السبت، 10 مايو 2025

قصة تحت عنوان{{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


"في عتمة الحافلة "
  سلسلة قصصية 
        بقلم:
 تيسيرالمغاصبه 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
          يدك
          -٨-     

بينما كنت في السكن استعد للذهاب إلى الشركة للحجز لسفر يوم الجمعة، كنت أتأمل الخاتم بيدي.
لمحت خطوط محفورة بداخله ،قرأتها ..كان أسمي وأسمها قد حفرا عند صائغ.
نهضت بسرعة وأنا كلي شوق ولهفة للقائها ،عند ذلك طرق  الباب ،وعندما فتحته كان صديقي الذي أخبرني 
أن مدة تكليفة في العمل بعمان قد إنتهت وأنه قد
عاد إلى موقع عمله في العقبه.
اعدت الخاتم إلى  جيب قميصي ..عندما رأه معي 
سألني عنه قلت له أني سأحدثه عنه حالما نعود 
من شركة السفر لأني أريد الحجز لرحلة نهاية الأسبوع،
وخرجنا معا.
وصلنا إلى الشركة ..تفاجأت بأنه يوجد معرفة 
سابقة بين صديقي والموظفين ،فقد قابلوه بالعناق
والقبل ،
شعر الجميع بالحرج عندما علموا أنه تربطني به صلة
صداقة متينة  ،قال :
-ارجو إختيار أفضل رحلة لصديقي غدا صباحا 
من حيث الخدمة والراحة؟
قلت بسرعة :
-لكني لا أريد سوى حافلة الليل القديمة؟
دهش صديقي وقال بسرعة :
ماذا قلت ؟
-لقد اعتدت على السفر في حافلة الليل .
شعر الجميع بالحرج،لكن سألني صديقي وهو لايزال غير مصدق ماأقول :
-منذ متى وأنت تسافر في حافلة الليل تلك؟
-جميع رحلاتي إلى عمان ومنذ أن إلتحقت بالوظيفة.
قالت الموظفة وهي لاتزال مرتبكة :
-في الحقيقة لم يكن حافلات متوفرة ..و...؟
قاطعها زميلها قائلا:
-أن ..الحافلة قد أعجبته لأن  رحلاتها هادئة؟
-الحافلات متوفرة دائما ولايوجد اي تبرير لكلامكم 
هذا ،لكني لم أرضى  ذلك التصرف منكم أبدا ،حقا أن ذلك لأمر مؤسف منكم ؟
قال الموظف بحرج:
-نحن نعتذر لم نكن نعلم أنه صديقك؟
بالرغم من ذلك النقاش والعتاب بينهم إلا أنه مر
دقائق وهو يقنعني بعدم السفر بحافلة الليل ،وهو يبحلق في وجهي مشككا بسلامة عقلي.
أخيرا
قبلت على مضض عندما قال لي بأنه سيخبرني 
عن السبب  عند عودتنا إلى السكن ،وقد قال أخيرا لأقناعي :
-عموما إذا لم تقنع بكلامي بإمكانك أن تسافر بها وحسب الموعد المقرر. 
رمق الجميع بغضب قبل أن يستدير، ثم مشينا.
ونحن في طريق العودة أشار علي بأن نذهب 
للجلوس على الشاطىء في الهواء الطلق لنتحدث 
هناك، واعجبتني الفكرة لأني كنت أشعر بالضيق الشديد
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بعد أن شاهد الخاتم المحفور عليه أسمي وأسم 
فداء ،حدثته عن حكايتي كاملة في حافلة الليل ،
أما حكاياتي  مع فداء ومع لينا فهو يعلم بكل تفاصيلها، 
يعلم بكل شيء عني بحكم الصداقة الطويلة ،وكنت كلما
مررت بتجربة عاطفية أسافر إلى العقبة لامضاء
أيام هناك  معه ،فإن الصداقة بدأت منذ أيام الطفولة
بحكم صلة القرابة.
جلسنا على الرمال ،وبدأت بالتحدث
وكان يسمعني وهو مندهش  ويهز رأسه ،صمت لدقائق ثم أخذ نفسا عميقا وبدأ بالحديث:
-أسمع ياصديقي..يوجد سر كنت أعلم به منذ البداية ولم أخبرك به كي لا يؤثر عليك وعلى وضعك الوظيفي ،فداء 
لن تراها ثانية ،ولايمكن أن تراها؟
-لماذا .
-لأنها....لأنها غير موجودة الأن ؟
-لم أفهم. 
-فداء قتلت قبل عدة سنوات؟
-ماذا.
-نعم ..لقد قتلت في تلك الحافلة ،حافلة الليل؟
-مستحيل.
-بل هذه هي الحقيقة ياصديقي؟
-فداء قتلت ..كيف.
-في الحقيقة يوجد حكايات كثيرة متضاربة ؛أنت
بطلها ..مع أنك لاتعلم شيئا أبدا عنها ،جميعها دارت
على متن تلك الحافلة ،يقال أن فداء عندما أجبرت 
على الزواج من قريبها الذي وكما تعلم كان يعاني من نوبات صرع،
وكانا معا في تلك الحافلة ،متجهان إلى العقبة 
لقضاء شهر العسل ،وفي الرحلة شاهد خاتمها و
قرأ أسمك وأسمها المحفوران عليه وقد صارحته للمرة الألف بأنها لاتحبه ،وأنك أنت حبيبها الوحيد،
ولايمكن أن تحبه هو ،وربما يكون قد
تظاهر بأن نوبة الصرع قد عاودته فأخرج مسدسه 
وقتلها هي  وبعض المسافرين وكانتا من بينهم  أختها الصغيرة وأمها اللتان  كانتا برفقتها في الرحلة ،وقد قتلتا أيضا؟
-ولماذا الخاتم مغروز في المقعد ؟
-ربما يكون هو قد  وضعه كي لايكون إثبات على
أنه لم يكن في حالة نوبة صرع خصوصا أن أسمك 
وأسمها كانا محفوران عليه وهذا بحد ذاته دليل على إدانته ..والله وحده أعلم ؟
-شيء رهيب ؟
-أودع  زوجها في مصحة للأمراض العقلية وقيل 
أنه مات هناك ،ومنذ ذلك الحين  لاأحد يسافر 
في تلك الحافلة لأنها مسكونة بالأرواح والأشباح والجان،
ويقال أن البعض أصيب بالمس أثناء سفرة بتلك
الحافلة ..ولهذا السبب لايسافر فيها سوى من 
لايعلم بقصتها؟
أخرجت قطعة القماش من جيب جاكيتي..تفقدناها 
جيدا وتأكد لنا  أن البقع و النقاط التي عليها ماكانت سوى نقاط دم ،
قبلت قطعة القماش بحزن وأجهشت بالبكاء 
وأنا أمسح وجهي بها،
أما صديقي فأخذ يتمشى على الشاطيء حالما 
افرغ شحنة الحزن مع أصوات تلاطم الأمواج .

                "إنتهت القصة"
              وإلى قصة أخرى 

تيسيرالمغاصبه 

ليست هناك تعليقات: