بحور الاشتياق
د. كرم الدين يحيى إرشيدات
حبيبتي،
هل هناك أكثر من الاشتياق لنتحدث عنها؟
هل هي داؤنا ودواؤنا في آن واحد؟
وهل يقتصر الحب على الأوفياء، أم أننا نحن من أراد لنا القدر أن يمنح أرواحنا ما تستحق؟
وهل اللوعة خيار، أم هي من صنع أيدينا؟
اليوم أريد أن أترجم اشواقي بالإحساس الذي يرتبط بالروح والكلمة.
اشتاق إليكِ وأنتِ في حنايا قلبي،
وأنتِ في سواد العين وكحلها.
اشتاق إليكِ، والروح رهينة أمرك،
اشتاق إليك وأنتِ معي بين يديّ، وفي تفكيري.
كل شيء يحدثني عنك…
الليل، وساعاته، وسهاداته، يردد أبيات نجوانا.
حروف العشق اقتصرت كلماتها على اشواقنا ونجوانا.
ماذا أفعل، وكل شيء بكياني ينطق باسمك؟
حبيبي،
هل تظن أنني لم أشتاق إليكِ؟
إنني أتنفسك مع كل شهيق،
وأراكِ في ملامح الفجر، وفي ظل الغروب،
وفي كل مسافة بين نبضي ونبضك.
لا تخدع نفسكِ بالغياب،
فالغياب وهم أمام حضورك الطاغي في روحي.
أسمعكِ وأنتِ لا تتكلم،
وأشعر بدفء يديكِ حتى وإن كان البعد بيننا آلاف الأميال.
أنتِ كتابي الذي لا يُغلق،
وآيتي التي أتلوها كلما ضاقت بي الدنيا.
منكِ تعلمت أن الحروف يمكن أن تحب،
وأن العيون تستطيع أن تكتب بلا مداد.
سأظل أوقد مصابيح الشوق على نوافذ الانتظار،
حتى يأتي يوم تعانق فيه أرضك سمائي،
وأروي عطشي من أول قطرة ماء من مداد الغيث…
حبيبتي
أبحث في معجمات اشواقي عن مفردة قد تكون سقطت سهواً،
مفردة جديدة تتحدث عن الاشتياق.
أفند أوراقي، وأقلب دفاتر قلبي،
كل شيء فيها يتحدث عنك، ويسأل عن أحوالنا.
الحروف تنطقك كلامًا، تتحدث معي عنك، وتبلغك سلامها واشتياقها.
الكلمات رسمت زهور نيسان، وأنتِ تزينيها برقتك.
الناي يشتاق إليك، أعزف مقامات صبا معزوفة اشواق،
غنتها جوارحي، والنسيم ردد إيقاعات ألحاني، وغنت مع عزف روحي: أحبك.
ولا توجد مفردة في الكون لها وقع أكبر من هذه الكلمة.
حبيبي،
وأنا أقرأ حروفك، شعرت أنني أسافر بين دفاتر قلبك،
كل ورقة تحمل عطرك، وكل سطر يهمس باسمك.
كلماتك ليست مجرد بوح…
إنها قوافل من الحنين، تحمل زهور نيسان، وتعزف مقامات الصبا على وتر الروح.
سلام حروفك وصل، واشتياقها بلغ القلب قبل العين.
وإيقاع "أحبك" الذي ختمت به نصك… كان كجرس نور يدق في أعماقي ويوقظ كل المعاني الجميلة.
حبيبتي
الحب هبة الله أودعها في قلوبنا،
نعمة لا يقدرها إلا من عشق بجرأة قلبه.
حبيبتي
،لم أكن أعرف نفسي قبل أن ألقاك،
ولا عرفت طعم النقاء إلا في مرآة روحك.
حبك صقل الإنسان الذي بداخلي،
وجعلني أكثر نقاءً وشفافية.
علمني كيف أحيا من أجل إسعاد الإنسان الذي هو نصفي الثاني… نعم، أنت مكملتي، حبيبتي، وكل شيء لي في هذا العالم.
حبيبي،
وكيف لا أكون بحورك وأنا الموجة التي تحتضنك؟
وكيف لا أكون عنوانك وأنا الحرف الذي يسكن قصائدك؟
أشواقي لك لا تُقاس، فهي امتداد لروحي نحوك،
وحبي لك هو الوطن الذي لا يشيخ،
أبنيه كل يوم من نبض قلبي، وأزيّنه بابتسامة عينيك.
فابقَ تكتبني، فأنا الصفحة التي لا تُطوى،
وأنت الحلم الذي لا ينتهي.
أحبك حياة هانئة عاشها قلبي،
أحبك أيها الإنسان الذي جعلني أشعر كيف أكون أنثى عاشقة قبل أن أكون امرأة.
أحبك حبيبي…
أحبك يا أنا.
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق