" المستنقع "
قصة مسلسلة
بقلم:
تيسيرمغاصبه
-٩-
"إنسان آخر"
مع حلول الظلام عاد كمال إلى عمله ،كان الأولاد قد تركوا ساحة المدرسة فكانت الساحة شبه خالية إلا من بعض الأشباح التي تظهر فجأة بشكل زوجي وتعود وتختفي كالقطط.
كان كمال يشعر بالبرودة تصاحبها بعض القشعريرة التي تسري في جسده كما وأنه سيصاب بالإنفلونزا.
لم يجلس في الخارج كعادته بالرغم من الحرارة الشديدة والأجواء الخانقة.
ترك الفوانيس مضيئة في الخارج وأطفأ غرفته والكلدور الصغير الذي يربط دورة المياه والمطبخ بها،
ثم جلس في العتمة صامتا ضاما ذراعيه فوق بعضها على صدره كما وأنه طفل معاقب عقاب بدني شديد.
وهو في شروده الذهني لم يلحظ دخول باتريك إليه ملهوفا،مشتاقا ؛والذي جرى إليه وأشبع وجهه تقبيلا من ثم إحتضنه كما وأنه يخاف أن يفقده، بينما كمال لايزال صامتا يمسح شعره بحنو.
أصبح كل مايجري من أحداث في حياة كمال أشبه بالأحلام أو الكوابيس،
لم يعد يدرك متى يرفض ومتى يتقبل أي تصرف مفاجىء،
شعر بالدفء الذي إستمده من حضن باتريك الصغير والذي ربما يكون قد عانا نفس معاناته كونه ناقما على أمه وأبيه.
تنبه كمال إلى أن باتريك قد مكث بحضنه مدة أطول من اللازم ،فشعر كما وأنه سيغفو بين أحضانه، فقال له بحنو وهو يحاول إنتزاعه من داخل صدره بعد أن أصبح كما وأنه جزءا منه:
-يكفي هذا ياعزيزي باتريك..يكفي؟
عندما لم يستجب له جذبه أكثر حتى تمكن من إبعاده.
إستمع كمال إلى أحاديثه وشكواته،وضغوطاته النفسية؛كان يشكو وهو يكاد أن يبكي،بينما كمال يحاول تهدئته حتى إستطاع كمال أخيرا أن يجعله يبتسم وكانت مهمة شاقة ، وأخيرا استطاع إقناعه أيضا بالمغادرة.
أحيانا تخدمنا الأقدار وذلك بالطبع ليس حبا بنا..!! بل لتطيل آلامنا ..لتطيلها أكثر ،
ماأن خرج باتريك من غرفة كمال المظلمة وتنفس الصعداء ،حتى سمع صوت خطوات في الخارج ،قبل أن ينهض ليضيء النور كان رئيس عمله يقف بباب غرفته؛قال له وهو يضيء الفوانيس جميعها:
-لماذا تجلس في الظلام وحدك ..لماذا أنت حزين؟
نهض كمال وأفسح له مجالا ليجلس في مكانه وقال:
-تفضل ..ماذا تشرب؟
-ماذا يوجد لديك.
-كل شيء؟
إبتسم إبتسامة من يحسد نعمة الآخرين حتى لو كانت في الحلال ،فالإنسان السيىء لايستطيع أن يكون سوى سيئا ؛لأن ذلك هو دوره في الحياة:
-ياسلااااااام.
-..............
-ههههههههه أيوجد لديك كابتشينو؟
-نعم ..دقائق وسيكون جاهزا .
-هذا جيد لأني لن إطيل المكوث ، فأنا فقط لدي بعض الحديث سأمليه عليك ومن ثم أغادر؟
عندما أعد كمال الكابتشينو ووضع إلى جانبه الشيكولاته والمكسرات تراجع رئيس عمله عن فكرة أنه لن يطيل المكوث عنده، بينما كمال ينتظر بعدم إرتياح ،قال رئيسه بنفاقه الواضح والشبه متردد وذلك يعود لسبب ماقدمه له كمال من إغراءات "بطناوية":
-لاأريد أن أسبب لك أي إزعاج ..لكن أنت تعلم أن الوزارة لاتريد تعيين موظفين ههههههه لاأعلم لماذا بالرغم من وجود النقص الكبير في الكادر ..أتفهمني؟
-نعم أنا أسمعك.
-حسنا..ولأنه تم نقل أحد الأذنة إلى مدرسة أخرى ههههههه بالرغم من أني لم أعطي موافقتي على ذلك لكن يبدو أن له واسطة "قوية"...أتفهمني؟
-أنا أفهم ذلك .
-تمام ..ولهذا نحن مضطرون إلى تكليفك في العمل بالنهار آذنا مكانه لاشغال النقص ههههههه وفي الوقت نفسه تبقى حارسا في النساء ؟
-لكن....
-أنا أفهم ماتريد قوله، بما أن الوزارة قد اعطتني الصلاحية ههههههه أن أتدبر الأمر ..هههه قد إتخذت قراري على ذلك ؟
-لكن في تلك الحالة ستكون ساعات عملي أربعة وعشرين ساعة ..متى سأنام.
-هههههههه الجميع يعلم بأن جميع الحراس غير ملتزمين في العمل وأنهم ههههههه يغادرون في الليل ليباتون في بيوتهم هههههه؟
-وبالطبع بناء على ذلك إتخذت الوزارة القرار.
-ههههههه سأوضح لك هههه أنا قررت أن يكون لك إستراحة أربعة وعشرون ساعة في اليوم التالي لأن ذلك التكليف سيكون منطبقا عليك أنت وبقية الزملاء ..أي بالتناوب؟
-تمام.
أخرج رئيس العمل من جيبه ورقة وإبتسم وهو يمدها إليه مترددا بعد أن لمح الفاكهة المتنوعة الموجودة على الطربيزة إلى جانب سريره وقال:
-هذا إستجواب لك عن اليوم الذي لم تكن فيه متواجدا في عملك هههههه أرجو كتابة الإجابة عليه ..لا عليك أنا لن اقوم بارساله إلى الوزارة بواسطة البريد كالعادة ،لكني سأقوم بحفظه في درج مكتبي ..عذرا لا أريد أن يتهمني أحد بالتساهل والتهاون ..أرجو أن تتفهم الوضع هههههههه حسنا لاعليك لابد أن تلك الفاكهة معدة من أجلي أليس كذلك ههههههه.
* * * * * * * * * * *
وصل عادل ..ماأن رآه كمال حتى نهض عن مقعده وجرى إليه وإستقبله بالقبلات ومن ثم احتضنه على غير عادته ،لكن عادل لم يتفاجأ بذلك بل شعر بالسعادة والنصر العظيم؛وقال بثقة وحماس:
-بداية هل أنت على مايرام ؟
-نعم لماذا توجه إلي هذا السؤال.
-أقصد ..أن وجهك يبدو شاحبا بعض الشيء؟
-لاعليك ..أنا بخير.
-أخبرني ماذا حدث بالنسبة للمرأة ؟
شعر كمال بالضيق والتوتر وذلك الشعور الذي يشعر به الإنسان عندما يشعر للحظة بأنه أصبح قويا ومن ثم يأتيه آخر يذكره بضعفه ؛لكن عادل لاحظ ذلك ،ورد كمال :
-لقد....لقد نالت مني.
-لاأحب طريقتك في التعبير ياصديقي ..!! أأنت رجل أم فتاة لتقل ذلك !!هذا الكلام لايقل رجل ..هل تريد قول أن المرأة قد إغتصبتك ..!! أو لعلها فضت بكارتك..!! لا ..لا لم أحب منك ذلك ..لم أحبه أبدا؟
لأول مرة لم يغضب كمال من عادل بل أحبه أكثر وقد أعاد إليه ثقته بنفسه ..أعادها إليه أيضا بلحظة، وشعر أنه بحاجة إليه دائما، وقال وهو لايزال يتكلم بسذاجة واضحة:
-لكنها أخذت رقم موبايلي؟
-هذا أمرا تافها يارجل.
-..................
-والآن إسمعني ..إسمعني جيدا ماذا سأقول لك ،ستأتيك فتاة..سيأتيك بعد قليل..هي فتاة صغيرة ..ومثيرة ..أتفهم ..وعلى قدر كبير من الجمال ..ومثيرة جدا جدا و...لها نفوذ ..وتحب أن تحصل دائما على كل ماتريد ..وإن لم تحصل عليه ..تغضب ..تغضب كثيرا ..وإن غضبت تنتقم ..وقد إنتقمت من الكثيرين ..الكثيرين الذين هم أقوى منك وأشرس ..وهي تريدك تريد قضاء ليلة معك ؛ولو لليلة واحدة ... ستحضر لتقل لك هيت لك.. ها ماذا قلت.
(يتبع....)
تيسيرمغاصبه
٦-١١-٢٠٢٢