الخميس، 15 سبتمبر 2022

قصيدة تحت عنوان{{الظل}} بقلم الشاعرة القديرة الاستاذة {{عبدلي فتيحة}}

 

الظل


أدمى جرحٌ يوقض الآلام ليلَ

مضجعا بادٍ به الجسم هزيلَ


حين مرَّ الماضي في ثوبٍ شفيفٍ

يسرق اللبَّ الَّذي أُردى قتيلَ


ماج صوت يوقظ البركان فيه

ثمَّ ثارَ في ربوعِ النَّفس ويلَ


لا حضورًا مقنعا بعد الأفول

غير أشباح الرَّدى تغزوا المقيلَ


غير أنواءٍ تغطُّ النَّفس حين

ينثرُ الوجد الذي بات عليلَ


أمشي نحو الصبحِ بالليل الثقيل

أحمل للنور أحلاما جميلَ


كي أرى ومض السنا مد جسوري

يُبدي وجهًا ظنَّهُ القلبُ دليلَ


ينمحي الوهمُ صداهُ بالقلوب

عاكسًا بالظلِّ أزهارا قتيلَ


يولد اليوم من الماضي مخاضا

خلف أنَّاتٍ بها النَّفسُ ذليلَه


عبدلي فتيحة

قصيدة تحت عنوان{{اطفأت مدينة الافراح شموعها}} بقلم الشاعرة العراقية القديرة الاستاذة {{رمزية مياس}}


اطفأت مدينة الافراح شموعها
ضباب الاحزان ملأ شعابها
فحجب وجه اقمارها
واخرس عنادلها
اطلق العنان لدموعها
فملأت سواقي مشاعرها
تلاطمت موجات اشجانها
فتناثرت كنوزها
وضاع محارها
تعكر صفو بحارها
العواصف الهوجاء 
قلعت الاشجار من جذورها
الخريف الاسود
دب في عروقها
خلعت خضرتها
فجفت اوراقها
وتكسرت اوصالها
رمزية مياس،كركوك، العراق

مقطوعة شعرية تحت عنوان{{ابي}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{عباس كاطع الحسون}}


 ابي.. 
بنفسي من يزيح الهم عني
ويمحو الجور مهما نال مني

كأن الدهر قد اسى عليه
اذا مالدهر خيب بعض ظني

كأن الخير قد ينجاب عنه
اذا مالخير قد ينحاز عني

كأن الدهر قد يقتص منه
اذا اقرع بظفري بعض سني 

وقد عشت الدهور انال منه 
فكيف جوارحي قد طاوعني

وقد عشت الدهور على نداه
يناولني ويثني ثم يثني

لي
عباس كاطع الحسون/العراق

قصيدة تحت عنوان{{الليل}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{عباس كاطع الحسون}}


 الليل
قد جاءني الليل ليت الليل لم يفد
ومؤنس النفس في الاسفار لم يعد

قد جاءني الليل والاهات تطحنني
طحن الرحى وتعيد الطحن في جسدي

الهم يسرق من عمري ومن دعتي
واليأس ينهش في صبري وفي جلدي

والشك فرق ما جمعت من ثقة
والنار تسجر في قلبي وفي كبدي

اما المحبون في لهو وفي شغل
لم يعلموا انني في حومة الكَمَد

اقَطَّع الليل بالاهات انفثها مما
 اعاني وقلبي من جواه صدي

ابغي معينا على مافي من الم
لكنني بعد طول البحث لم أجد..

اما حبيبي هنيئا عيشه رغدا
الله يرعاه في عز وفي رغد 

لا اشرك الله من أهواه في المي
فأنني لاريد الضر في احد

وان ماحل بي ما حل في احد
وان ما حل بي ما كان في خلدي

لي
عباس كاطع الحسون/العراق

مقطوعة شعرية تحت عنوان{{الكذب}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{عباس كاطع الحسون}}


 الكذب.. 
ابعد عن الكذب ان الكذب منقصة
لايقرب الكذب الا فاقد الدين

كم حذر الله منه المسلمين وكم
قد خولف الله والقران في الحين

ماخولف الله الا طاعة سلفت
من القديم لاتباع الشياطين

لي
عباس كاطع الحسون/العراق

قصيدة تحت عنوان{{حلمي المغادر}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{عباس كاطع الحسون}}


 حلمي المغادر

كان لي خل خلوق وجميل
خالني خنت هواه فمضى..

لم اجده منذ أن غاب وذاب
 حلم جاء بنومي وانقضى

هل يعود الحلم يوما واراه؟ 
ففؤادي بعده شوقا قضى

كان كالطائر قد فر وطار
كيف يرجى طائر جاب الفضا؟ 

أ هو هذا مايقولون قضاء؟ 
انا لا أفهم في حكم القضا

ليتني لم اره يوما وما 
قدري كان ولا الرب قضى

لي
عباس كاطع الحسون/العراق

قصيدة تحت عنوان{{بعد الحبيب}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{عباس كاطع الحسون}}


 بعد الحبيب

الليل في بعد الحبيب طويل
وكذا النهار قد اعتراه نحول

والشمس لاتجري على عاداتها
والبدر في كبد السماء عليل

والنجم الصق بالسماء بقوة
واقام فيها لايكاد يزول

والقلب معتكف على احزانه
وقد اعترته سكتة وخمول

والأهل لا اهلي وما بأحبتي
والناس موتى والديار طلول

ما لذ لي بعد الأحبة مشرب
كلا ولم يمرأ بفي مأكول

لي
عباس كاطع الحسون/العراق

قصيدة تحت عنوان{{انا العراق}} بقلم الشاعر العراقي القدير الاستاذ {{عباس كاطع الحسون}}


 انا العراق

انا شمعة الناس التي قهرت دياجير الظلام..

انا ذلك النور الذي منع الدنا من ان تنام..

انا ذلك الحق الذي منع الاولى من ان تضام

انا ذلك العقل الذي صنع المحبة والسلام

انا ذلك الفكر الذي يابى المسير بلا نظام

انا ذلك الحرف الذي نشر المعارف والكلام

انا ذلك الرأس الذي صنع المسلة للانام

انا ذلك الفكر الذي صنع الحضارة بانتظام

انا مهبط الوحي الذي سن الصلاة مع الصيام

انا دارة الحب العظيمة والتالف والوئام

انا ذلك الشهم الذي زرع القداسة في الطغام

انا ذلك الحي الابي والناس موتى او نيام

انا يوسف لكنني لازالت في بئر الظلام

ان كان يرجو الحاقدون انام اني لا انام

انا اصل كل الكل والكل الى الاصل هيام

انا ذلك الترب الذي منه البداية والختام

لي
عباس كاطع الحسون/العراق

خاطرة تحت عنوان{{قد نموت وتبقى الحياة }} بقلم الشاعر القدير الاستاذ {{محمد طه العمامي}}


 قد نموت وتبقى الحياة 
تسير بافراحها ودموعها 
وسيبكيني القليل من الصحب والاهل
 وسيمرّون بعد يومين أو ثلاثة
لشواغلهم كأني لم أكن ابدا 
حتى حبيبتي 
ستلبس ثوب الحداد لايام
 ثم ستخبو ذكراي بداخلها 
وستظل بقمر سواي
 ويقول اعدائي استرحنا منه .
ما معنى ان تكون يد الموت 
تجول بهمجية فوق رؤوسنا ...
وتقتصر حركاتنا على عدّ حبٌات المسبحة
 والتمتمة بالدعاء 
لماذا نتلعثم ونرتبك في ترديد الدعاء 
ينطحنا الخوف ونعانق منافيخ الانذار ؟...
فلنثق بالله ...
الله وحده ، يقضي بالحياة أو بالموت 
وليس لما يتساقط من صنع البشر من سلطان !...

محمد طه العمامي

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022

قصيدة تحت عنوان{{هل أعطر }} بقلم الشاعر الفلسطيني القدير الاستاذ {{شريف القيسي}}


 هل أعطر 
مابين عينيك بقبلة
هل أزرع 
على الشفاه أهلة
هل أنزفني 
إليك شعاع مطر
هل اقتطف 
من السحاب ظله
إنني في 
أقراط الإغتراب
أعتصر من 
نخيل القلب خمرا
انني في سنابل 
الاقماح صرت تمرا
انني اتقد 
حنينا وأشتياقا
انني لإجلك صرت
شاعرا يقرض الشعرا
فصليني...!!!

،،شريف القيسي،،

خاطرة تحت عنوان{{لا مبالاة}} بقلم الشاعر التونسي القدير الاستاذ {{رؤوف بن سالمة}}


 "لا مبالاة"

رؤوف بن سالمة/تونس 

في عين الريح
عنّ له أن يستريح
وطفق يخسف من ورق اللاّمبالاة
ما يسدّ منافذ العناء والهموم
وظلّ على فراش الدّعة طريح
لعلّ أمرا يحدث
أو هكذا حدثته نفسه
فيتغير الحال القبيح 
لكن أزماته كانت تشتدّ
ولامبالاته كانت ترتدّ
عسرا يخنق أنفاسه
وبؤسا يكتم رغباته
وأحسّ في لحظة انهياره
أنّه أصبح فعلا كسيح
رمق بعين المنكسر
عناية السّماء
بفطرة المؤمن الكيّس
فلعلّ وعسى ..
وردّد في داخله
أنت الملجأ والرجاء ..

رؤوف بن سالمة/تونس

قصيدة شعبية بعنوان{{في قلبي شوق}} بقلم الشاعر المصري القدير الاستاذ {{الامير شداد}


 في قلبي شوق
عدي حنين الانتظار ،،
خدني هواك في دنيا،،
وعمل علي احساسي 
مية حصار،،
وسهرني حبك في حلم ثار
وفي كل حلم بشوفك ملاك 
بصوره زي شمس النهار ،،
وحسب خيالي اسرح معاك 
واعترف بكل الحكايه ،،،
واتكلم واقول من البدايه ،،
انا روحت في هواك لفين ،،،
قدام عنيك دق قلبي الف دقه 
وخدني تاني وتاني الحنين ،،
واحساسي سلم خد قرار ،،
وعدي هوايا حنين الانتظار،،
مانا مش ممكن أضحي وامشي 
انا لقيتك ولقيت عمري ،،،
وهعدي معاك طريقي وفجري،،
ولو هتجري مش هيفيد بعدك 
وهجري،،،،
انا لقيت فيك حياتي وعمري 
ومش معقول اسيبك لمين ،،،،
انت روحي وحلمي الجميل ،،،
دانت حبك ليااا وطن ودار،،،،امير

قصيدة تحت عنوان{{سوسنة قلبي }} بقلم الشاعر المصري القدير الاستاذ {{محمد الحفضي}}


 ***هذيان آخر الليل ***

                 سوسنة قلبي 

أهداء خاص لسيدة بهية لعينيها سحر وألق وجاذبية. .لحسناء طنجة العالية...سوسن 

               سوسنة قلبي 

وجاءت سوسنة قلبي 
فرحة عجلاء 
وعرف طيبها بشير في الأرجاء 
أطلت كالبدر في الليلة الظلماء 
همسها أنغام 
بسمتها تنعش كطل الندى 
هي قتلتني بالنظرة الأولى 
لا أعرف سر لحظيها 
اهما سهام جذب وعشق 
ام رماح فتك أحمق 
قالت واللؤلؤ المكنون يشع ضياء 
سيدي انا قدرك المحتوم 
قلت ونعم القضاء والنصيب 
ياسوسنتي الحسناء 
قد عسعس ليل الدجى 
وما طلع بدر السماء 
وما يجلي هذه العتمة الحلكاء 
سوى نور عينيك 
لؤلؤتان تبرقان وميضا وضياء 
لكن ..يا سوسنة قلبي
نظارتك فانوس محكم الإغلاق 
هو يحمي من هبة الريح 
وهي تحفظ عيناك من تطفل  
فاما انا فتزعجني 
اعشق الغوص في بحر عينيك 
لكن ذاك الزجاج 
يحول بين عيني وعينيك 
سوسنتي الحسناء 
ازيحي نظارتك 
لانعم بسحر لحظيك 
ارجوك. .اتوسل إليك. .
سوسنة قلبي 
عنيدة. .عفيفة 
ذات حياء 
هي تعرف مرادي 
لكنها تأبى وتتمنع 
ومارقت لتوددي وإلحاحي ..
قلت لها :
يا سوسنة روحي 
لمن أشكو حالي. .؟؟
ابتسمت كالورد وردت :
سيدي أما كفاك 
أن راتك عيناي 
ولو من وراء حجاب 
ماحرمتك التملي تطيرا ولا كرها. .
ولكن. .اشفاقا من سحر هما 
فلا تمسي قتيل هواي. .
كفاني الله اوزاري 
فلا تجبرني على الخطايا. .
ارجوك سيدي 
تقبل عذري. .لا تحرجني 
أو سارع بقراني ..
فالقلب يهواك سيدي. .
*****بقلم الاستاذ محمد الحفضي *****

قصيدة تحت عنوان{{نوارسُنا}} بقلم الشاعر القدير الاستاذ {{وليد ابو لجين}}


 🌷 نوارسُنا 🌷
متى تعودُ نوارسُنا
إلى بحرٍ .... يُنادينا
أمواجُ بحرِكم حَزْنا
تُناديكم..... تُنادينا
مراكبُنا ولا زالت
ترسو في مراسينا
حِبالُها وقد جَفت
أشتاقت...... أيادينا
سلاسِلُها قد صدأت
لاتقوى.......تجافينا
وياطِرُها ذو الشِعبِ
قد أصبحَ ...ثلاثينا
وشِباكُها.... تقطعتْ
من غدرِ السكاكينا
ياريسِ... فَسرْ بينا
إلى جهةٍ..... مآمينا
فليعدْ.... من هَجرَ
بلادَ....... الياسمينا
متى تعودُ نوارسُنا
إلى بحرٍ.... يُنادينا

🌷وليد ابو لجين 🌷
                        ٢٠٢٢/٩/٢

نص نثري تحت عنوان{{ هكذا كان... وهكذا أصبح }} بقلم الكاتب الفلسطيني القدير الاستاذ {{موسى البرغوثي}}


 هكذا كان... وهكذا أصبح... 
خربشاااااااات
////////////////////////////////
... في ظل غيابك لم أكن حاضرا
وبدونك لاأفضل الحياةعلى الممات
هكذا كان الحب....
 
يلاحقك طيفي لوكنت بعيدة
وطيفي يعانق ظلك بالبسمات
هكذا كان الحب.... 

 تعيش الاسماك في المياه بلهفة 
وكنا نعيش في بحرالقبلات
هكذا كان الحب... 

نتقاسم شغف الحياة مناصفة
ونعيش فيها بين الرضا والقناعات
هكذا كان الحب.... 

فلا ملل ولاضجر كان بيننا
تحلو الحياة ببن الموسيقى والنغمات
هكذا كان الحب... 

يغيب عن الغرام طمع المصالح
ويحضر شوق الحنان الآهات
هكذا كان الحب....
 
تغير احوال الحب في زمن المصالح
وحل محلها كلاما فارغاونزوات
هكذا أصبح الحب... 

حرف صغير يغير مجرى الهوى
اذا خرج عفويا من الثغرات
هكذا اصبح الحب....

 
تنشطر القلوب بين الفراف والبعد
عند حساب العاشقين للكلمات
هكذا اصبح الحب... 

صار الحب تجارة مربحة
يقاس بزخم الذهب والحفلات
هكذا أصبح الحب....
****************

موسى البرغوثي 🇵🇸
مزارع ومدير

قصيدة تحت عنوان{{ ذَكاءُ حَبيبٍ}} بقلم الشاعرة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{عبير محمود أَبو عيد}}


 ذَكاءُ حَبيبٍ.
------------
يا مَنْ زَرَعَ الأَمَلَ في قَلبي، وَأَسماهُ لِنَفسِهِ تبذيرا
ما أَصَبتُ مِنْ فُؤادِكَ يا أَغلى النّاسِ مِنهُ قِطميرا
ما كُنتُ أَجِدُ في قَلبِكَ حَديثًا وَلا تَبريرا
حَجَجتُ إِلَيهِ لَعَلّي أَجِدُ في إِمارَةِ الحُبِّ تَوفيرا
وَوَدِدتُ أَنْ أَكونَ لِعُيونِكَ، كُلُّ الشَّرَفِ، أَسيرا
وَقَبِلتُ أَنِ تَجرِيَ في عُروقِ دَمّي حَبيبًا وَسَميرا
وَالوَردُ مِنَ الأَكُمِّ يَفوحُ شَذاهُ مِسكًا وَعَبيرا
وَدَمعُ الفَرَحِ وَالمَسَرَّةِ يَفوقُ قُوَّتَهُ النَّهرَ وَالغَديرا
عَدِمتُ في لُقيايَ بِكَ وَمَعَكَ الأَمَلَ وَالتَّفكيرا
لا تَلُمْ مَنْ عَلى الرَّأْسِ وَضَعَتكَ وَتَوَّجَتكَ أَميرا
إِنّي استَورَدتُ قَلبَكَ، فَأَلفَيتُهُ مُشبَعًا بَردًا وَزَمهَريرا
وَصَدَّرتُ فُؤادًا إِلَيكَ سالِمًا، لا يَهوى التَّنويعَ وَلا التَّغييرا
ارحَمْ إِنسانَةً أَحَبَّتكَ بِصِدقٍ، وَما لاقَتْ مِنكَ سِوى الصَّدَّ وَالنُّفورا
إِنَّكَ وَبِرُغمِ بُعدِكَ، سَتَظَلُّ الحَبيبَ الحَبيبَ،
وَسَتَبقى الشَّمسَ وَالنَّخلَ وَالنّارَ وَالنّورا

قصة قصيرة بعنوان{{بَناتٌ بِرَسْمِ البَيْعِ}} بقلم الكاتبة والقاصّة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{ عبير محمود أَبو عيد}}


 بَناتٌ بِرَسْمِ البَيْعِ
بثلم الأديبة : عبير محمود أَبو عيد. فلسطين - القدس.
هُنَّ أَرْبَعُ بَناتٍ عِشنَ طُفولَتَهُنَّ وَمُراهَقَتَهُنَّ في بَيْتِ العَذابِ؛ فَلا دِراسَةَ وَلا لَعِبَ مِثْلَ بَقِيَّةِ البَناتِ في جيلِهِنَّ. هُنَّ : هِبَةُ وَسَماهِرُ وَمُنْيَةُ وَنورُ.
سَأَبْدَاُ بِالتَّحَدُثِ عَنْ هِبَةَ؛ فَهِيَ تَسْكُنُ مَعَ أَبَوَيها وَإِخوَتِها الخَمْسَةِ في بَيْتٍ كَبيرٍ مُقابِلَ بَيتِنا. كُنْتُ أَنْتَظِرُ هِبَةَ السّاعَةَ السّابِعَةَ صَباحًا لِنَذْهَبَ إِلى المَدْرَسَةِ سَوِيًّا. وَكُنّا نَسْلُكُ الطَّريقَ الطَّويلَ، حَيْثُ تَشتَري كُلُّ واحِدَةٍ مِنّا رَغيفَ الفَلافِلِ مَعَ الحُمُّصِ وَشَرائِحِ الخِيارِ وَالبَندورَةِ وَالمُخَلَّلِ، وَيَجِبُ أَنْ نَشْتَرِيَ مَعَهُ قِنّينَةَ الكوكا كولا. نَأْكُلُ الرَّغيفَ بِشَهِيَّةٍ وَنَتَحَدَّثُ الحِكاياتِ الشَّيِّقَةِ. تَصِلُ هِبَةُ إِلى باب مَدْرَسَتِها، فَتَنْتَهي رِحلَةُ الحَديثِ، وَأَذْهَبُ في طَريقي إِلى مَدْرَسَتي.
وَاستَمَرَّتْ رِحلَةُ الشِّراءِ يَومِيًّا عَدا يَومَيِّ الجُمُعَةِ وَالأَحَدِ؛ فَفيهِما تُعَطِّلُ المَدارِسُ.
وَذاتَ يَوْمٍ، نَزَلْتُ السّاعَةَ السّابِعَةَ صَباحًا أَنْتَظِرُ صَديقَتي وَأُختي هِبَةَ، وَلَكِنَّها لَمْ تَأْتِ. قُلْتُ قي نَفسي : رُبَّما تَأَخَّرَتْ في النَّوْمِ، سَأَنْتَظِرُ قَليلًا.
- السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا خالَتي أُمُّ سامِحٍ. أَيْنَ هِيَ هِبَةُ؟ وَلِماذا تَأَخَّرَتْ عَلَيَّ؟ هَلْ هِيَ مَريضَةٌ لا سَمَحَ اللهُ؟
- اسمَعي يا رَفيفُ، اذْهَبي مِنْ هُنا في الحالِ وَدَعي ابنَتي هِبَةَ وَشَأْنَها. وَأَتَمَنّى أَنْ تَبتَعِدي عَنْ طَريقِ هِبَةَ وَلا تَأْتي إِلى هُنا. هَلْ فَهِمْتِ؟
وَكانَ وَقْعُ كَلامِ أُمِّ سامِحٍ عَلَيَّ مِثْلَ سِكّينٍ غُرِسَ في قَلبي. رَجَعْتُ إِلى مَدخَلِ عِمارَتِنا وَالدُّموعُ تَنْسَكِبُ مِنْ عُيوني. صَعِدْتُ إِلى البَيْتِ وَأَنا في حالَةٍ يُرثى لَها. حَكَيْتُ لِوالِدايَ ماذا جَرى مَعي بِالتَّفصيلِ.
- أُمّي، أَبي، لِماذا تَكَلَّمَتْ مَعي الخالَةُ أُمُّ سامِحٍ بِهذِهِ الطَّريقَةِ؟ هَلْ أَنا بِلا أَخْلاقٍ فَأُفسِدُ أَخلاقَ صَديقَتي هِبَةُ؟
- كَلّا يا ابنَتي يا رَفيفُ، فَأَنا وَوالِدُكِ قُمنا بِتَرْبِيَتِكِ التَّربِيَةَ الصَّحيحَةَ عَلى أَكمَلِ وَجهٍ. البُيوتُ أَسرارٌ يا رَفيفُ, فَرُبَّما هُناكَ مُشْكِلَةٌ في بَيْتِ هِبَةَ نَحنُ لا نَعرِفَها.
وَبَعْدَ أَقَلَّ مِنْ أُسبوعٍ، سَمِعْتُ الزَّغاريدَ تَأْتي مِنْ بَيتِ هِبَةَ، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ تَمَّ خِطبَتُها عَلى ابنِ عَمَّتِها المُغتَرِبِ في السُّويدِ.
- أَبي، سَيَتِمُّ عُرْسُ هِبَةَ بَعْدَ أُسبوعٍ وَأَنا حَزينَةٌ مِنْ أَجلِها. إِنَّها فَتاةٌ مُجتَهِدَةٌ في دُروسِها وَما زالَتْ في الصَّفِ الثّامِنِ، فَكَيْفَ يَتِمُّ تَزويجُها في هذا السِّنِّ المُبَكِّرِ يا والِدي؟
- يا ابنَتي يا رَفيفُ، هُناكَ أَهالي يَعتَقِدونَ بِالمَثَلِ العامِيِّ الّذي يَقولُ : "جيزة البنت سُترِتها"، وَكَأَنَّهُمْ يَقولونَ أَنَّ الّتي لا تَتَزَوَّجُ تَجْلِبُ الفَضيحَةَ لِأَهلِها.
وَعَلِمْتُ بَعْدَ حَوالي الشَّهْرِ، أَنَّهُ قَدْ تَمَّ طَلاقُ هِبَةَ مِنِ ابنِ عَمَّتِها، فَهُوَ قَدْ تَزَوَّجَها كَخادِمَةٍ لَيْسَ أَكْثَرْ. إِنَّ لَدَيْهِ مَزْرَعَةَ عُجولٍ، وَبَدَلَ أَنْ يُحْضِرَ عُمّالًا لِلْعُجولِ، تَزَوَّجَ مِنِ ابنَةِ عَمَّتِهِ؛ لِتُنَظِّفَ العُجولَ وَتَقومُ بِذَبْحِها لِلْبَيْعِ.
وَأَمّا سَماهِرُ، فَهِيَ قَريبَةٌ لَنا مِنْ بَعيدٍ، وَكانَتْ مَعي بِنَفْسِ المَدْرَسَةِ. هِيَ مِثلي في الصَّفِّ التّاسِعِ وَلكِنْ شُعْبَتي "أ" وَشُعْبَتُها "ب".
كانَتْ سَماهِرُ تَعيشُ مَعَ والِدِها وَزَوْجَتِهِ؛ فَوالِدَتُها تُوُفِّيَتْ لَحْظَةَ وِلادَتِها؛ مِمّا جَعَلَ والِدُها يَكْرَهُها كُرهًا شَديدًا. لَقَدْ تَزَوَّجَ مِنْ فَتاةٍ جَميلَةٍ في عُمْرِ ابنَتِهِ سَماهِرُ، وَلكِنَّها بِلا أَخلاقٍ، وَأَنْجَبَ مِنْها وَلَدَيْنِ وَابنَتَيْنِ جَميعُهُمْ يَتَعَلَّمونَ في أَرقى المَدارِسِ الخاصَّةِ.
وَكانَتْ سَماهِرُ ذاتَ وَجْهٍ صَغيرٍ وَبُنْيَةٍ هَزيلَةٍ جِدًّا. لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ زَوْجَةَ أَبيها تَحْرِمُها مِنَ الطَّعامِ اللَّذيذِ. وَقَدْ تَمَّ طَرْدُ سَماهِرَ مِنَ المَدْرَسَةِ، بَعْدَما اكتَشَفَتِ المُديرَةُ سَرِقاتِها المُتَكَرِّرَةَ لِمَصروفِ البَناتِ وَما يَحْمِلْنَهُ مِنْ فَطائِرَ وَعَصيرٍ وَما شابَهَ.
وَهَكَذا أَصْبَحَتْ سَماهِرُ خادِمَةً في بَيْتِ والِدِها وَزَوْجَتِهِ. يَتَناوَلونَ الطَّعامَ وَالمُشَهِّياتِ، وَتَحْصَلُ هِيَ عَلى الفُتاتِ وَالقَليلِ مِنَ الطَّعامِ. كانَتْ تَكْنُسُ وَتُنَظِّفُ البَيْتَ وَتُرَتِّبُ الغُرَفَ وَتَشتَري اللَّحْمَ وَالدَّجاجَ والخَضْراواتِ وَالفَواكِهَ. كُنْتُ أَراها بِثَوْبِها المُمَزَّقِ وَحِذائِها المُهْتَرِىءِ وَشَعْرِها المَنْكوشِ، فَأَبكي وَلكِنْ لا أَسْتَطيعُ مُساعَدَتَها. إِنَّ والِدَها يَضْرِبُها بِحِذائِهِ بِاسْتِمرارٍ، وَالوَيْلُ إِذا أَخَذَتْ شَيْئًا مِنَ الجيرانِ أَوِ المَعارِفِ، فَالضَّرْبُ يِشْتَدُّ وَالبُكاءُ يَزدادُ وَلا أَحَدَ يَتَدَخَّلُ.
وَبَعْدَ حَوالي الأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بَحَثْتُ عَنْ سَماهِرَ فَلَمْ أَجِدها. عَلِمْتُ مِنَ الجيرانِ أَنَّ رَجُلًا بَخيلًا في عُمرِ والِدِها، بَلْ رُبَّما أَكْبَرُ، قَدْ عَقَدَ قِرانَهُ عَلَيْها وَأَخَذَها بِثِيابِها الّتي عَلَيْها بَعْدَ أَنْ دَفَعَ لِوالِدِها خَمْسَةَ آلافِ دينارٍ.
وَفي يَوْمٍ، وَبَيْنَما كُنْتُ أَتَصَفَّحُ الجَريدَةَ، قَرَأْتُ خَبَرَ وَفاةِ سَماهِرَ هِيَ والجَنينُ الّذي بِبَطْنِها. أَمّا سَبَبُ الوَفاةِ؛ فَهُوَ سوءُ التَّغذِيَةِ.
وَأَمّا مُنْيَةُ, فَهِيَ فَتاةٌ جَميلَةٌ جِدًّا، كانَتْ مَعي في الصَّفِّ الثّامِنِ. كُنْتُ أَرى مَلامِحَ الحُزْنِ وَالأَسى عَلى وَجهِها بِاسْتِمرارٍ، وَعِندَما كُنْتُ أَسأَلُها عَنِ السَّبَبِ، كانَتْ تَكتَفي بِكَلِمَتَيْ : "الحَمْدُ لِلهِ". وَذاتَ يَوْمٍ، حَضَرَتْ مُنْيَةُ إِلى المَدْرَسَةِ وَهِيَ في حالَةْ لا أَعْرِفُ ماذا أُسَمّيها : أَهُوَ اكتِئابٌ أَمْ حُزْنٌ أَمْ أَسًى!! وَكانَتِ الدُّموعُ تَملَأُ عَينَيْها، وَلَكِنَّها كانَتْ تُخفي الدُّموعَ بِكَفَيِّ يَدَيها.
- ما بِكِ يا مُنْيَةُ؟ وَلِماذا كُلُّ هذِهِ الدُّموعِ؟
- أَبي اليَوْمَ طَلَّقَ أُمّي وَدَفَعَ لَها مَبلَغًا كَبيرًا مِنَ المالِ عَلى أَنْ أَظَلَّ مَعَها. هُوَ لا يُريدُني وَلا يُريدُ أَنْ يَتَعَرَّفَ عَلَيَّ. إِنَّهُ سَيَتَزَوَّجُ مِنْ سِكِرتيرَتِهِ بَعْدَ أُسبوعٍ.
- وَالآنَ، أَنْتِ سَتَبقينَ مَعَ والِدَتِكِ وَهُوَ المَطلوبُ.
- وَلكِنَّكِ لا تَعرِفينَ أُمّي : إِنَّها امرَأَةٌ تُحِبُّ لَعِبَ القِمارِ وَشُرْبَ الخَمْرَةِ وَتَنسى أَنَّ لَها بِنتًا في سِنِّ المُراهَقَةِ. وَهُوَ السَّبَبُ الرَّئيس الّذي جَعَلَ أَبي يُطَلِّقُ أُمي. إِنَّ المُرَبِيَّةَ هِيَ الّتي تَعتَني بي وَتَسأَلُ عَنّي، أَمّا أُمّي، فَأَنا بِالنِّسبَةِ لَها مِثْلَ أَيِّ قِطْعَةِ آثاثٍ في القَصْرِ.
وَمُنْذُ ذلِكَ اليَوْمِ، ما عادَتْ مُنْيَةُ تَضْحَكُ وَتَلْعَبُ وَتَدْرُسُ مَعي. كانَتْ دائِمًا تُحِبُّ الانْزِواءَ في السّاحَةِ لِوَحْدِها. وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ أُمَّها قَدْ تَزَوَّجَتْ مِنْ تاجِرٍ كَبيرٍ.
- رَفيفُ، أَنا في ضائِقَةٍ بَلْ مُصيبَةٍ كُبْرى. إِنَّ زَوْجَ أُمّي يُريدُ أَنْ يُزَوِّجَني لِتاجِرٍ مِثْلِهِ.
- وَما الغَريبُ في ذلِكَ؟ سَتَسْكُنينَ في قَصرٍ وَتَكوني أَنْتِ سَيِّدَتَهُ. لَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ العَريسَ تاجِرٌ في أَواخِرِ العِشرينِيّاتِ مِنْ عُمْرِهِ.
- وَلكِنْ يا رَفيفُ، أَنْتِ لا تَعلَمينَ شَيْئًا. إِنَّ زَوْجَ أُمّي وَالعَريسَ التّاجِرَ يُتاجِرانِ في المَمنوعاتِ.
وَلَمْ تَأْتِ مُنْيَةُ إِلى المَدْرَسَةِ في اليَوْمِ التّالي، وَانْقَطَعَتْ أَخبارُها عَنّي وَعَنْ طالِباتِ الصَّفِّ إِلى أَنْ جاءَ الخَبَرُ المُفْجِعُ : لَقَدِ انْتَحَرَتْ مُنْيَةُ قَبْلَ حَفْلِ زَفافِها بِيَوْمٍ، حَيْثُ أَقْدَمَتْ عَلى شَنْقِ نَفْسِها بِحَمّامِ القَصْرِ.
وَأَمّا نورُ، فَقِصَّتُها تَصْلُحُ لِأَفلامِ السّينَما. كانَتْ نورُ تَعيشُ مَعَ والِدَيْها وَلَها أُخْتٌ اسمُها حورٌ وَأَخٌ اسمُهُ عَبْدُ الكَريمِ. كانَتْ نورُ البِنْتُ البِكْرُ لِوالِدَيْها، وَكانَتْ تَعيشُ حَياةً سَعيدَةً. كانَتْ نورُ صَديقَتي وَرَفيقَتي مُنْذُ الطُّفولَةِ.
وَذاتَ يَومْ، جاءَتْ نورُ إِلى المَدْرَسَةِ السّاعَةَ الثّامِنَةَ إِلا رُبْعٍ، أَيْ وَقْتَ قَرْعِ الجَرَسِ لِلطّابورِ الصَّباحِيِّ.
- نورُ، ما بِكِ اليَوْمَ قَدْ تَأَخَّرْتِ عَنِ المَدْرَسَةِ؟ أَنْتِ تأْتي السّاعَةَ السّابِعَةَ صَباحًا، فَلِماذا تَأَخَّرْتِ اليَوْمَ؟
- لا شَيْءَ يا رَفيفُ. هُناكَ حادِثٌ في الطَّريقِ سَبَّبَ أَزْمَةً كَبيرَةً، وَهذا كُلُّ ما في الأَمْرِ.
- نورُ، نَحْنُ الآنَ في حِصَّةِ الرَّسْمِ، وَأَنْتِ طالِبَةٌ تُحِبّينَ الرَّسْمَ وَقَدْ مَضَتْ نِصْفُ الحِصَّةِ وَلَمْ تَرْسُمي شَيْئًا. ما بِكِ يا نورُ؟ أَلا تَوَدّينَ المُشارَكَةَ في مُسابَقَةِ المَدْرَسَةِ؟
- أَجَلْ يا مُعَلِّمَتي أَنْوارُ، سَأُشارِكُ في المُسابَقَةِ. أَتَعْرِفينَ ماذا سَأَرْسُمُ؟ سَأَرْسُمُ جَهَنَّمَ وَفيها نارٌ وَالشَّياطينُ مِنْ حَوْلِها.
- هَلْ جُنِنْتِ يا نورُ؟ ما بِكِ يا بنَتي؟ هَلْ حَدَثَ مَعَكِ شَيْءٌ؟ أَخبِريني فَأَنْتِ مِثْلُ ابنَتي.
وَفي اليَوْمِ التّالي، لَمْ تَأْتِ نورُ إِلى المَدْرَسَةِ. اتَّصَلَتْ المُديرَةُ بِبَيْتِ نورَ، وَأَكَّدَتْ والِدَتُها أَنَّ نورَ خَرَجَتْ مِنَ البَيْتِ إِلى المَدْرَسَةِ.
وَبَدَأَ القَلَقُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ البَيْتِ وَالمَدْرَسَةِ وَالكُلُّ يَسْأَلُ : أَيْنَ نورُ؟ وَبَدَأَ البَحْثُ عَنْ نورَ الّتي كانَتْ تَخْتَبِيءُ في المُتَنَزَّهِ القَريبِ مِنَ المَدْرَسَةِ.
- نورُ، الحَمْدُ لِلهِ أَنَّني وَجَدْتُكِ. ما بِكِ يا نورُ؟ أَنْتِ بِالتّأْكيدِ في ضائِقَةٍ، وَأَنا المُرْشِدَةُ الاجتِماعِيَّةُ وَسَأُساعِدَكِ فَلا تَخافي. لِماذا قُلْتِ لِمُعَلِّمَةِ الرَّسْمِ أَنَّكِ تُريدي رَسْمَ جَهَنَّمَ وَالنّارَ وَالشَّياطينَ؟ مِنْ هُوَ الّذي يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكونَ فيها؟
- إِنَّهُ، إِنَّهُما أَبي وَأَخي يا مُرْشِدَةَ فِداءُ. أَنا أَكْرَهَهُما وَلا أُريدُ أَنْ أَراهُما وَلا أُريدُ العَوْدَةَ إِلى البَيْتِ. أَرْجوكِ، خُذيني عِنْدَكِ وَأَحْضِري لي أُختي حورُ؛ فَأَنا خائِفَةٌ عَلَيْها مِنَ الشَّياطينِ.
وَاَخَذَتِ المُرْشِدَةُ الاجْتِماعِيَّةُ فِداءُ نورَ إِلى مُؤَسَّسَةِ الشُّؤونِ الاجْتِماعِيَّةِ؛ فَهُوَ المَكانُ الآمِنُ لِنورَ.
- نورُ، بِما أَنَّكِ تُحِبّينَ الرَّسْمَ، هَلّا رَسَمْتِ لي ما يُزْعِجَكِ؟
وَرَسَمَتْ نورُ اعتِداءَ أَبيها وَأَخيها عَلَيْها. وَفَهِمَتِ المُرْشِدَةُ الاجْتِماعِيَّةُ فِداءُ سِرَّ هُروبِ نورَ إِلى المُتَنَزَّهِ.
وَبَعْدَ أَيّامٍ قَليلَةٍ، عادَتْ نورُ إِلى البَيْتِ بَعْدَ أَنْ تَعَهَّدَ أَبوها وَأَخوها عَدَمَ الاقتِرابِ مِنْها.
وَبَعْدَ سَنَةٍ، تَقَدَّمَ ابنُ عَمِّها لِنورَ طالِبًا يَدَها، فَوافَقَتْ عَلَيْهِ وَعَلى الفَوْرِ.
- نورُ، كَيْفَ تُوافِقينَ عَلى الزَّواجِ مِنِ ابنِ عَمِّكِ أَسْعَدَ؟ أَنْتِ قُلْتِ لي ذاتَ يَوْمٍ أَنَّكِ تَعْتَبِرينَهُ مِثْلَ أَخيكِ.
- أَجَلْ يا رَفيفُ، وَلكِنَّهُ ابنُ عَمّي، وَبِالتَّأْكيدِ يَخافُ عَلَيَّ.
يَقِيَ أَنْ تَعْرِفوا أَنَّهُ وَبَعْدَ حَفْلِ زَفافِ نورَ على ابنِ عَمِّها أَسْعَدَ، قَدْ تَمَّ قَتْلُها عَلى يَدِهِ. فَلَقَدِ اكتَشَفَ أَسْعَدُ أَنَّ عَروسَهُ نورَ لَيْسَتْ عَذراءُ؛ فَقَتَلَها بِدافِعِ الشَّرَفِ.

قصة قصيرة بعنوان{{جونِيِة واحِدٌ}} بقلم الكاتبة والقاصّة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{ عبير محمود أَبو عيد}}


 ذِكرَياتٌ لًبنانِيَّةٌ : حَيفا – جونِيِة واحِدٌ.
بقلم الأديبة : عبير محمود أبو عيد. فلسطين - القدس
سافَرَتْ عُلا مَعَ والِديها إِلى لُبنانَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ. كانَتْ تَسمَعُ أَنَّ لُبنانَ يُلَقَّبُ بِسويسرا الشَّرقِ، وَكانَتْ مُتَشَوِّقَةً لِتَعرِفَ السَّبَبَ.
وَوَصَلَتْ عًلا إِلى بَيروتَ العاصِمَةِ وَسِتِ الدُّنيا وَأُمُّ الشَّرائعِ كَما يُسَمّيها البَعضُ. وَكانَتْ في حالَةِ ذُهولٍ وَاستِغرابٍ، فَالحَرَكَةُ هُنا لا تَهدَأُ وَالسّاعَةُ قَدْ جاوَزَتْ الثّانِيَةَ عَشرَةَ صَباحًا بِقَليلٍ.
- والِدي الحَبيبُ، أَلا يَنامُ أُهلُ بَيروتَ؟ هذِهِ الضَّجَةُ العالِيَةُ لَنْ تَجعَلَني أَنامُ لَيلَتي.
- عُلا يا بنَتي الغالِيَةُ، نَحنُ في شَهرِ حَزيرانَ، وَقَدْ بَدَأَتْ أَشهُرُ الصَّيفِ الحارَّةِ هُنا. إِنَّ نِسبَةَ الرُّطوبَةِ عالِيَةٌ، لِذلِكَ أهالي بَيروتَ يَنامونَ بَعدَ الظُّهرِ وَيَستَيقِظونَ في اللَّيلِ. سَتَرَيْ ذلِكَ بِنَفسِكِ، فَما أَجمَلَ فَصلَ الصَّيفِ في القُدسِ مُقارَنَةً بِصَيفِ بَيروتَ!
وَبَعدَ أَيّامٍ قَليلَةٍ، زارَتْ عًلا مَعَ ابنَةَ عَمَّتِها ربابُ الجامِعاتِ اللُّبنانِيَّةَ الّتي لَها عَلاقَةٌ بِالآدابِ وَالفُنونِ كالرَّسمِ وَالموسيقا وَالنَّحتِ مِثلَ جامِعَةِ القِدّيسِ يوسُفَ وَجامِعَةِ بَيروتٍ العَرَبِيَّةَ وَالجامِعَةِ اللُّبنانِيَّةَ. ثُمَّ زارَتِ الرَّوشَةَ وَشاهَدَتْ صَخرَةَ الانتِحارِهُناكَ، وَعَلِمَتْ أَنَّها سُمِّيَتْ بِهذا الاسمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَخصٍ كانَ يَفشَلُ في الحُبِّ كانَ يَتَسَلَّقُ الصَّخرَةَ وَيَرمي بِنَفسِهِ نَحوَ البَحرِ وَيَموتُ مُنتَحِرًا.
وِاشتَرَتْ عُلا مَلابِسَ لَها مِنْ سوقَيْ سُرسُقَ والطَّويلَةِ حَيثُ مُختَلَفِ البَضائِعِ الجَميلَةِ وَالأَنيقَةِ. وَزارَتْ أَيضًا كورنيشَ المَزرَعَةِ وَالمُصَيطبَةَ وَبُرجَ حَمودٍ وَسِنَّ الفيلِ وَالأَشرَفِيَّةَ وَعَينَ الرُّمانَةِ. أَمّا شارِعُ الحَمرا، فَهُوَ آيَةٌ مِنَ الرَّوعَةِ وَالجَمالِ، وَلَكِنَّها تَضايَقَتْ مِنْ كَثرَةِ الحاناتِ والباراتِ في هذا الشّارِعِ، وَهُوَ ما يُسئُ لِسُمعَةِ أَهلِ البَلَدِ. وَأُعجِبَتْ عُلا بِالثَّقافَةِ العالِيَةِ الّتي يَتَمَتَّعُ بِها أَهلُ لُبنانَ، وَخُصوصًا الإِناثِ اللّواتي يُقبِلنَ عَلى التَّعليمِ وَمُمارَسَةِ مُختَلَفِ أَنواعِ الرِّياضَةِ كَالرَّكضِ وَرُكوبِ الدَّراجاتِ وَالسِّباحَةِ وَالتَّزَلُجِ عَلى الماءِ.
وَأَخَذَها والِدَاها لِزِيارَةِ مَغارَةِ جَعيتا في مَدينَةِ جونِيَةِ. وَقَدْ أُعجِبَتْ عُلا بِالمَغارَةِ الّتي رَأَتها آيَةً مِنَ الجَمالِ الرَّبانِيِّ، فَالثُّلوجُ تُشَكِّلُ هَوابِطَ جَميلَةً يَعجَزُ اللِّسانُ عَن وَصفِها، ثُمَّ رَكِبَت عُلا تَل فريك المَوجودُ في مَدينَةِ جونِيَةِ أَيضًا.
- انظُري يا عُلا، نَحنُ الآنَ قُربَ البَحرِ، وَبَعدَ نِصفِ ساعَةٍ فَقَطْ سَتَتَّجِهُ بِنا عَرَبَةُ تَلِّ فريكِ فَوقَ مَدينَةِ جونِيَةَ ثُمَّ فَوقَ غاباتِ الأَرزِ لِنَصِلَ إِلى مَكانٍ جَبَلِيٍّ عالٍ، ثُمَّ نَصعَدُ بِالتَّرامِ إِلى كَنيسَةِ سَيِّدةِ حَريصا.
- لَقَد وَصَلنا يا أَبي. انظُرِ البَحرَ يَبدو مِنْ هُنا كَنُقطَةٍ صَغيرَةٍ، وَهذِهِ مَدينَةُ جونِيَةُ تَحتَنا. يا اللهُ ما أَجمَلَ هذا المَكانِ! وَما أَجمَلَ الطَّبيعَةَ هُنا! لَمْ أُشاهِدْ في حَياتي جَمالًا كَهذا الجَمالِ إِلّا أَنَّ المَسجِدَ الأَقصى وَقُبَّةَ الصَّخرَةِ أَجمَلَ بِكَثيرٍ. هَلْ تَعرِفُ يا والِدي أَنَني اشتَقتُ لِلقُدسِ وَلِلأَقصى كَثيرًا جِدًّا؟
- عُلا، ما المَكانُ في فِلَسطينَ وَالَّذي يُشبِهُ هذا المَكانَ؟
- نَعَم يا أُمي، إِنَّها مَدينَةُ حَيفا الجَميلَةُ. أَشعُرُ وَكَأَنَّني الآنَ عَلى سَفحِ جَبَلِ الكَرمِلِ. إِنَّ البَحرَ الأَبيَضَ المُتَوَسِّطَ يَجعَلُ مِن حَيفا وَجونِيَةَ تَوأَمٌ لا فَرقَ بَينَهُما. إِنَّها عَظَمَةُ الخالِقِ جَلَّت قُدرَتُهُ.
وَزارَتْ عُلا مَعَ والِديها ضَيعَةً في الجَبَلِ اسمُها غوسطا، وَتَناوَلَتْ طَعامَ الفَطورِ هُناكَ، وَالّذي يُسَمّى بِالتَّرويقَةِ : خُبزُ التَّنورِ وَلَبَنَةُ زَحلَةِ وَجُبنَةُ حَلّومٍ وَالشانكليشُ وَالجُبنَةُ المُجَدَّلَةُ وَمَناقيشُ الزَّعتَرِ. وَشاهَدَتْ عُلا مَدينَةَ الشَّمسِ بَعَلَبَكَّ، وَحَضَرَتْ حَفلَةً لِلمُطرِبَةِ المَشهورَةِ فَيروزَ.
وَلا بُدَّ لِعُلا أَنْ تَزورَ مَدينَةَ طَرابُلُسَ ميناءُ لُبنانَ الجَميلِ. وَهُناكَ أَكَلَتْ السَّمَكَ الشَّهِيَ وَالحَلوى عَلى مُختَلَفِ أَنواعِها وَمِنها : زُنودُ السِتِّ وَالبِقلاوَةِ. وَزارَتْ مَدينَةَ إِهدِنَ وَتَقَعُ في الشَّمالِ عَلى الحُدودِ مَعَ سورِيّا في جِبالِ لُبنانَ الجَميلَةِ المُغَطّاةِ بِشَجَرِ الأَرزِ.
وَعادَتْ عُلا لِوَطَنِها الأُمِّ فِلَسطينَ وَلِمَعشوقَتِها القُدسُ الحَبيبَةُ، وَهِيَ تَحمِلُ الذِّكرَياتِ الجَميلَةِ عَنْ بَلَدِها الثّاني : لُبنانَ. وَتَحلُمُ عُلا في كُلِّ سَنَةٍ أَنْ تَزورَ لُبنانَ فَرُبَّما يُصبِحُ الحُلُمُ حَقيقَةً في يَومٍ مِنَ الأَيّامِ.

قصة قصيرة بعنوان{{الوَحمَةُ}} بقلم الكاتبة والقاصّة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{ عبير محمود أَبو عيد}}


 الوَحمَةُ.
بقلم الأديبة : عبير محمود أبو عيد. فلسطين - القدس
يَعيشُ الطالِبُ الجامِعِيُّ رَأْفَتُ سُهيلُ البَحصَلِيُّ مَعَ والِدَيْهِ وَأَخيهِ المُحامي طَلعَتُ وَأُختِهِ المُهَندِسَةِ ثَروَتُ في فيلا أَنيقَةٍ في شارِعِ الحَمراءِ، وَهُوَ طالِبٌ في السَّنَةِ الأَخيرَةِ في كُلِّيَةِ التِّجارَةِ والاقتِصادِ في جامِعَةِ بَيروتَ العَرَبِيَّةِ. لِوالِدِهِ مَحَلاتُ حَلَوياتٍ ضَخمَةٍ في بَيروتَ وَطرابُلُسَ وَصيدا وَصورَ وَسائِرِ المَدَنِ اللُّبنانِيَّةِ.
- رَأْفَتُ، غَدًا سَنَصعَدُ للتَّصييفِ في بَيتِنا الجَميلِ في الجَبَلِ، فَأَرجو مِنكَ أَنْ تُرَتِّبَ حَقيبَتَكَ مِنَ اليَومِ.
- مَعذِرَةً يا أُمّي، فَأَنا لَنْ أَذهَبَ مَعَكُمْ. لَقَدْ وَعَدتُ زُمَلائي في الجامِعَةِ أَنْ نُسافِرَ أُسبوعًا إِلى طَرابُلُسَ لِنَسبَحَ وَلِنَصطادَ السَّمَكَ.
- حَسَنًا، وَبَعدَها سَتَلحَقُ بِنا إِلى الجَبَلِ.
- نَعَمْ يا أُمّي، سَأَكونُ عِندَكُمْ بَعدَ حَوالي الأُسبوعِ.
وَفي صَبيحَةِ اليَومِ التّالي، سافَرَ رَأْفَتُ مَعَ زُمَلائِهِ إِلى طَرابُلُسَ، وَنَزَلوا في بَيتِ والِدِ رَأْفَتَ الكَبيرَ والواسِعَ وَالّذي يُطِلُّ مُباشَرَةً عَلى البَحرِ. قَضى رَأْفَتُ يَومَهُ الأَوَّلَ في السِّباحَةِ وَصَيدِ السَّمَكِ. وَبَعدَ أَنْ صَلّى العِشاءَ جَماعَةً مَعَ زُمَلائِهِ، جَلَسَ مَعَهُمْ عَلى الشُّرفَةِ يَتَحَدَّثونَ وَيَتَسامَرونَ وَيَأْكُلونَ ما لَذَّ وَطابَ مِنَ الفَواكِهِ بِالإِضافَةِ إِلى صَحنٍ كَبيرٍ وَشَهِيٍّ مِن حَلوى زُنودِ السِتِّ المَشهورَةِ في طَرابُلُسَ، وَهِيَ مِنَ المَحَلِ الّذي يَملِكُهُ والِدُهُ.
وَلَفَتَ انتِباهَ رَأْفَتُ فَتاةٌ تَجلِسُ عَلى شاطِىءِ البَحرِ، وَتَلعَبُ بِخُصلاتِ شعرِها الطَّويلِ حالِكِ السَّوادِ. استَأْذَنَ مِنْ أَصدِقاءِهِ وَنَزَلَ لِيَراها، وَلَكِنَّها لَمْ تَكُنْ تَجلِسُ عَلى الكُرسِيِّ، فَبَحَثَ عَنها وَعِندَما لَمْ يَجِدها رَجَعَ إِلى البَيتِ. هُوَ يَحلُمُ بِالتَأْكيدِ، فَرُبَّما هِيَ حورِيَّةٌ مِنْ حورِيّاتِ البَحرِ اللّواتي نُشاهِدهُنَّ في التِّلفازِ.
استَيقَظَ رَأْفَتُ في اليَومِ التّالي قَبلَ أَذانِ الفَجرِ بِقَليلٍ، وَصَلّى صَلاةَ التَّهَجُدِ، وَأَخَذَ نَفسَهُ في وَصلَةٍ مِنَ الاستِغفارِ، رَيثَما يَحينُ مَوعِدُ صَلاةِ الفَجرِ. ذَهَبَ نَحوَ الشُّرفَةِ، فَمَنظَرُ السَّماءِ والبَحرِ في تِلكَ اللَّحَظاتِ جَميلٌ جَدًّا.
- يا اللهُ! إِنَّها الفَتاةُ نَفسُها الّتي شاهَدتُها بِالأَمسِ. إِذَنْ هِيَ لَيسَتْ حورِيَّةٌ وَلا أَنا أَحلُمُ. بَعدَ صَلاةِ الفَجرِ، سَأَنزِلُ إِلى الشَّاطِىءِ وَأَتَحَدَّثُ مَعَها.
نَزَلَ رَأْفَتُ إِلى الشاطِىءِ بَعدَ أَنْ صَلّى الفَجرَ، وَاقتَرَبَ مِنَ الفَتاةِ الّتي لَمْ تَأْبَهْ بِقُدومِهِ. كانَتْ تَنظُرُ تارَّةً نَحوَ البَحرِ وَتارَّةً نَحوَ السَّماءِ وَدُموعُها الغَزيرَةُ تَتَدَفَّقُ مِن عَينَيها كَالشَّلالِ.
- السَّلامُ عَلَيكُمٍ يا أُختاهُ. لِماذا تَجلِسينَ هُنا في هذا الوَقتِ المُبَكِّرِ؟ وَلِماذا كُلُّ هذِهِ الدُّموعُ؟
- وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. هَلْ جِئتَ للتَّنَمُّرِ عَلَيَّ مِثلَهُمْ؟ هَلْ شاهَدتَ الوَحمَةَ عَلى أَنفي لِتَزيدَ مِنْ حُزني أَكثَرَ؟ قُل ما عِندَكَ، فَأَنا لَمْ أَعُدْ أَهتَمُّ.
- لا يا أُختاهُ، فأَنا لَمْ أَقصِدْ إِزعاجَكِ. أَنا الطّالِبُ الجامِعِيُّ رَأْفَتُ سُهيلُ البَحصَليُّ، وَفَدْ جِئتُ مَعَ زُملائي مِن بَيروتَ لِلسِّباحَةِ وَلِلصَّيدِ.
- دَعني وَشَأْني أَرجوكَ، وَشُكرًا عَلى اهتِمامِكَ بِفَتاةٍ تَعيسَةٍ وَحَزينَةٍ مِثلي.
- لَنْ أَترُكَ مَكاني وَلَنْ أَدَعَكِ تَترُكينَ المَكانَ حَتّى أَعرِفَ قِصَّتَكِ أَيَّتُها الفَتاةُ.
- حَسَنًا، سَأُخبِرُكَ بِكُلِّ شَيءٍ. لَقَدْ تَرَبَّيتُ في مَلجَإِ نَهرِ البارِدِ ، فَأَنا لا أَعرِفُ والِدايَ وَلا مَنْ هُمْ أَهلي. تَلَقيتُ تَعليمي في مَدرَسَةِ الأَمَلِ التّابِعَةِ لِوِكالَةِ غَوثِ وَتَشغيلِ اللّاجِئينَ. وَعِندَما بَلَغتُ السّادِسَةَ عَشرَةَ مِن عُمري، طَرَدوني مِنَ المَلجَإِ بَعدَما أَنهَيتُ الثّانَوِيَةَ العامَّةَ. استَأْجَرتُ كوخًا صَغيرًا هُنا، وَعِشتُ مِنَ السَّمَكِ أَصطادُهُ وَأَبيعُهُ فَأُسَدِّدُ أَجارَ الكوخِ وَآكُلُ كِسرَةَ الخُبزِ المَعجونَةِ بِالدُّموعِ وَالآهاتِ وَالأَحزانِ. وَكَيْ يَزيدَ اللهُ مِنْ شَقائي، خُلِقتُ مَعَ وَحمَةٍ في أَنفي، وَكَثيرًا ما تَنَمَّرَ عَلَيَّ النّاسُ سَواءٌ في المَلجَإِ أَو في المَدرَسَةِ أَو في الشّارِعِ. لَيسَ لي أَحَدٌ سِوى اللهُ، وَعِندَما تَراني هُنا أَشكو لِرَبِّ السَّماءِ هَمّي وَأَبكي.
وَعادَ زُمَلاءُ رَأْفَتَ إِلى بَيروتَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعُدْ. بَحَثَ عَنهُ أَهلُهُ كَثيرًا، وَوَجَدوهُ بَعدَ شَهرٍ يَعيشُ مَعَ صاحِبَةِ الوَحمَةِ في كوخٍ صَغيرٍوَقَد تَزَوَّجَها. لَقَدْ تَنازَلَ عَن كُلِّ شَيءٍ مِنْ أَجلِ بَسمَةٍ أَو ضَحكَةٍ تَملَأُ وَجهَ زَوجَتِهِ أَسماءُ الّتي أَحبَّها وَبِصِدقٍ وَمِنْ كُلِّ فُؤادِهِ.
بَقِيَ أَنْ تَعرِفوا، أَنَّ والِدَ رَأْفَتَ قَدْ سَجَّلَ أَسماءَ في جامِعَةِ بيروتَ العَرَبِيَّةِ لِتَدرُسَ الطِّبَ، وَقَدْ تَخَصَّصَتْ في عَمَلِيّاتِ التَّجميلِ. وَهِيَ الآنَ تَعيشُ مَعَ زَوجِها الغالي أَبا سُهيلٍ البَحصَلِيِّ في بَيتِهِمْ في كورنيشِ المَزرَعَةِ. الآنَ لِأَسماءَ عائِلَةٌ جَديدَةٌ تُحِبُّها وَتَحتَرِمُها هِيَ : عائِلَةُ البَحصَلِيِّ.

خاطرة تحت عنوان{{مَرَضُ المَقْدِسِيَّةِ}} بقلم الشاعرة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{عبير محمود أَبو عيد}}


 مَرَضُ المَقْدِسِيَّةِ.
-----------------
أَنا مُصابَةٌ بِمَرَضِ "المَقْدِسِيَّةِ" ...
هَلْ سَمِعْتُمْ عَنْهُ سابِقًا؟!!!
هُوَ مَرَضٌ يَنْتَقِلُ عَبْرَ الشُّرْبِ مِنْ مِياهِ آبار المَسْجِدِ الأَقصى
كُلُّ مِنْ شَرِبَ مِنْهُ في طُفولَتِهِ ...
أُصيبَ بِهذا المَرَضِ العُضالِ !!!
لا دَواءَ يَشفي ...
وَلا عَمَلِيّاتٌ مِنْ جَرّاحينَ تَصْلُحُ
لِلتَّخفيفِ مِنْ أَعْراضِهِ :
يَحتاجُ المُصابُ لِجَوْلَةٍ في البَلْدَةِ القَديمَةِ ...
أَوْ صَلاةٍ في المَسْجِدِ الأَقْصى ...
أَوْ كَأْسٍ مِنَ الشّايِ أَوْ فُنْجانَ قَهْوَةٍ عَلى دَرَجاتِ بابِ العَمودِ
أَوِ المَشْيِ في حَيِّ وادِ الجَوْزِ
أَوْ رُكوبِ الدَّراجَةِ في حَيِّ البَقْعَةِ
أَوْ أَخْذِ صورَةٍ مَعَ الأَولادِ في حارَةِ السَّعْدِيَّةِ
أَوْ فِلْمٍ قَصيرٍ ما بَيْنَ بابِ الأَسْباطِ وَالجُثمانِيَّةِ
أَوْ رِياضَةِ الرَّكْضِ ما بَيْنَ الشَّيْخِ جَرّاحٍ وَشارِعِ نابُلُسَ
أَوِ الهَرْوَلَةِ ما بَيْنَ حوشِ العَدَسِ وَزِقاقِ البَوْسِ
أَوِ التَّنَزُّهِ في عَيْنِ كارِمٍ أَوْ لِفتا أَوْ صطاف
أَوْ عَمَلِ فَعّالِياتٍ في حَيِّ البُسْتانِ في سِلوانَ
أَوْ أَخْذِ الطَّعامِ مَجّانًا مِنْ تَكِيَّةِ خاصكي سُلطان
لِلمَقْدِسِيَّةِ أَعراضٌ خَطيرَةٌ بِالسَّفَرِ ..
حَيْثُ تَرِتَفِعُ حَرارَةُ الحَنينِ ..
وَتُصيبُ المَريضَ رَعْشَةُ شَوْقٍ لِلأَحياءِ وَالحاراتِ وَالأَزِقَّةِ وَالعَقَباتِ ..
وَيَخْتَلِجُ الفُؤادُ هُناكَ حَيْثُ يُذْكَرُ أَمامَنا كَعْكُ وَفَلافِلُ القُدْسِ وَصَحْنُ الحُمَّصِ والفولِ وَالمُسَبَّحَةِ مِنْ مَطْعَمِ أَبي شُكْري وَالبُنُّ العَدَنِيُّ مِنْ مَحَلّاتِ صَندوقَةَ وَالتَّسالي مِنَ السَّمانَ وَخَلْطاتُ البُهاراتِ وَالزَّنْجَبيلِ وَالعَسَلِ مِنَ المُؤَقِّتَ وَرائِحَةُ النَّعْناعِ وَالبَقدونِسِ وَالمَرْيَمِيَّةِ في شارِعِ صَلاحِ الدّينِ أَوْ في شارِعِ السُّلطانِ سُلَيْمانَ أَوْ عَلى دَرَجاتِ وَبَلاطِ بابِ العمودِ ...
"المَقْدِسِيَّةُ" هِيَ المَرَضُ الوَحيدُ الّذي نَسْأَلُ المَوْلى أَلّا يَشفينا مِنْهُ !!
وَنَشْكُرُهُ كُلَّما اشْتَدَّتْ أَعْراضُهُ .. !!
اللهمَّ فَرِّجْ عَنِ المَسْجِدِ الأَقْصى مِنْ دَنَسِ الكُفّارِ وَعَنِ القُدْسِ وَأَهلِها
آمينُ يا رَبَّ العالَمينَ.
بقلم الأديبة : عبير محمود أبو عيد. فلسطين – القدس
26-8-2022م.

قصة قصيرة بعنوان{{زَمَنٌ جَميلٌ في الماضي}} بقلم الكاتبة والقاصّة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{ عبير محمود أَبو عيد}}


 زَمَنٌ جَميلٌ في الماضي.
بقلم الأديبة : عبير محمود أبو عيد. فلسطين - القدس
كُنْتُ في الصَّفِّ الخامِسِ عِندَما أَرسَلَني والِدايَ إِلى بَيتِ جَدّي لِأُمّي في عَقَبَةِ التَّكِيَّةِ في البَلدَةِ القَديمَةِ بِالقُدسِ. سَأَبقى في ضِيافَةِ جَدّي فُؤادَ يَعقوبَ المُهتَدّي (أَبي يعقوبَ) شَهرَيْنِ كامِلَيْنِ، لِأَنَّ والِدايَ سافَرا إِلى لُبنانَ.
أُخبِرُكُمْ عَنْ جَدّي الّذي كانَ يَعمَلُ في دائِرَةِ الصِّحَةِ، ثُمَّ تَقاعَدَ بَعدَ أَنْ بَلَغَ السِّتينَ مِنْ عُمرِهِ، أَمّا جَدَّتي، فاسمُها "شَكيبَةُ" وَهِيَ تُركِيَّةٌ مِنْ مَدينَةِ "أَسكودارَ"، وَلَكِنَّها مَولودَةٌ في البوسنَةِ. جاءَ بِها جَدّي مِنْ تُركِيّا، وَهِيَ لَمْ تُكمِلِ الرّابِعَةَ عَشْرَ مِنْ عُمرِها. وَكانَ يَسكُنُ مَعَ جَدّي وَجَدَّتي خالي وَعائِلَتُهُ.
وَفي اليَومِ الأَوَّلِ، لاحَظتُ أَنَّ لِجَدّي سَريرٌ وَلِجَدّتي سَريرٌ آخَرَ، وَلَمْ أَجْرُؤْ أَنْ أَسأَلَهُما أَوْ أَسأَلَ خالي أَوْ زَوجَتُهُ : لِماذا يَنامُ جَدّي في سَريرٍ وَجَدّتي في سَريرٍ آخَرَ؟
وَكانَتْ جَدَّتي تَصحو مَعَ جَدّي وَخالي وَزَوْجَتِهِ لِصَلاةِ الفَجرِ جَماعَةً، ثُمَّ يَعودونَ لِلنَّومِ ساعَةً مِنَ الزَّمَنِ، وَبَعدَها يُصبِحُ البَيتُ كُلُّهُ كَخَلِيَّةِ نَحلٍ لا تَهدَأُ وَلا تَمَلُّ. كانَ جَدّي يَحرِصُ أَنْ أَذهَبَ إِلى المَدرَسَةِ وَأَنا في كامِلِ الزِّيِّ المَدرَسِيِّ الجَميلِ. كانَ يَكوي لي قَميصَ وَمَريولَ وَبِنطالَ المَدرَسَةِ بِيَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ حِذائي، يَجِبُ أَنْ يَلمَعَ. أَمّا جَدَّتي، فَكانَتِ المَسؤولَةُ عَنْ شَعري (عَمَلُ جَدّولَتانِ مَعَ وَضعِ الشَّبَرِ الأَبيَضِ حَوْلَ كُلِّ جَدّولَةٍ )، وَعَمَلُ الشَّطائِرِ اللَّذيذَةِ لِلمَدرَسَةِ، ناهيكَ عَنِ الخِيارِ وَالتُّفاحِ وَالإِجاصِ. وَكانَ مَصروفي كُلَّ يَومٍ خَمسَةَ قُروشٍ يَضَعُها لي جَدّي عَلى الطَّاوِلَةِ في غُرفَةِ الجُلوسِ. أَمّا يَومَيِّ الجُمُعَةِ وَالأَحَدِ، فِإِنَّ مَصروفي يُصبِحُ ثَمانِيَةَ قُروشٍ، وَيُمكِنُ أَنْ يُصبِحَ عَشْرَةَ قُروشٍ حَسبَ عَلاماتيَ المَدرَسِيَّةَ. وَكُنتُ أَجتَهِدُ وَأُواصِلُ اللَّيلَ بِالنَّهارِ؛ كَيْ أَحصُلَ عَلى العَشْرَةِ قُروشٍ مِنْ جَدّي؛ فَهِيَ ثَروَةٌ وَكَنزٌ بِالنِّسبَةِ لي.
وَكانَ جَدّي مولَعًا بِشِراء جَريدَةِ القُدْسِ كُلَّ يَومٍ، مِثلَما كانَ والِدي يَفعَلُ. وَكانَ يُحضِرُ الأَغراضَ وَما تَطلُبُهُ جَدَّتي السّاعَةَ الثّالِثَةَ عَصرًا، وَأَكونُ قَدْ رَجَعتُ مِنَ المَدرَسَةِ. وَهُنا يَبدَأُ الصِّياحُ وَتَبدَأُ الحَربُ بَيني وَبَينَ جَدّي الّذي لا يُحِبُّ أَحَدًا أَنْ يَقرَأَ الجَريدَةَ قَبلَهُ، وَأَنا أُريدُ أَنْ أَقرَأَها أَيضًا. وَالظّاهِرُ أَنّي وَرِثتُ هذِهِ الصِّفَةَ مِنْ جَدّي، فَعِندَما تَكونُ جَريدَةُ القُدسِ في البَيْتِ، مَمنوعٌ أَنْ يَقرَأَها أَحَدٌ قَبلي.
وَكانَتْ جَدَّتي بارِعَةٌ ماهِرَةٌ في صُنعِ الكَعكِ بِعَجوَةٍ. وَذاتَ يَومٍ صَنَعَتِ الكَثيرَ مِنهُ، ثُمَّ ذَهَبَتْ لِتُصَلي العَصْرَ. تَسَلْلَتُ بِخِفَّةٍ وَرَشاقَةٍ إِلى المَطبَخِ، وَتَناوَلتُ صِينِيَّةً مُتَوَسِّطَةَ الحَجمِ وَمَلَأْتُها بِالكَعكِ، وَغَطَّيتُها بِكيسٍ كَبيرٍ، ثُمَّ صَعَدتُ إِلى السَّطحِ وَخَبَّأْتُها في زاوِيَةٍ بَعيدَةٍ. وَبَعدَ حَوالي السّاعَةِ، اكتَشَفَتْ جَدَّتي نُقصانَ الكَعكِ، وَدُهِشَتْ مِنْ ذلِكَ الأَمرِ؛ فَلا أَحَدَ يَستَطيعُ تَناوُلَ هذِهِ الكَمِّيَّةِ مِنَ الكَعكِ دُفعَةً واحِدَةً. وَكُنتُ كُلَّ يَومٍ، وَبَعدَ العَودَةِ مِنَ المَدرَسَةِ، أَصعَدُ إِلى السَّطحِ وَأَتَناوَلُ ثَلاثَ أَوْ أَربَعَ كَعكاتٍ، وَأَحرِصُ عَلى مَسحِ فَمّي قَبلَ النُّزولِ. وَظَلَلتُ عَلى هذا الوَضعِ خَمسَةَ أَيّامٍ، ثُمَّ وَضَعتُ الصّينِيَّةَ مَكانَها، وَلَمْ يُلاحِظْ أَحَدٌ ذلِكَ.
وَفي يَومٍ آخَرٍ، استَيقَظْتُ مِنَ النَّومِ السّاعَةَ السّادِسَةَ صَباحًا. يا لَلهَولِ، جَميعُ مَنْ في الدّارِ نائِمون. ارتَدَيْتُ الزِّيَّ المَدرَسِيَّ لِوَحدي وَذَهَبتُ إِلى المَطبَخِ وَعَمِلْتُ شَطيرَتَيْنِ عَلى عَجَلٍ. وَلِأَنَّني كُنتُ خائِفَةً أَنْ أَتَأَخَّرَ عَلى المَدرَسَةِ، نَسيتُ أَخْذَ مَصروفي مِنْ جَدّي. لا أَعرِفُ كَيْفَ كُنتُ أَركُضُ في سوقِ خانِ الزَّيْتِ ثُمَّ بابِ العَمودِ. وَصَلْتُ المَدرَسَةَ وَكانَ البابُ مُقفَلًا؛ فَالسّاعَةُ ما زالَت السّادِسَةَ وَالنِّصفَ صَباحًا. بَكَيْتُ مِنَ الخَوْفِ، وَأَخَذتُ أَطرُقُ البابَ بِشِدَّةٍ. فَتَحَ الحارِسُ البابَ، وَطَمأَنَني أَنَّ السّاعَةَ ما زالَتْ السّادِسَةَ وَالنِّصفَ صَباحًا. وَبَعدَ حَوالي النِّصفِ ساعَةٍ، جاءَ جَدّي إِلى المَدرَسَةِ لِلإِطمِئنانِ عَلَيَّ، وَأَعطاني مَصروفي. وَفي تِلكَ اللَّيلَةِ، خَبَّأَ جَدّي مِفتاحَ البَيتِ تَحتَ وِسادَتِهِ، كَيْ لا أُكَرِّرَ ما فَعَلتُهُ في ذلِكَ الصَّباحِ.
وَكُنتُ أَنامُ عَلى فَرشَةٍ عَلى الأَرضِ بَينَ سَريرَيْ جَدَّتي وَجَدّي. وَكانَ يَحرِصُ جَدّي أَنْ أَنامَ السّاعَةَ السَّابِعَةَ مَساءً، ما عَدا يَومَيِّ الخَميسِ وَالسَّبتِ، فَالنَّومُ يَكونُ السّاعَةَ الثّامِنَةَ مَساءً؛ لِأَنَّ المَدرَسَةَ تُعَطِّلُ يَوْمَيِّ الجُمُعَةِ وَالأَحَدِ. وَذاتَ يَومٍ، كُنتُ نائِمَةً، فَسَمِعتُ جَدّي يَقولُ : "ابنَةُ ابنَتي عَبيرُ لا تُحِبُّني؛ فَهِيَ تُديرُ لي ظَهرَها". وَبَعدَ حَوالي الأُسبوعِ، سَمِعتُ جَدّتي في اللَّيلِ تَقولُ : "أَهَذِهِ عَبيرُ الّتي أُحِبُّها؟ لِماذا تُديرُ لي ظَهرَها"؟ فَاحتَرتُ في أَمري وَكَيفَ أُرشي جَدّي وَجَدَّتي. وَكانَ الاتِّفاقُ أَنْ يَكونَ وَجهي مُقابِلًا لِجَدَّتي في ذلِكَ اليَومِ، وَيَكونُ وَجهي مُقابِلًا لِجَدّي في اليَومِ الّذي يَليهِ. وَهَكَذا فَرِحَ الجَميعُ بِخُطَّتي الّتي تَنِّمُ عَنِ الذَّكاءِ وَحُبّي الكَبيرَ لِجَدَّتي وَلِجَدّي.
وَعادَ والِدايَ مِنَ السَّفَرِ بَعدَ حَوالي الشَّهرَينِ، وَعُدتُ إِلى بَيتي وَالدُّموعُ تَملَأُ عَينايَ. رَحِمَكُما اللهُ يا جَدَّتي ويا جَدّي وَجَعَلَ مَأْواكُما الجَنَّةَ.
بَقِيَ أَنْ تَعرِفوا، أَنَّهُ إِذا مَرَرتُمْ بِمَقبَرَةِ اليوسُفِيَّةِ بِالقُربِ مِنْ بابِ الأَسباطِ، هُناكَ عَلى جِهَةِ اليَسارِ، وَأَنتَ ذاهِبٌ إِلى المَسجِدِ الأَقصى، شَجَرَةُ سَروٍ طَويلَةٌ جِدًّا. هذِهِ الشَّجَرَةُ مِنْ عُمرِ جَدّي، رَحِمَهَ اللهُ، وَهُوَ وَجَدَّتي مَدفونانِ تَحتَها.

قصيدة تحت عنوان{{نِداءُ الأَحِبَّةِ}} بقلم الشاعرة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{عبير محمود أَبو عيد}}


 نِداءُ الأَحِبَّةِ.
-------------
أَيُهذا الزَّمانُ تأْمُرُنا بِاللِّقاءِ لِنَأْخُذَ مِنكَ كُلَّ الثَّناءِ
لَوْ عَرَفْتَ مَعنى الحُبِّ مَرَّةً لَقُلتَ لَوعَةَ المُشتاقِ لِلرَّجاءِ
وَلَوْ شَعَرتَ بِالأَسى مِثلَنا لَفَهِمتَ الظَّلامَ مِنَ السَّناءِ
أَذكُرُ زَمَنَ الطُّفولَةِ وَالشَّقاوَةِ فَأَتيهُ في دُنيا أُمومَتِكِ مُحَلِّقَةً في السَّماءِ
فيكِ أَتَغَنّى بِشِعري مَوهِبَةً رَحَلتِ عَنْ دُنيايَ فَزادَ وَاللهِ شَقائي
أُمّاهُ لا مَخلوقٌ غَيرُكِ يَتَراءى تَغَنّى بِكِ الشُّعَراءُ لِلشُّعَراءِ
أَرتَقي بِالوَصلِ يا مَليكَةَ روحي
يا رَقيقَةَ المَشاعِرِ تَسمو في العَلياءِ
طَيفُكِ باتَ ضَيفًا مُكَرَّمًا يَرنو عَلَيَّ مِنْ صَباحٍ وَمَساءِ
حُبّي لَكِ فاقَ كُلَّ التَّوَقُعاتِ أَنتِ الوَطَنُ فيهِ أَجِدُ انتِمائي
أَتَحَدَّثُ مَعَ صورَتِكِ المُعَلَّقَةِ في شَراييني
في مُحَيّاكِ أَجِدُ التَّرجَمَةَ لِكُلِّ النِّساءِ
لَوْ خَيَّروني بَينَ البَشَرِ وَبَينَكِ
لَقُلتُ لَهُمْ أَنتِ كُلَّ الرَّجاءِ
لِأَنَّ الدُّنيا وَإِنْ جارَتْ عَلَيَّ فَأَنتِ دُموعي عِندَ بُكائي
وَأَنتِ السَّعادَةُ أَشعُرُ بِها دائِمًا فَهَلّا عَرَفتُمْ حَقيقَةَ نِدائي؟؟

قصة قصيرة بعنوان{{جيرانُ الرِّضا}} بقلم الكاتبة والقاصّة الفلسطينية القديرة الاستاذة {{ عبير محمود أَبو عيد}}


 جيرانُ الرِّضا.
----------------
بقلم الأديبة : عبير محمود أَبو عيد.
فِلَسطين - القُدس - وادِ الجوز.
- أُمّي، اليَومَ هُوَ حَفلُ زَفافِ أُختي ماجِدَةُ. مَنْ هذِهِ الّتي تَتَصَوَّرُ مَعَ أُختي وَزَوجِها؟ وَمَنْ هَؤُلاءِ الصَّبايا بِجانِبِها؟ وَمَنْ هذا الشَّخصُ بِجانِبِ زَوجِ أُختي؟
- يا بنَتي يا عَبيرُ، هذِهِ السَّيِّدَةُ رِفقَةُ أُمُّ نَبيلٍ الكُردِ، وَهِيَ أَرمَلَةٌ. إِنَّها زَوجَةُ خالِ زَوجِ أُختِكِ، وَهذا نَبيلُ : ابنُها الوَحيدُ، وَهَؤُلاءِ أَخَواتُهُ : ناديا وَنَبيهَةُ وَناريمانُ وَنِسرينُ وَمَيساءُ.
- يا اللهَ يا أُمّي كَمْ أَحبَبتُ هذِهِ السَّيِّدَةَ الأَنيقَةَ وَبَناتِها الجَميلاتِ!
وَفي يَومٍ مِنَ الأَيّامِ، وَكانَ يَومُ خَميسٍ، وَكُنتُ في الصَّفِّ الخامِسِ الأَساسِيِّ، قالَتْ لي أُمّي بَعدَ عَودَتي مِنَ المَدرَسَةِ :
- عَبيرُ، يا بنتي الغالِيَةَ، الرَّجاءُ أَنْ تُراجِعي دُروسَكِ اليَومَ وَتَكتُبي جَميعَ وَظائِفَكِ.
- لِماذا يا أُمّي؟ أَنا أُريدُ أَنْ أَرتاحَ، وَغَدًا الجُمُعَةُ هُوَ يَومُ الإِجازَةِ وَأَستَطيعُ فيهِ الدِّراسَةَ وَحَلَّ وَظائِفي كُلَّها بِسُهولَةٍ.
- وَلَكِنْ نَحنُ سَنَذهَبُ غَدًا بَعدَ الصَّلاةِ إِلى مَنزِلِ جارَتِنا الغالِيَةِ أُمِّ نَبيلٍ، فَنَحنُ مَدعُوونَ عَلى مائِدَةِ الغَداءِ عِندَها، وَسَتَكونُ أُختُكِ وَزَوجُها هُناكَ.
- أَنا مَسرورَةٌ جِدًّا يا أُمّي، وَسَأَعمَلُ بِما تَقولينَ. لَقَدْ سَمِعتُ أَنَّ الجَدَّةَ أُمَّ نَبيلِ أَرمَلَةٌ مَنذُ زَمَنٍ بَعيدٍ. يَقولونَ إِنَّ لَدَيها بُستانٌ جَميلٌ جِدًّا وَواسِعٌ وَفيهِ أَشجارُ اللَّوزِ وَالأَسكي دُنيا وَالتُّفاحِ وَالعِنَبِ.
وَفي صَبيحَةِ يَومِ الجُمُعَةِ، أَنهَتْ أُمّي أَعمالَ البَيتِ بِسُرعَةٍ بَعدَ أَنْ تَناوَلنا جَميعًا طَعامَ الإِفطارِ. ذَهَبَ والِدي لِلصَّلاةِ في المَسجِدِ الأَقصى وَعادَ وَرَآنا نَنتَظِرُهُ عَلى أَحرِ مِنَ الجَمرِ. وَذَهَبنا وَقَدْ حَمَلَ والِدي ما لَذَّ وَطابَ مِنَ الفاكِهَةِ وَالحَلَوِيّاتِ. كَما اشتَرَتْ أُمّي لِلجَدَّةِ اُمِّ نَبيلٍ ساعَةَ حائِطٍ كَبيرَةٍ كَهَدِيَّةٍ لِدُخولِنا لِبَيتِها لِلمَرَّةِ الأُولى.
وَاستَقبَلَتنا الجَدَّةُ أُمُّ نَبيلٍ وَالابتِسامَةُ تَعلو وَجهَها، وَكانَتْ مائِدَتُها حافِلَةً بِالطَّعامِ الشَّهِيِّ وَكُلُّهُ مِنْ صُنعِ يَدِها. وَأَذكُرُ أَنَّني كُنتُ أَلعَبُ في البُستانِ وَأَنا فَرِحَةٌ كَثيرًا. وَبَعدَ الغَداءِ، تَناوَلنا الشّايَ الأَخضَرَ في وَسَطِ البُستانِ. وَقَدْ أَحضَرَ ابنُها نَبيلٌ صَحنًا فيهِ مِنْ فاكِهَةِ البُستانِ الكَبيرِ.
وَتَوالَتِ الزَّياراتُ بَينَ عائِلَتي وَعائِلَةِ الجَدَّةِ أُمِّ نَبيلٍ. وَتَزَوَّجت بَناتُها ما عَدا ناديةُ، أَمّا فَرحَتُها، فَكانَتْ كَبيرَةً بِزِواجِ ابنِها نَبيلٍ وَقَدْ أَنجَبَ وَلَدينِ وَابنَتَينِ : مُنى وَمُحَمَّدٌ (تَوأَمانِ) وَمَها وَمَحمودٌ.
وَلِأَنَّ بَيتَ الجَدَّةِ صَغيرٌ، فَقَدْ قَرَّرَ نَبيلٌ أَنْ يَبنِيَ بَيتًا لِعائِلَتِهِ مُلاصِقًا لِبَيتِ والِدَتِهِ. فَشَرَعَ في بِنائِهِ وَأَثَّثَهُ بِالأَثاثِ اللازِمِ. وَلَكِنَّهُ فوجِيءَ بِقَرارٍ مِنَ المَحكَمَةِ يَقضي بِإِغلاقِ البَيتِ وَتَسليمِ المِفتاحِ لِلحُكومَةِ. وَقَدْ عَزَّ عَلى نَبيلٍ بِناءُ بَيتِهِ وَعَدَمُ السَّكَنِ فيهِ. كانَ الأَمرُ مِنَ المَحكَمَةِ بِأَنَّ البَيتَ قَدْ بُنِيَ دونَ إِصدارِ تَرخيصٍ بِذلِكَ. طَلَبَ نَبيلٌ مِنَ المَحكَمَةِ أَنْ يَقومَ بِهَدمِ البَيتِ بِنَفسِهِ، وَلَكِنْ كانَتِ الأَخيرَةُ تُماطِلُ حَتّى بِقَرارِ الهَدمِ. وَبَعدَ تِسعِ سَنَواتٍ، فوجئَ نَبيلٌ بِاستيلاءِ الأَغرابِ عَلى بَيتِهِ، بَعدَ أَن رَموا بِجَميعِ الأَثاثِ في الخارِجِ. وَلَقَدْ حاوَلَ نَبيلٌ وَوالِدَتُهُ التَّصَدّي لِلأَغرابِ وَلِلأَعداءِ، لكِنْ دونَ جَدوى. وَاستَولى الأَعداءُ عَلى بَيتِ نَبيلٍ، وَأَقاموا فيهِ يُعَربِدونَ وَيَسكَرونَ وَيُخيفونَ نَبيلَ وَعائِلَتَهُ بِالكِلابِ الّتي عَضَّتْ نَبيلَ أَكثَرَ مِنْ مَرَّةٍ.
وَحاوَلَتِ الجَدَّةُ أُمُّ نَبيلٍ بِكُلِّ ما أُوتِيَتْ مِنْ عَزيمَةٍ صَلبَةٍ وَإِرادَةٍ قَوِيَّةٍ التَّصدّي لِلأَغرابِ، وَذلِكَ عَنْ طَريقِ المَحاكِمِ، لَكِنْ دونَ جَدوى أَيضًا. وَتُوُفِّيَتْ ابنَةُ السَّيِّدَةِ رِفقَةِ، مَيساءُ، مِنْ مَرَضِ عُضالٍ. وَتَبِعَتها الابنَةُ ناديا المُصابَةُ بِالقَلبِ. ثُمَّ تُوُفِّيَتْ أَيقونَةُ الصَّبرِ الجَدَّةُ أُمُّ نَبيلٍ، وَلَمْ تَرَ أَو تَدخُلَ بَيتَ ابنِها نَبيلٍ. وَقَدِ استَولى بَعدَ ذلِكَ غَريبٌ واحِدٌ عَلى البَيتِ وَظَلَّ فيهِ لِوَحدِهِ.
ثُمَّ لِتَكتَمِلَ مَسرَحيَّةُ آلِ الكُردِ المليودراما، جاءَ الأَمرُ بِإِخلاءِ السَّيِّدَةِ رِفقَةِ الكُردِ مَعَ عائِلَتِها مِنْ بَيتِها الّذي تِسكُنُ فيهِ، وَذلِكَ قَبلَ وَفاتِها. لَقَدْ جاءَ الأَمرُ لِأَربَعِ عائِلاتٍ بِالإِخلاءِ، ثُمَّ تَطَوَّرَ الأَمرُ لِثَماني عائِلاتٍ أُخرَياتٍ، أَيْ أَصبَحَ كُلُّ الحَيِّ مُهَدَّدٌ بِالإِخلاءِ. وَفي سَنَةِ 2009م.، استَولى الأَعداءُ وَالغُرَباءُ عَلى مَنازِلَ عائِلَتَينِ في الحَيِّ هًما : عائِلَةُ الغاوي وَعائِلَةُ حَنّونٍ، وَسَكَنَتْ جَميعُ العائِلاتِ المَنكوبَةِ في العَراءِ وَفي الخِيامِ وَتَحتَ المَطَرِ وَالبَردِ القارِسِ. أَيُّ نَكبَةٍ نَعيشُها نَحنُ؟؟؟
وَكَبُرَتِ المُناضِلَةُ مُنى نَبيلُ الكُردِ وَأَخوها التَوأَمُ مُحَمَّدٌ، وَقَدْ شاهَدا الظُلمَ مُنذُ نُعومَةِ أَظفارِهِما. دَرَسَتْ مُنى مادَةَ الإِعلامِ في جامِعَةِ بيرَ زَيتٍ، وَانبَرَتْ كَالأَسَدِ في عَرينِهِ تُدافِعُ عَنْ حَيٍّ بِأَكمَلِهِ، وَقَدْ تَشَبَثَتْ بِقُوَّةٍ مِنَ الإِيمانِ أَكبَرَ مِنَ العالَمِ بِأَسرِهِ. الحَيُّ لَيسَ بِحاجَةٍ إِلى المالِ، وَلَكِنَّهُ بِحاجَةٍ إِلى دَعمٍ مِنَ العالَمِ بِأَكمَلِهِ، فَهُمْ أَصحابُ الحَقِّ وَهُمْ أَصحابُ الدّارِ. وَكانَ الشّابُ مُرادُ عِطِيَّه وَوالِدَتُهُ السَّيِّدة نُهى، بِالإِضافَةِ إِلى عائِلاتِ الحَيِّ، قَدْ تَعَرَّضوا لِلتَّنكيلِ وَالإِعتِداءِ عَلَيهِمْ أَكثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، سَواءٌ مِنَ الأَغرابِ أَو مِنَ الأَعداءِ. وَلَكِنْ كُلُّ هذا ما زادَهُمْ إِلّا صُمودًا وَثَباتًا بِحَيِّهِم وَبِأَرضِهِم الّتي وُلِدوا وَتَرَعرَعوا فيها.
وَانبَرَتْ جَميلَةُ فِلَسطينَ الإِعلامِيَّةُ كريستينُ ريناوي، وَما زالَتْ، تَنقُلُ لِلعالَمٍ بِأَسرِهِ ما يَجري في حَيِّ الشيخِ جَرّاحٍ. وَبِالذّاتِ في شارِعِ عُثمانَ بنِ عَفانَ، مِنِ انتِهاكاتٍ لِحُرِّيَّةِ أَفرادِ الحَيِّ هُناكَ. مَمنوعٌ أَنْ تَرسُمَ عَلى جِدارِ بَيتِكَ، وَمَمنوعٌ أَنْ يَلعَبَ الأَطفالُ بِالطّائِرَةِ الوَرَقِيَّةِ، وَمَمنوعٌ أَنْ تُمسِكَ بِريشَةِ الأَلوانِ لِتُعَبِّرَ فيها عَنْ حُرِّيَتِكَ. "كُلُّ الجِدارِ هُوَ مُلكٌ لِلأَعداءِ" : هذا هُوَ قَرارُهُمُ الأَخيرُ. مَمنوعٌ لِلقَريبِ في العيدِ أَوْ أَيَّةِ مُناسَبَةٍ أُخرى أَنْ يأْتِيَ لِزِيارَةِ أَقارِبِهِ في الحَيِّ. وَإِذا خَرَجَ مُواطِنٌ مِنَ الحَيِّ، فَهُوَ يَتَعَرَّضُ لِلسُّؤالِ، وَيَجِبُ أَنْ يُبرِزَ الهَوِيَّةَ. باتَ أَهالي الحَيِّ يَعيشونَ في سِجنٍ كَبيرٍ فَرَضَهُ العَدُوُّ عَلَيهِمْ. وَهذا السِّجنُ لَمْ وَلَنْ يَستَمِرَّ، يَرَونَهُ بَعيدًا وَنَراهُ قَريبًا.
وَما زالَ السُؤالُ يَطرَحُ نَفسَهُ : هَلْ نَشاهِدُ نَكبَةَ عامِ 1948م. تِعودُ مِنْ جَديدٍ؟؟؟ وَهَلْ هَناكَ تَغريبَةٌ ثانِيَةٌ لِعائِلاتِ هذا الحَيِّ الجَميلِ؟؟؟؟

قصيدة تحت عنوان{{خجلك الشديد}} بقلم الشاعر المصري القدير الاستاذ {{حسام الدين صبرى}}


 خجلك الشديد
 ___________________________________
أَنَا لاَ أنتَقِد خَجَلكِ الشَدِيْد، 
   بَل أُرِيدُكِ أَكثَر وأكثَر
   أُرِيدُ أن أقتَحمَ عَاَلَمكِ 
وبِعِطرِ هَذَا الجَسَدِ أسْكَر
أُرِيدُ أنْ أصطَلِى جَحِيمَ أنفَاسُكِ
وأغفُو عَلى صَدركِ ولاَ أشعُر
حَانَ الوقت، الأُنثَىَ السَجِينَة 
    أنْ تَنتَفِض وتَتَحَرَر
   وتُسلِم لِرِياَحِي الَعَاتية  
   وسمَاءُ أحَاسِيسُهَا تُمطِر
فَلَاَ تَقُوُلِي مَاتَ الَقَلبُ وكَيفَ
      لِلخَرِيفِ أنْ يُزهِرْ
وفي عَينَيكِ ألفَ ألف ربيعٍ
وعَلى خَصركِ سَرِيرٌ أخضَر
فَثُورِي عَلى جَليدِ حَيَاتَكِ وعَلَى
     هَذا الخَوفِ المُستَعْمِر
     واجعَلِي ثَورتكِ البَيضَاء 
             ثَورةُ عَاشِقَة
      تُحكَى للدنيا وتُسطر
ودَعِيني أُلَملِمُ مِنْ عَينَيكِ كَلِمَاتٍ 
لَم تُكتبُ قبلكِ علَى بَردِيةٍ أو دَفتَر
وأغْزِلُ ثَوبكِ الجَديدَ مِن جَسَدِي
        من لَهِيبٍ لاَ يَتَبَخَر
وآرَاكِ كَمَا تَستَحقِين أن تَكُوني
    امرَأةً على أنفَاسِي تِسَيطِر
   مُتعَبَة وذَابِلة بالوَهَمِ سَيدَتي 
               لاَ أكثَر
أنتِ طِفلَةُ فِى عُنفُوَانِ رَبِيعِهَا
وزَهَرة بَينَ النِسَاء أجمَلُ وأنضَرْ
    دَعِينى أشِمُ عِطر أنُوثَتك
فَعِطرُك بينَ النِساءِ أعمَقُ وأخطَر
 ومَابينَ القَلب والعَقلِ ألفُ ألف
  شَجرةُ شِعرٍ بِكِ أُروِيهَا وبِكِ
         مولاَتي سَتُثمِر
دَعِيني أرسِمُ لَوحَاتُكِ بِقَلبي
    وأهَمس لِنَبعَكِ لِيتَفَجَر
   وأطُوفُ شَوارِعُ جَزِيرَتكِ  
        بِألف قَصِيدة بل أكثر
إن الشَوق يَقتُلنى وكُؤوسُ الصَبر
        حَبيبتي لاَ تُسكِر
عَلى شَفَتي وقفت القَهوةُ حَائرَة
    تَنتَظِرُ شَفَتَيكِ كَقِطعَة سُكَر
     فَلَاَ تَخجَلِي ولَاَ تَخَافِي
     مِن جُنونِ القَلبِ إذ تَهَور
لَملِمِ مَاتَبقَى من رُفَاتٍ واستَفِذي
    واستَفِذى قُوتي لأعبُر
    وأعِيدِي بِنَائي عَلَى يَدَيكِ 
    وحَرِري المَاء الذى تَحَجَّر
        وسَافري بي مَاشِئتِ
      من خَطرٍ بعيدٍ للأخطر
واعبَثي بدفَاتري ومَزقِيها لوشِئتِ
          واترُكِيهَا تَتَبعثَر
  ورَقصِيني والهِميني كلماتٍ
   تُنقَشُ عَلَى صَدركِ لاَتَتَبَعثَر
وكُونِي لِي مَأوى ووَطَن فَوطني 
    حَبِيبَتَى لاَ يَسمَع ولاَ يَشعُر
سَئمت زَنازِينَه وسجَّانه وسَيافَهُ 
           الذي لاَ يُقهَر
 تَجرعتُ فيه كَأسَ الهَزيمةِ والمَذلة،
    وزَعَمَ حُكَامهُ أنَهٌ كَأسُ مَرمَر
     ورَأيتُ فيهِ شبَابي يبورُ  
ووطَنِى يَسألُ أينَ الرَبِيعُ الأخضَر؟
 تركتهُ، رحَلتُ عنهُ واتخَذتُكِ أنتِ 
            وطني الأكبر
 أنَا ألفُ ألف أُحِبُكِ فَدَعِينِي آرَاكِ
           كَما أتَصَور
 ____"______________________________
حسام الدين صبرى