الثلاثاء، 3 يونيو 2025

نص نثري تحت عنوان{{حين تمطر الخسارة}} بقلم الكاتبة السورية القديرة الأستاذة{{كاتيا الرباعي}}


حين تمطر الخسارة
******************

كنت اجلس في ذلك 
المقهى العتيق
الذي يعرف انفاسي
 اكثر من الناس
اقرأ كعادتي
وارتق بصمتي ما 
انقطع من الداخل

اقترب رجل
وجهه يحمل تعب المدن القديمة
جلس امامي بصمت يشبه الاسى
وقال بصوت مكسور
هل تسمحين لي بسر

لم اجب... 
كنت فقط ارتب ملامحي 
بين الدهشة والصمت

قال....
انا موجوع
وجعي ضيق لكنه لا ينتهي
في صدري فراغ
وفي عيني مقبرة
 لا يزورها احد

نظرت اليه..... 
فرأيت في عينيه وطنا منطفئا
 ونارا لم تجد من يطفئها
وحبا دفن تحت الركام

تابع حديثه....
وصوته ينساب كندبة قديمة
كانت لي حبيبة
امرأة من ضوء
اخذتها الحرب كما تأخذ النار البيوت
لم تبق لي منها سوى نبرة
وعادة النطق باسمها حين اختنق

صمت....
وصمت معه..
كانت لحظة خرساء
الا من دوي الغياب

قال....
منذ رحلت
الشعر جف في فمي
والكلمات اصبحت ثقيلة
كأن اللغة هجرتني معها

اردت ان اقول له شيئا
ان اربت على وجعه
ان اقول له
البعض لا يرحل بل يتحول
 الى ظل فينا
لكن الصمت كان ابلغ

مد يده نحو فنجانه
لم يشرب
اكتفى بالتحديق فيه
كأنه يرى ملامحها على سطح القهوة

همس....
كانت تحلم بشجرة زيتون على شرفتنا
تسميها سلام
كنا نضحك من الفكرة
لكنها آمنت ان الحب يزرع مثل الاشجار

ضحك بعدها ضحكة واهنة
كأنها خرجت من بيت مهدم

نظر الي نظرة طويلة
كأنني صرت مرآته
او شرفة كانت لها

ثم نهض
ووضع ورقة صغيرة في كفي
وقال... 
لا تقرئيها الان
اقرئيها حين تمطر
حين تعرفين طعم الخسارة

وغاب
كما تغيب الاوطان في الغبار
وكما يختفي الضوء
عندما تنطفئ الذاكرة

لم استطع ان ارد
كيف اخبره
اني قبله
ذاقت روحي الفقد
وان قلبي ايضا
عرف الحرب
دون ان يعلنها احد

كاتيا الرباعي 

سوريا 

ليست هناك تعليقات: