الأربعاء، 27 أغسطس 2025

نص نثري تحت عنوان{{ضوء في قلب موجة}} بقلم الكاتب اللبناني القدير الأستاذ{{محمد الحسيني}}


ضوء في قلب موجة***
.............................

رأيتُها بين الأَمواج،
جسدٌ يتأرجحُ كقاربٍ صغيرٍ فقد شراعه،
وعُيونٌ تتشبّث بالفراغ كغريقٍ يبحث عن طوق نجاة،
عن هواء ... عن حياة ... عن أيِّ شيءٍ يوقفُ الغرق.

اندفعتُ نحوَها ...
كان كلُّ شيءٍ بطيئًا كغوص، سريعًا كارتطام،
وحين امتدَّ الموجُ ليبتلعَنا معًا،
عرفتُ أن قلبي أسبقُ من خوفي،
وأن للذاكرة ذراعًا أقوى من الموج.

وعلى الرمال...
نفختُ في رئتَيها كما يُردُّ للصدفة صَوتُ البحر،
سحبتُ الماء من فمها كما يُنتزع الملح من جرحٍ مفتوح،
ضغطتُ على صدرها مرّة... ثم أخرى... وعاشرة ،
حتى سمعتُ قلبها يقرع من جديد،
كقطرةٍ تنبثق من صخرٍ مبلَّل.

ارتجفت كلها بين يديّ،
وعيناها تحدّقان بي كنافذتين 
وفوق جسدي المنهك وأنفاسي المتقطّعة
انزلقت ابتسامةٌ من فمي :
"حافِظي على نبضك... الأولادُ بحاجتِه، وأنا."

كانت طليقتي،
وكان المساءُ مثقلاً كحجرٍ على صدر ،
وحدها قهقهةُ طفلَين كانت تزيّن الشاطئ
كأصدافٍ صغيرةٍ ...

قبل دقائق، كانت تمسكُ كتابًا وتلوّحُ للبحر 
لكنّ الصرخة التي أتت
بابنتي تركض متعثّرة في الرمل، ودموعها تسبق كلماتها:
"بابا! بابا! ماما غرقت..."

✍️ محمد الحسيني ـ لبنان 

ليست هناك تعليقات: