"أنينُ الأيام"
تُسافِرُ نَفْسُ المَرْءِ فِي لَهْوِ دُنْيَةٍ،
تَؤُوبُ وَقَدْ غَشَّتْهُ أَثْوابُ الزَّمَنُ.
وَيَمْرَحُ فِي بُسْتَانِ أَمْنٍ مُوَهَّمٍ،
وَيَنْسَى أَنَّ آخِرَ زِينَةٍ الكَفَنُ.
يُخَادِعُهُ الدَّهْرُ الَّذِي صَفْحَاتُهُ،
تُنَبِّئُ أَنَّ مَآلَ كُلِّ هَوًى السِّجْنُ.
وَيَبْنِي قُصُورَ الوَهْمِ ثُمَّ يُقَوِّضُ،
فَتَهْوِي حَدِيثَاتُ الصِّبَا، ثُمَّ السَّكَنُ.
وَيَغْفُلُ عَنْ وَعْدِ الْفَنَاءِ وَحُكْمِهِ،
وَمَا بَعْدَ أَيَّامِ الاغْتِرَارِ إِلَّا الوَطَنُ.
تُزَيِّنُهُ الدُّنْيَا بِوَعْدٍ خَادِعٍ،
فَيَبْدُو لَهُ الزَّيْنُ الْمُصَنَّعُ أَنَّهُ الحَسَنُ.
وَيَسْكُنُ ظِلًّا، ثُمَّ يَشْتَدُّ الظَّمَأُ،
فَيَغْلِبُهُ وَقْعُ السُّرُورِ وَعَاقِبَةُ الشَّجَنُ.
وَتَخْطِفُهُ الأَهْوَاءُ حِينَ تَنَادَتْ،
فَتَكْثُرُ أَسْوَاقُ الدُّنَى، وَهْيَ الفِتَنُ.
تَرَى القَلْبَ يَسْعَى لِلسَّلَامِ مُوَهِّمًا،
فَأَيْنَ سَلَامُ النَّفْسِ؟ أَيْنَ الأَمْنُ.
وَيَغْفُلُ عَنْ قَوْلِ الكِتَابِ وَحُكْمِهِ،
حَتَّى يَذْهَبَ الْمُشْتَبَهُ، وَيَبْقَى البَيِّنُ.
وَيَبْرُقُ وَعْدُ اللَّحْظِ، ثُمَّ يُخَالِفُ،
فَيَفْضَحُهُ مَا كَانَ يَسْتُرُهُ العَلَنُ.
وَيَهْفُو إِلَى ظِلٍّ يُطِيلُ مُقَامَهُ،
فَتَرْسُمُهُ الأَيَّامُ، وَالعَاقِبَةُ الحُزْنُ.
فَإِنْ حَانَ وَقْتُ الحَقِّ وَانْكَشَفَتْ لَهُ،
قُصُورُ هَوَاهُ ارْتَدَّ قَلْبٌ، فَالْجُبْنُ.
وَيَرْهَنُهُ الذَّنْبُ الثَّقِيلُ بِحُكْمِهِ،
فَيُدْرِكُ أَنَّ مُرُوغَهُ البَاطِلَ الرَّهْنُ.
وَيَقْطِفُ مِنْ فَجْرِ التُّقَى وَرْدًا نَدِيًّا،
فَيَزْهُو رُبَاهُ، وَيَزْدَهِي غُصْنٌ فَالْعَنَنُ.
وَيَتْلُو سُبُلَ الرُّشْدِ اتِّبَاعًا وَتَوْقِرًا،
فَتَهْدِيهِ نُورُ الحَقِّ: هَذِهِ السُّنَنُ.
وَإِنْ قَامَ فِي طَيْفِ البَلَايَا مُتَحَرِّقًا،
تَصَبَّرَ حَتَّى تَنْجَلِي تِلْكَ المِحَنُ.
فَيَبْذُلُ مَا يَبْقَى لِوَجْهِ إِلَهِهِ،
وَيُدْنِيهِ فَضْلٌ سَابِغٌ؛ تِلْكَ المِنَنُ.
وَيَهْجُرُ مَا يُدْنِي إِلَى كُلِّ بَغْيَةٍ،
وَيُخْتَمُ أَمْرُ المَرْءِ بَعْدَ إِيَابِهِ الدَّفْنُ.
وَيَرْكَبُ زَادَ الصِّدْقِ، وَاللهُ مُطَّلِعٌ،
فَيَعْلَمُ أَنَّ لِكُلِّ لَهْوٍ كَامِنٌ الثَّمَنُ.
✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي
بتأريخ 08.15.2025
Time:3pm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق