتلة 
وسلة من الشياطين الناهشة

           •علاء الغريب / كاتب صحفي 

ليست هناك تعليقات: