بمدامعي
لا توقظْ بنيرانِ ذكراكَ جحيمَ فراقي
فنارُ الذكر يقتلني وجعاً و يثورُ غضبي
دعْ شحوبَ اليأسِ بمرها ترقدُ بحالي
ففي العينِ حجرٌ و بالصدرِ جمرُ اللهبِ
فأمسكْ بأطراف مناسكِ كلما دارَ الردى
كالريحِ برفقةِ الغيمِ في السفرِ الأرتبِ
أضرمْ بناركَ في الفؤادِ كقناديلُ الظلامِ
حطمْ كل أوصالَ دنياك مني و الأدبِ
فهذا الدهرُ لركنهِ مالهُ يشدني شاحباً
كفرٌ بالدروبِ و دمعٌ الأغضبُ الأغضبِ
فأنا نصفُ مقتولٍ بشركِ الهوى و رديمٌ
أجرُ بمضاريحي للنوى و الروحُ بِمغْيَبِ
أقلبُ لليمينِ بجرحي و أهدهُ بالشمالِ
سيفٌ يطولُ بالوغن و سيفٌ يلهو يلعبِ
و الوجعُ البليغُ بحالهِ مالي أشدهُ أرقاً
و كأني ناطحٌ بجدارُ الموتِ في الوكبِ
شريدٌ أجولُ خلف الذكرياتِ بمهادمي
لا شفاهٌ يضجُ بقبلةٍ و لا القمرُ يَقرُبِ
إن كانَ للبعدِ قسمةٌ فأين زمنُ اللقاءُ
و أحاديثُ العشرِ بليالي الحبْ المحَببِ
فلو كانَ للسنينِ لسانٌ يبوحُ بما دارنا
لغدتْ الأوجاعُ بحالها و خجلُ الَشغَبِ
وطيفُ الخلِ مازالَ يدورُ بجوارَ ضفتي
كالنسيمِ يرنو بعطرهِ بشذاهُ الطيبِ
حملتهُ بزمنُ الصبى كما تحملُ السماءُ
نجومها و أرهقتُ العمرَ بالوغى الرَهَبِ
تبارحَ بغلهِ و راحَ يقطعُ بالسيفِ ذابحاً
حتى بانَ وجهُ الطعنِ بشكلهِ الأعجبِ
إني أعوذُ بآخري كلما جاءَ ليجهدني
بشدةِ الاوجاعِ ناديتُ يا وجعُ الأقربِ
يا أيها البعيدُ بالغيابِ أدارني بوجههِ
قل للزمانِ ما هدني و ما أوجعَ نسبي
مالكَ تمضي كالغريبِ راقهُ نزفَ دمي
تكاسرني بمرُ الجروحِ و تغلبُ بالمهربِ
مالكَ لاتسألُ عن صحبةُ العمرِ بعشرتهِ
كالريخصِ رحتَ تسلو بالحلمِ و النُدبِ
فهاكَ بيضُ اليدينِ مازالتْ تسيلُ منها
روائحُ اللمسِ من نهدٍ شلتُهُ بأثرُ اللَعْبِ
فويحَ زمنكَ لوكانَ يدري كم دارَ بعلتهِ
لعادَ خاشعاً من ربُ الرحيمِ الأوهبِ
و إني هجرتُ النومَ كالمريضِ يصارعُ
الوجعَ بالداءُ الكفيفِ الأعزلُ الأغربِ
قسماً بدينَ الخلقِ لم أنساهُ يوماً إنما
بدارهِ راحَ النسيانُ يهدُ طاعنً بالرُسُبِ
فهذا الرحيلُ و هذا الكفرُ كيفَ أحملهُ
و كل الدروبِ نواقصٌ تداريها النَكبِ
هي الأقدارُ من تباركتْ بسقوط الدمعِ
مهلهلةٍ فإستباحتْ نواظري و الهُدبِ
و ليسَ بحالُ العمرِ إلا وجعُ الندامةِ
كلعنةُ الويلِ المرسوبِ بالوهمُ الأجْرَبِ
ابن حنيفة
مصطفى محمد كبار
حلب سوريا ٢٠٢٤/٥/١٨