الثلاثاء، 18 مارس 2025

قصة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{ تيسيرالمغاصبه}}


 (في عتمة الحافلة )

  سلسلة قصصية 
        بقلم:
   تيسيرالمغاصبه 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
        
            بعد فات الأوان
                    -١-
                 

كانت سمراء ،لكن سمارها من ذاك السمار الفاتن، 
الذي يخفي نفسه خلف القناع ،والذي لا يستطيع 
حتى القناع أن يخنقه  أو أن يسجنه. 
إبتسامتها البائسة تأسر القلوب ،بالرغم من أنها
تعطي مزيج من التناقضات ،نظرتها نظرة طفولية تربت
على سلوك محدد،وقسوة تتبع قانونا لايمكن 
إن تتجاوزه؛المسموح به ،والغير مسموح.
ماذا لو كانت سعيدة،كيف ستكون إبتسامتها،
ماذا لو نزعت ذلك القناع الأسود الرهيب كيف 
ستبدو،هي تساؤلات استطاعت أن تقرأها في 
عيني وتعبيرات وجهي.
كانت عباءتها السوداء تغطي قوامها الذي لابد أن 
يراه كل فنان إن كان شاعرا أو كاتبا أو نحاتا، 
أو رسام تشكيلي،كان لا يظهر منها سوى وجهها 
بعضلاته المثيرة للشغف و..كفيها، 
منذ أن إنطلقت الحافلة في رحلتها الطويلة وهي 
تجلس إلى جانب النافذة متظاهرة بأنها تتأمل القمر فتسترق 
النظر إلي في كل حين فتلتقي العيون ،يخفق 
قلبي بشدة فتسبل عينيها خجلا ،ثم تتظاهر بأنها لم تكن تنظر ،أو أن النظرة جائت عفوية.
كانت تقاوم كل مشاعرها ،تقاوم البوح..تحاول مقاومة حتى
خفقات قلبها،فتنهمر دموعها،أراها مع ضوء القمر
تلمع كالماس،أخرجت من جيبي علبة المناديل ..جذبت
منها منديل ..قدمته لها ..شكرتني دون كلام.
سألتها:
-هل انت على مايرام ؟
هزت رأسها أن نعم ..إبتسمت إبتسامتها الخجلة
البائسة ،قلت ملاطفا :
-أن كل مشكلة لها حل ..لاشيء يستحق كل هذا
الحزن ؟
هزت رأسها كطفلة مذنبة غفر  ذنبها ،لكن كل
محاولاتي ومبادراتي وحوافزي لإخراجها من 
جوها الكئيب وأن تتكلم معي بائت بالفشل فأنا
أظن أن صوتها لايقل جمالا عن وجهها الذي إكتشفته أنا ..أنا فقط ،ولم يكتشفه غيري.
كل ما أرادت الاقتراب مني أكثر ومحاولة البوح 
بما في صدرها كانت تبتعد في اللحظة الأخيرة وآخر 
أمل، وتتراجع ثم تمسح دموعها.
كالعادة نسيت نفسي واستسلمت لمشاعري ،وشعوري
أنني أعرفها منذ زمن بعيد ،ولا يمكن أن أتركها
أبدا خصوصا أن الرحلة لابد أن تنتهي مثل أي 
رحلة وحتما سنفترق ،
أمسكت يدها،إرتعشت خجلا ،
 وقلت وأنا لاأزال ألاطفها بصدق:
-كل شيء سيكون على مايرام ..هذه الدنيا لاتستحق دمعة واحدة من تلك العيون الجميلة؟
إبتسمت وحاولت أن تتكلم..ثم تراجعت ،كانت 
تبدو كالغريقة التي لا تجيد العوم ..قلت لها :
-حسنا انتظري قليلا ؟
اخرجت هاتفي ودخلت إلى أستوديو الفيديو 
وعرضت أمامها فيديو لقطة ترقص فابتسمت 
كطفلة ،قلت :
الآن إذا لم تتكلمي ساصرخ أمام الجميع وأقول :
-خطيبتي فسخت الخطوبة وسابكي أنا هذه المرة؟
ضحكت هذه ألمرة ووضعت يدها على فمي وقالت:
-أ..أنا ...
لكن توقف الحافلة المفاجىء في الصحراء جعلها ترتعش متوترة ومتلفتة حولها ضاغطة قبضتيها بقوة.

           " وللقصة بقية "
تيسيرالمغاصبه

ليست هناك تعليقات: