الأحد، 23 نوفمبر 2025

قصيدة تحت عنوان{{رَشفُ الرُّضاب}} بقلم الشاعر المصري القدير الأستاذ{{محمد رشاد محمود}}


 (رَشفُ الرُّضاب)-(محمد رشاد محمود)

في عام 1978 - وكُنتُ في الرابعة والعِشرين - أُعالج أمر طلاء أحد الجدران في بيت من بيوت بغداد ، بعد أن انقطع السبيل إلى أن أعملَ بمِهنَتي ، فلم يَعُد أمامي إلا الكدح بالجَسَد ، التَفَتُّ إلى حيثُ تأدَّى إلى سمعى صوتٌ أرَقُّ من النَّسائم النادية في هجير القَيْظ ، فإذا غادَةٌ حالية لم تبلُغ من ربيعها العشرين بيضاءُ مُشَرَّبَة الخدين بصبيب الورد ، لفَّاء ،ناهِدٌ ، وضيئة المُحَيَّا ، أسيلَة الشَّعر ، لو هبَّ خيالُها على مُدنَفٍ تالِفٍ ، لأبرَاَه ، وبادَرَتني بلهجَتها العراقية ، وبصوتٍ كأنما يصدرُ من بابل ، وكانَ الجوُّ حارًّا وقد جفَّ ريقي وراحَ جبيني يتَفَصَّدُ عَرَقًا : (عيني تِريد مَي ؟) ، فلم أملك إلا أن أقول :
ماءً تُريــــــدُ ؟ فُديــتَ يـَا رِيــمَ الــعَرَبْ
رَشًـفُ الـرُّضابِ مِن الـشِّفـاهِ هــوَ الأَرَبْ 
يـا ذَوْبَ قلـــبٍ جَـرَّعَتْهُ يَـــــدُ الحَيـــَــا
ةِ الــوَجْـدَ إنْ تَقســـي عَلَيهِ فقَد نَـضَبْ
شَــــكواهُ أنْ تَبْـــلَى الـقَناعَةُ والكَــــرَى
وجَـواهُ أنْ تَحيــَـــا الـلُّبــانَـةُ والطَّلَـــبْ
وَجــهُ يُريـــــقُ السِّـــحـرَ إمَّـا أجدَبَــتْ
نَفـسُ المُعَنَّى والعُيــونُ لَــهُ سَـــــبَـــبْ
يَـحْمَـرُّ مِنْ خَجَـلٍ ويُومِضُ مِن هَــــوًى 
ويَميــلُ مِن لِيــنٍ ويَشـــرُدُ مِن عَجَــبْ
وَطَـــــرٌ تَـــلاعَـبَ بالفُــــــؤادِ كــأنَّـــــهُ
وَتـــَــــرٌ تٌـمَوِّجُـهُ الأنـَــــامِلُ لــلـطَّــربْ
مَجْلَـى الـبَهـَـــــاءِ ورُبَّ حُســنٍ دُونَــــهُ
أَرَبَ الـبَهَــــــاءَ جَـلا المَلالَـةَ واحتَـجَبْ
(محمد رشاد محمود)

ليست هناك تعليقات: